الفكر النهضوي الأردني..؟؟

 

وليد حسني

 

تساءل الصديق الشاعر غازي الذيبة في صفحته على الفيس بوك إن كان ثمة لدينا مفكر صاحب مشروع نهضوي يمكننا أن نختلف معه أو نتفق عقليا، لا عشائريا أو أمنيا أو سياسيا؟"، وقد تجرأت بالإجابة على إدراجه بالنفي، فليس ثمة من يفعلها في محيطنا الثقافي المحلي.

هنا يبدو السؤال الثقافي الأردني بحاجة لجرأة اوسع ولفتح البيكار أكثر لرسم دائرة اكثر اتساعا لسؤال لا يزال معلقا في فضاء المثقف الأردني ليصبح السؤال" هل ساهمنا عربيا في التأسيس لمشروع ثقافي نهضوي ؟؟".

ولا ادري ما هي مناسبة طرح الزميل غازي الذيبة لهذا التساؤل والحفر في المحيط الثقافي الأردني، لم اسأله ربما لقناعتي بأنه كان يسأل من فرط التشوق لمشروع أردني نهضوي واضح المعالم والظلال، ولربما كان يسأل خفية إن كان ثمة تأثير للمثقف الأردني في الفضاء الثقافي العربي؟ وأين يتموضع هذا التأثير ويتمظهر ــ إن كان متوافرا أصلا ــ؟ وما هي علاماته وشخوصه؟.

بدا السؤال مثيرا للشفقة، تماما كما هي النتائج التي ترتبط بالضرورة بالتساؤل، وبقدر ما في السؤال من شفافية فبقدر ما فيه من أسى وفجيعة، فالمثقف الأردني لا يزال حبيس محيطه الضيق، وسجين بيئته الإجتماعية، وضحية الأمني، والسياسي، والإقتصادي...الخ.

وحين ننظر الى المشاريع النهضوية الفكرية العربية نجدها أكثر من متعددة تبدا من المغرب العربي، وتنتهي في العراق، مرورا بكل أقطار العروبة، لكن لا تبدو هذه المسطرة قد وصلتنا، لأنها تنزاح عن محيطنا الجغرافي وتتجاوزنا.

ان كل مثقف ومبدع هو بالضرورة صاحب مشروع نهضوي، وهذه المسطرة تنطبق  على مثقفينا وكتابنا ومفكرينا الأردنيين، لكن للأسف لم يتبلور في الأفق الأردني أية ملامح لمشروع فكري نهضوي واضح العلامات والأركان، وباستثناء المشروع الفكري السياسي الذي حاول المرحوم ناهض حتر العمل عليه بالرغم من تطرفه بعيد المدى، فلا يبدو لي في الخارطة الثقافية الفكرية الأردنية من يمتلك مثل هذا المشروع.

اليوم وقد انهينا مرحلة الإستماع للخطاب البرامجي الحكومي  الذي عرَّج على ما أسماه " مشروع النهضة الوطنية الشاملة" فإن ملامح هذا المشروع لا تزال في علم الغيب، ولا أظنه سيخرج من صندوق الأماني والخطابات المناسباتية، فحتى هذه اللحظة بقي التبشير بهذا المشروع حبيس عقل الرئيس الرزاز، ولا اظنه بالنتيجة سيكون مشروعا نهضويا بالمعنى والقيمة والمضمون موضوع سؤال الزميل غازي الذيبة الذي ينحت في صخرة الفكري على حساب ميوعة السياسي والخدماتي.

المثقفون الأردنيون أسرى لحالة من التردي والتشظي التي لن تسمح لأي منهم بالتفرغ لمشروع فكري نهضوي بعيد المدى، فهم أسرى لسطوة الحياة والتكاليف المعيشية، وليس لدينا من يتولى رعاية مثل هذه المشاريع الكبرى من المؤسسات الجامعية او حتى مراكز الدراسات، او دور النشر، او حتى وزارة الثقافة، او رابطة الكتاب الأردنيين، والأهم من ذلك كله هو عدم رغبة المثقف الأردني بالتضحية في لقمة عيشه للتفرغ لمشروع فكري نهضوي قد يسلبه حقه بتامين لقمة خبزه.

يظل سؤال الزميل الذيبة معلقا في الفضاء، فليس ثمة منا من لديه القدرة على التفرغ لمثل تلك المشاريع الفكرية، وباستثناء بعض المشاريع الأكاديمية التي لا تخرج عن مهمات الدرس الجامعي الاكاديمي، فإن الساحة تبدو غارقة تماما في الصمت المثير للشفقة. وللتساؤل أيضا؟؟//.