بركة البيبسي وعجائب الأردن  

بركة البيبسي وعجائب الأردن  

 

حنان المصري

 

في كل بلدان العالم نجد معالم تاريخية ثقافية تميز كل بلد بهوية خاصة فيه  ففي فرنسا يوجد برج إيفل ، وفي إيطاليا يوجد برج بيزا المائل ، وفي مصر توجد الأهرامات .. الخ ...

أما في الاردن فهناك البتراء .. وبركة البيبسي !!

بركة البيبسي هذه لمن لا يعرفها ليست بركة مليئة بالبيبسي كما قد يتبادر إلى الذهن ، بل هي بركة مياه عادمة صبت فيها المخلفات الملوثة لمصنع البيبسي وبعض المصانع المجاورة فكونت مكرهة صحية بيئية عابرة للحكومات كما هي ازمتنا الاقتصادية الحالية ،

تعايش معها سكان المنطقة قسرا بلا حول ولا قوة ، فلا يوجد بها سفارة أجنبية ولا بيت لمسؤول ولا مزرعة لمتنفذ !!

هي مجرد بركة ولكنها أعجزت دولة بأكملها بوزاراتها وهيئاتها وخبرائها ومقاوليها ونوابها ورؤساء بلدياتها وحتى مجالس محافظاتها ، ليأتي رجل تربوي دمث الخلق فيخرج بحل لهذه المعضلة المتفاقمة فيجففها في أسبوع  !!

ثلاثون عاما وهذه البركة المعجزة راكدة بصمت قاتل ، صامدة في وجه  التقلبات الجوية والصفقات السياسية والانتخابات البلدية والظروف البيئية

تنفث السموم والروائح الكريهة ، فأصبحت مؤشرا على نوع منتشر من الفساد وهو التهميش والتجاهل ، ومرتعا وموطنا لكافة أنواع الحشرات والقوارض ، غير آبهة بركب التطور على الاوتوستراد القريب المزدحم ،،

هي كارثة وطنية تنموية بيئية ، وجميع تفاصيلها خارج حدود الزمن ،،

تحدت الزمن وتحدت هبوب الريح ، تجاوزها المستقبل والفكر الإبداعي ، وتجاوزتها حملات النظافة المنمقة باللون الفسفوري الجاهزة للتصوير على صفحات مواقع التواصل والظهور الإعلامي ،،

كيف لا وهي المعجزة التي أعجزت رؤساء الحكومات الأردنية على مدى ثلاثة عقود ، فنسيت نفسها وتناساها المسؤولون ومروا بجانبها مرور الكرام، لم يستطع أحد منهم إيجاد حل لهذه المكرهة الصحية على مشارف بلدة مزدحمة بالسكان ، كانت لديهم دوما أولويات ، ولا ندري ماذا كانت أولوياتهم إذا كان ولا زال الطريق الصحراوي وجميع الطرق المؤدية للجنوب منهكة ومتهالكة ، وأعمال الصيانة وملايين عطاءاتها الدائمة لم تشفع للبنية التحتية للمدارس والمراكز الصحية البعيدة عن العاصمة ، فالبعيد عن العين بعيد عن الهدف  !!

ماذا كانت أولوياتهم ؟؟

كم عملية انتخابية نيابية بلدية لامركزية نقابية وحزبية جرت على مستوى الوطن خلال ثلاثين عاما ؟؟ ماذا فعل الفائزون بعد نشوة الفوز ؟؟ وكان جل ما نحتاجه عملية جراحية تجمل بعض ما حولنا وتصلحه بأقل النفقات ،،

كم حكومة تشكلت وتعدلت وكم هيئة مستقلة بين ليلة وضحاها من العدم وللعدم خلقت ؟؟

وكم مشروع وكم عطاء وكم من الأموال العامة بجرة قلم أهدرت ؟؟

ليست بركة البيبسي وحدها كانت مهملة، حتى اصبحت تكلفة إصلاحها ستة ملايين !! فالوطن يعج بمستنقعات الفاسدين اصحاب الملايين الذين تكسبوا بلا إكتفاء حتى أصبحت الوانهم باهتة ورائحتهم بنكهة الدخان.// !!