"الطفل مجدي".. مثّل استشهاده ونالها بنفس الطريقة

 

غزة - صفا

وقع الاختيار على الطفل مجدي السطري (11عامًا)، من بين أصدقائه الأربعة ليؤدي مشهدًا تمثيليًا، يرفع خلاله علم فلسطين فوق سياج، ثم يتعرض لرصاصة من قناص إسرائيلي ترديه شهيدًا، ويُلف بنفس العلم.

 

لم يكن يتصور أصدقاء الطفل "مجدي" الذي يقطن مخيم الشابورة للاجئين الفلسطينيين وسط مدينة رفح جنوبي قطاع غزة؛ أن يتحول المشهد التمثيلي لحقيقة بعد أسبوعين فقط، إذ أطلق قناص إسرائيلي رصاصة على رأسه أثناء مشاركته في مسيرة العودة وكسر الحصار، ففارق الحياة على الفور.

 

أصدقاء الشهيد الذين حملوه على الأكتاف في المشهد التمثيلي، وهو موشحًا بالعلم الفلسطيني، وقفوا في حالة صدمة أمام المشهد الحقيقي، فلم يقدروا على حمله، سوى إلقاء نظرة وداع وقبلة على جبينه.

 

يقول الطفل محمد أبو شرخ صديق الشهيد وأحد المشاركين في المشهد التمثيلي إن المشهد أصبح حقيقة مؤلمة، "كنا نلعب بسرور مع بعضنا، لكن الاحتلال اختطفه منا. لقد كان أعز أصدقائي".

 

ورغم أن محمد شارك بحمل صديقه عندما كان يُمثّل دور الشهيد، إلا أنه لم يتوقع يومًا أن يفارق الحياة، لكنه أيقن أن صديقه رحل عندما شاهده غارقًا في دمائه ومن حوله والداه يبكيان.

 

ويضيف لمراسل وكالة "صفا"، "جئت إلى منزل صديقي هذه المرة ليس للعب كما كل مرة، بل لألقي نظرة الوداع عليه للمرة الأخيرة. أتمنى من الله الله أن تعود لنا حقوقنا وأرضنا التي استُشهد لأجلها صديقي أمس".

 

تساؤلات بلا أجوبة

 

أما خلود أبو نقيرة (36عامًا) والدة الشهيد، فبدت غير قادرة على الحديث وهي تبكي بحرقة، لكنها تقول إنها حاولت منع طفلها من الذهاب إلى المنطقة الحدودية خوفًا على حياته بسبب القتل الإسرائيلي المتعمد للأطفال، لكنه أصر على الذهاب وعاد شهيدًا.

 

وتضيف لمراسل وكالة "صفا"، "عاش طفلي بسيطًا كما أطفال المخيم، يبحث عن حرية وحياة كريمة. كان يلهو ويطمح لأن يصبح لاعب كرة قدم كما كانت هوايته، لكن رصاصة غادرة من الاحتلال اخترقت رأسه فقتلته وأحلامه".

 

وكان من المقرر أن يلتحق الطفل مجدي بالصف السادس الأساسي في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بعد نحو شهر.

 

وتتساءل الأم: "لماذا قتلوا طفلي، ما هو الذنب الذي اقترفه ليقتل بهذه الطريقة البشعة، هل كان يحمل مدافع وأسلحة؟؛ لقد كان يحمل حقه في العودة إلى بئر السبع.. مدينته المحتلة".

 

"غرسوا الحزن فينا مبكرًا، وقتلوا الحياة، وحرمونا من أبنائنا، الذين حافظنا عليهم وتعبنا في تربيتهم؛ فالاحتلال حمّلهم الهم مُبكرًا ولاحقهم وقلتهم بدمٍ بارد"، تضيف أبو نقيرة.

 

وتساءلت مُجددًا "إلى متى سيبقى العالم الظالم صامتًا ويكيل بمكيالين، إلى متى سيبقى صامتًا على القتل والجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق أطفالنا، لو كان المقتول طفلًا يهوديًا لتحرك العالم، وكأن أطفالنا ليسوا أطفالًا".

 

واستشهد 155 مواطنًا- بينهم 19 طفلًا- برصاص قوات الاحتلال شرقي القطاع منذ انطلاق مسيرات العودة في 30 مارس الماضي، فيما أصيب نحو 16 ألفًا بينهم 394 في حالة خطرة؛ وفق وزارة الصحة.