الاغتيال

الاغتيال

بلال العبويني

قد يعتقد البعض انه من غير المناسب الحديث اليوم عن اغتيال الشخصيات والهجمات المدبرة بليل للإساءة لشخصية عامة بهدف الحط من قدرها لحرقها أمام الرأي العام، وذلك بسبب أنه قد يكون هناك من يفهم المراد على ما نبغي وتحديدا الاتهامات التي تطالب البعض بمحاولة تبييض ساحة المتهمين بقضية مصنع الدخان المهرب.

بيد أن ما حدث خلال الأيام الماضية مع شخصيات عامة تم نشر أخبار مغرضة وملفقة عنها وصلت إلى حد الإسفاف في ترويج مقاطع فيديو مخلة بالآداب لشخصية في المغرب العربي وترويجها على أنها لإحدى الشخصيات العامة في الأردن.

تلك تهمة لا تغتفر، وأصعب ما قد يُتهم به الرجل الشريف العفيف هو ما تعلق بأخلاقه، ذلك أنه ليس وحده من قد يتأثر بالاتهامات بل قد يصل الأمر إلى أهل بيته وإلى المقربين منه وهنا مكمن الخطر تحديدا أن ثمة انحدارا في ثقافة الكثير ممن يروج تلك الأنباء والصور والفيديوهات دون أن يكلف نفسه عناء التدقيق بالملامح حتى ودون عناء النظر في كادر الصورة التي ظهر فيها علم الدولة لتلك الشخصية العربية التي انتشر لها فيديو مخل بالآداب.

في عالم مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت الأمور أخطر مما كانت عليه، فبكبسة زر ينشر المستخدم ما يشاء، وربما يلجأ لتقنية على فيسبوك بترويج المنشور ليصل إلى أكبر عدد من مستخدمي الموقع لتعم الإساءة، وليس هذا فحسب.

بل، مع عالم مواقع التواصل الاجتماعي الجديد أصبح بمقدور أي شخص إنشاء حساب وهمي يبث من خلاله ما يريد من إساءات بحق من يريد من شخصيات، وهذا من الخطورة بمكان أنه قد يتحول إلى عمل منظم بين متنافسين أو خصوم أو حاقدين لتحطيم شخصية عامة وإزاحتها عن الطريق من أجل التقدم على حسابها.

من دون أن يدري غالبية المتهورين على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم سبب رئيس في قوانين وتعديلات على قوانين تنال من حرية التعبير والانتقاد المنضبط، وهي حسب القوانين الموجودة لدينا اليوم يدان مرتكبها ولكن الخوف يكمن في زيادة التشديد على تلك القوانين بحيث تقضم المزيد من حرية التعبير.

ولعل الكتاب والصحافيين والمراقبين هم من أكثر المتضررين من التشدد في القوانين السالبة للحرية أكثر، بحيث يجدون أنفسهم مكبلين غير قادرين على انتقاد الأداء الحكومي والبرلماني وغيرهما خوفا من أن يسقطوا ضحية القوانين السالبة للحرية.

قد يرى الكثيرون أن تشديد القوانين حل للتخلص من حالة اغتيال الشخصيات التي نشهدها كل يوم على مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن الحقيقة غير ذلك إذ يجب العمل أكثر على التوعية والتثقيف ولعل المدرسة بيئة مناسبة لذلك من خلال إخضاع الطلاب لدورات داخل المدرسة أو خارجها أو إدراج ثقافة النقد أو أخلاقيات استخدام مواقع التواصل ضمن مساق تثقيفي لا منهجي حتى يدرك الطلبة الفرق بين النقد المباح والقذف غير المباح، حتى يكونوا قادرين على التفريق بين الصورة المباح نشرها وبين الصورة التي تجرم صاحبها إن نشرها، حول ما يمكن إعادة توجيهه من منشورات وبين عكس ذلك.

الواقع مخيف اليوم، ومؤذٍ، لكن الحل بالتثقيف المتواصل لا بالتشدد في القوانين.//