حرب على الفساد

حرب على الفساد

 

أ.د.محمد طالب عبيدات

أما وقد تجاوزت حكومة دولة الدكتور عمر الرزاز عتبة الثقة التي منحها إياها مجلس النواب الموقّر لتضاف لثقة جلالة الملك والشارع على السواء، والتي كانت من حُسن الطالع أنها متوازنة ووسطية وغير خيالية ولا تتجاوز سقف التوقعات بل جاءت أكثر من المطلوب بواقع ١٤ صوتاً فقط، وهذه النوع من الثقة ميزان للحكومة ولمجلس النواب حيث يعطي الثقة وعطوة المائة يوم للحكومة بشرط أنها تبقى تحت المجهر من قبل مجلس النواب والشارع لغايات المراقبة والمساءلة، وكذلك أن مجلس النواب يبقى تحت المحك من حيث إعطاء الفرصة للحكومة لإنجاز ما وعدت به، لكن المعضلة الأكبر هي مكافحة ومحاربة الفساد بكافة أشكاله:

1. أخذت الحكومة ودولة الرئيس على أنفسهم وعداً بمحاربة الفساد والمفسدين، وتقديم كل من يثبت تورّطت بقضية فساد لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وهذا إستهلال رائع وموفّق نال الرضا الشعبي.

2. تطفو على السطح قضية أشغلتْ الرأي العام ووسائل التواصل الإجتماعي حيث تواجد مصانع الدخان المُهرّب وهروب صاحب القضية قبل مداهمته بيوم بالرغم من وجود النية الصافية والحسنة لدى الحكومة لمساءلته وتحويلة للقضاء.

3. من حيثيات قضية الدخان والمتورطون بها يوحى للجميع كثير من القضايا المفصلية والتي أساسها وجود شبكات وتشبيكات لفاسدين حان وقت تقديمهم للعدالة ولتنبري الحكومة بأخذ هذا الدور الذي يستوجب ذلك في هذا الزمان، مع وجود بعض الإختراقات للمعلومات حول متابعة المتورطين بقضايا فساد والدليل هروب المعني قبل مداهمته.

4. واضح أن مؤسسة الفساد متجذّرة وكلّ له أدوار فبعضهم متمرّس في الإدارة أو التخطيط أو التنظيم أو التسهيلات أو التبرير أو التغطية أو الإعلام أو العلاقات العامة أو نقل المعلومة أو المستفيدون أو غيرها وأدلة ذلك من وحي قضية الدخان أصبحت واضحة للعيان.

5. الفساد والفاسدون يسيئون لنا جميعاً ولوطننا و قصص نجاحه، حتى وإن كان مقابل كل فاسد حوالي عشرة آلاف نظيف وشريف من أبناء الوطن الأشم، ولذلك مطلوب الضرب بيد من حديد على كل فاسد يعبث بالمال العام مالياً أو إدارياً أو فنياً مهما علا منصبه أو موقعه الإجتماعي، فنحن دولة مؤسسات وقانون ولم نعُد نتحمّل المزيد من المجاملة أو الطبطبة أو إطفاء الحرائق هنا وهناك، بل نريد منظومة متطوّرة وتشاركية في مكافحة الفساد.

6. مطلوب أن يتم التسريع في البت في قضايا مكافحة الفساد التي ورد فيه أدلّة ملموسة، وبالمقابل مطلوب عدم الإتهام الجزاف والخوض مع الخائضين من على وسائل التواصل الإجتماعي دون أدلّة.

7. مباركة القيادة السياسية العليا من لدن جلالة الملك للحكومة بمكافحة الفساد يجب أن يعطيها الضوء الأخضر بالبدء بالرؤوس التي أينعت وثبت تورّطها وحان قطافها، فالحكومة ورئيسها الذي نثق به أمام المحك والإمتحان وهذا وقته، فلتبادر بالمساءلة ومحاسبة الفاسدين أنّى كانوا.

8. أجهزتنا الأمنية والرقابية والقضائية قادرة وجهوزيتها عالية على توفير المعلومة والأدلّة وإحضار كل المطلوبين للقضاء لتوجيه التهم والمساءلة وإعطاء العقوبات اللازمة، وما على الحكومة إلا أن تتصرف بإمتلاك الولاية العامة.

9. لا يجوز أن نبقي وسائل التواصل الإجتماعي تروِّج وتشيع وتخلط الحابل بالنابل لكل القضايا المفصلية وتساهم في إستهداف الوطن وتكون أداة هدم لا بناء، فضرورة إيجاد خلية أزمة إعلامية بات ضرورة ملحة لإعطاء المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب ودرء الفرصة على كل عابث أو يحاول المساس بأمن الوطن ولتكون الإستجابة الإعلامية في وقتها.

بصراحة: نحتاج إعلان خطوات عملية على الأرض لمكافحة الفساد وتحويل كل فاسد للقضاء العادل، والمرحلة تحتاج حرب على الفساد، وأعتقد أن الحكومة تمتلك أدوات ذلك وهي تحت المحك والتجربة، فالكل قابل للمساءلة والمحاسبة ولا تحييد لأي رأس كان، ومتفائل بنجاحها في ذلك. بحول الله تعالى.