في ذكرى سعيد شقم

 

د. أيّوب أبو ديّة

 

لم يمضِ وقت طويل على معرفتي بمعالي سعيد شقم (أبو كريم) إذ تعرفت إليه خلال رئاستي جمعية حفظ الطاقة واستدامة البيئة عندما كانت اجتماعاتنا تتم في النادي الأهلي حيث استمرت لسنوات طويلة. وبصفته رئيساً للنادي الأهلي آنذاك ، كان يتردد على اجتماعاتنا بين الحين والأخر ثم انتسب للجمعية بكل تواضع وحماسة. وبمرور الوقت أصبحنا على اتصال أكبر ومعرفة أعمق ببعضنا البعض.

وعندما انتهت دورة الهيئة الإدارية للجمعية عام 2015 قمت بترشيحه لرئاستها حيث وافق مشكوراً، وهنا زادت علاقتي به عمقاً، ولا أذكر أننا عندما اقترحنا مشروعاً ما أنه ماطل أو عقد أو اختلق  الأعذار، بل كان يوافق على ما هو خير ويثني على صاحب الفكرة؛ وهذه خصلة لا نجدها في أغلب الناس من حولنا، فما أن يشرع الإنسان بطرح الأفكار حتى يجد من يحبطه ويعقد الأمورعليه ويسد الأبواب من أمامه. لذلك، كان أبو كريم من هذا الجانب إنساناً طيباً يثق بالآخرين ويشجعهم لتحقيق الإنجاز تلو الإنجاز والتي كان آخرها تقديم جوائز للطلبة والمعلمين الذين فازوا بمسابقة الرسم البيئي للطاقة المتجددة والنظيفة لمدارس المملكة بتاريخ 5 أيار 2018.

وكان أبو كريم يروي لنا عن نشاطاته في وزارة الشباب وكيف كان يضطر أحياناً إلى أن يتخذ قرارات سريعة يتجاوز بها القانون والبيروقراطية حتى يستطيع أن ينجز الفكرة في أقرب وقت لتسريع المنفعة العامة. هذا ما نسميه الشجاعة في الأداء والكفاءَة العالية في الإدارة، فعندما يكون الإنسان نظيفاً وشريفاً وصادقاً فإنه لا يخاف أن يتخذ أي قرار جريء من شأنه أن يحقق المصلحة العامة.

    كذلك كان مرحاً يضفي الألفة والمحبة والود والراحة والطمأنينة في قلوب الحاضرين، فلا تشعر بأنه يراقبك أو ينتظر زلاتك، بل كان إذا شعر بحاجتك للدعم يدعمك، وإذا كنت بحاجة إلى الطمأنينة فيقوم بالابتسام لطمأنتك وخلق الجو المريح للحوار؛ وهذه موهبة على الأرجح أنها موروثة لأنها غير مكتسبة.

   وكان متواضعاً من حيث أنه كان يلبي النداء في أي حوار يطلب منه، وأذكر أنني دعوته لمدارس كامبريدج في عمّان العام المنصرم للحوار حول قضايا الشباب مع طلبة المدرسة وكنت معجباً بأسلوبه الشعبي في الحوار وقدرته على التواصل مع الفئات العمرية كافة، حيث أوضح أهمية التركيز على طاقات الشباب الجسدية كوسيلة لتطوير مهارات الشباب الجسدية والذهنية معا بل لتطوير مهاراتهم في الاتصال الاجتماعي والحوار الإنساني وتقبل الخسارة بصدر رحب؛ وكلها سمات ضرورية للانخراط في المجتمع وبخاصة عند بلوغ مرحلة الجامعة، لأنّ الفرق الرياضية تقرب الناس من بعضها البعض وتقرب بين الثقافات والأديان والأعراق وتلغي الحواجز بينهم وتمتص طاقاتهم السلبية وتجعلهم أخوة في فريق واحد وهدف واحد ووطن واحد.

أتمنى لأهله وذويه وأقربائه وأقرانه الصبر والسلوان ونطمئنهم أن ذكراه سوف تبقى خالدة لأن شخصيته كانت مميزة من حيث الصدق والأمانة والوطنية ومحبة الآخرين، فإلى جنات الخلد يا أبا كريم.//