اكتشاف كوادريليون طن من الألماس في باطن الأرض ينسف قيمته الـ "نادرة"

وأخيراً حصل «بعض» الرجال على مرادهم،  دراسة موثّقة بالدليل العلمي تؤكد أن حجر الألماس ليس نادراً ولا نفيساً، بل متوافراً بكثرة على كوكب الأرض.

كوادريليون طن من الالماس، عُثر عليها في باطن الأرض، أي الرقم واحد بجانبه 15 صفراً!

لطالما حامت نظريات تتهم تجارة الألماس بأنها أكبر خدعة تسويقية في تاريخ البشرية، واليوم تأتي هذه الدراسة لتقتل أي حلم أو أمل باقتناء حجر عمره ملايين السنين، يجسد بين زواياه المثالية قصة حب ورسالة تقول: «تستحقين أغلى ما في هذا الكون»!

ولكن الوصول إلى هذا الكنز ليس بهذه السهولة، الأمر الذي قد يمد في عمر قيمة هذه الأحجار بعضَ الشيء.

علماء أميركيون اكتشفوا وجود مليارات الأطنان من الألماس، تستقر في باطن الأرض داخل الصفائح التكتونية عند عمق معدله 160 كيلومتراً، ووجدوا أغلب الكمية عند الصفائح الفاصلة، بعضها بين القارات.

ففي هذه الدراسة التي أجريت في 19 يونيو/حزيران الماضي، وأعدها تجمع من جامعات ومعاهد علمية شهيرة، أهمها معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وجامعة هارفارد، وباحثون من معهد كارنيغي في واشنطن، توصلت في خلاصتها إلى  مؤشرات تؤكد وجود كميات تعادل كوادريليون طن من الألماس (أي مليون مليار طن من الألماس).

وكوادريليون طن تعني 1 وبجانبه 15 صفراً، أي ما قيمته بسعر اليوم 9 وبجانبه 21 صفراً من الدولارات!

كيف اكتشف العلماء وجود هذه الكميات المهولة من الألماس؟!

لنجيب عن هذا التساؤل، نشير في البداية أن هناك أجزاء مستقرة من الغلاف الصخري للأرض تأخذ هيئة كتل صخرية على شكل جبال مقلوبة رأساً على عقب  تسمى الكراتونات.

في الأغلب تكون هذه الكراتونات أقل كثافة وأكثر برودة من بقية الصخور المحيطة بها، ولذلك تصل لها الموجات الصوتية بشكل أسرع، وذلك لأن سرعة الموجات الصوتية تتغير وفقاً للتركيب ودرجة الحرارة وكثافة الصخور والمعادن التي تتكون منها.

عندما استخدم العلماء المجسات وأجهزة قياس الزلازل وتقنيات تعتمد على استخدام الموجات الصوتية المتنقلة عبر القشرة الأرضية، لاحظوا أن الأمواج الصوتية تتحرك بشكل أسرع في قاع الكراتونات، واستمرت التجارب العديدة لمعرفة السر وراء ذلك.

رجَّح العلماء وجود الألماس في بعض هذه الكراتونات لعدة أسباب، من بينها أن سرعة الصوت في الألماس أكثر بمرتين من سرعته في الصخور الأخرى.  وأوضح أولريش فول، وهو عالم أبحاث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن إحدى خصائص حجر الألماس هي السرعة التي تنتقل بها الموجات الصوتية عبره.

وهناك سبب آخر، وهو أن أنابيب الكمبرلايت توجد على حواف الجذور الكراتونية.

ما هي أنابيب الكمبرلايت؟  

يتشكل الألماس في طبقات الأرض على عمق 150 كم من سطح الأرض أو يزيد، في محيط درجات حرارةٍ عالية يستمدّها من الحمم البركانية الذائبة في باطن الأرض، وضغط عالٍ نتيجة العمق الذي يتواجد به، ومدّة زمنية طويلة تقدر بملايين السنين.

يخرج الألماس من باطن الأرض إلى السطح مع الحمم البركانية أثناء انفجار البراكين، وذلك في شكل صخور كبيرة، تحتوي بداخلها على الألماس، والذي يدعى باسم «كسينوليثس».

تتسبب هذه الثورات البركانية بوجود قنوات في الطبقات العليا لسطح الأرض، التي تدعى قنوات الكمبرلايت. ولذلك يجد  العلماء أنه من المنطقي العثور على الألماس في الكراتونات؛ لأن أنابيب الكمبرلايت توجد على حواف الجذور الكراتونية.

ومن خلال التجارب على بعض الصخور، وجد العلماء أن إحداها احتوت على نسبة مذهلة من 1% إلى 2% من الألماس المفيد للكراتونات؛ لأنه يساعدها في البقاء مستقرة ويحافظ عليها من الانخساف.

لا تتحمس كثيراً للأمر.. فهناك أمر سيُعيق العلماء عن الوصول لكنوز الألماس!

تقع هذه الكمية من الألماس على بعد يصل من 90 إلى 150 ميلاً تحت سطح الأرض، وهي مسافة عميقة للغاية لم تصل إليها أية بعثة تعدين من قبل، ولم تصل حتى لبعد قريب منها!

الحفر إلى هذا العمق أمر مستحيل تقريباً، إلا أن العلماء يرون أن ما تم اكتشافه يثبت على الأقل أن الألماس ليس عملة نادرة، بل متواجد بكثرة في صخور تلك الصفائح العميقة.

هل يمكن للألماس الموجود في الكواكب أن يكون استثماراً مستقبلياً!

ولا ينحصر وجود الألماس على كوكب الأرض حصراً، إذ اكتشفت علماء الفلك كواكب في الكون الشاسع، كان الألماس العنصر الأساسي في تكوينها، مثل الكوكب الصخري الذي اكتشف عام 2012، وأطلق عليه علماء الفلك «كانكري 55«، وهو يدور حول نجم يشبه الشمس على بعد 40 سنة ضوئية.

وفي بحث علمي نشر في (أكتوبر/تشرين الأول 2013) للدكتور كيفن بينز من جامعة ويسكونسن ماديسون، طُرحت فرضية أن تشكل الكواكب مستقبل الاستثمار الفضائي في الألماس، فكوكب زحل والمشتري قد يحتويان ماساً مشابهاً لما نملكه على كوكبنا، إلا أنه سيكون أكثر كثافة.

 

وتوقع البحث وجود أكثر من 10 آلاف طن من الألماس، الذي يمكن أن يصل حجمه إلى حجم «كف اليد».

وفي العام 2018، وبعد تحليل بقايا نيزك سقط في السودان عام 2008، اكتشف علماء كميات من الألماس يعود مصدرها إلى كوكب مفقود، كان يدور في الماضي حول النظام الشمسي.

وشكَّلت جامعة الخرطوم فريقاً من المختصين لجمع قطع النيزك المتناثرة، والتي يبلغ عددها حوالي 480 قطعة وتزن 4 كيلوغرامات.

ويبدو أن حب المرأة اقتناء هذه الأحجار النفيسة والبراقة لا يصب بعيداً عن حب اكتشاف العلماء تاريخ تكوينها على الأرض وفي السماء، أما الجانب التجاري في الموضوع فيسجد دائماً مخرجاً لبيع مجوهرات ماسية، حتى لو كان مصدرها من خارج المجموعة الشمسية!.