4 أعوام على عدوان 2014 ومعاناة غزة تتواصل

صورة اخبارية

إعادة الإعمار يسير ببطء

4 أعوام على عدوان 2014 ومعاناة غزة تتواصل

غزة - صفا

وافق امس السبت السابع من يوليو، الذكرى السنوية الرابعة للعدوان الأخير الذي شنّه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014، والذي وصف بالأكثر عداونية وشراسة على مدار 51 يومًا.

وتأتي الذكرى الرابعة لهذا العدوان في وقت لا يزال فيه القطاع يعاني من أوضاع اقتصادية وإنسانية "كارثية"، لم يسبق لها مثيل خلال العقود الأخيرة، بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن 11 عامًا، وبطء عملية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال خلال عدوان 2014.

وبدأ العدوان العسكري الإسرائيلي على القطاع، بعد قصف متبادل مع المقاومة الفلسطينية في غزة إثر تفجر الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة بعد خطف مستوطنين الطفل المقدسي محمد أبو خضير في القدس المحتلة يوم 2 يوليو 2014 وتعذيبه وحرقه.

وازدادت الأوضاع سوءًا بعد إعادة قوات الاحتلال اعتقال عشرات من محرري صفقة "شاليط"، ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني من حركة حماس.

وأعقبت تلك الاعتقالات اندلاع احتجاجاتٌ في القدس والأراضي المحتلة وأراضي عام 1948، واشتدت بعد دهس مستوطن إسرائيلي عاملين فلسطينيين قرب حيفا المحتلة.

ومنذ بداية العدوان تبين أن هدف "إسرائيل" من عدوانها على القطاع للمرة الثالثة هو تدمير قدرات فصائل المقاومة الفلسطينية وبنية القطاع التحتية ومنازل المواطنين وممتلكاتهم لتحريضهم ضد فصائل المقاومة.

وأعلن الاحتلال انطلاق حملته العسكرية باسم "الجرف الصامد"، وردّت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقامة الإسلامية (حماس) بإطلاقها اسم "العصف المأكول" على تصديها للهجوم، بينما اختارت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي اسم "البنيان المرصوص" لعملياتها.

ارتكاب مجازر

في اليوم الأول من العدوان استدعى جيش الاحتلال 40 ألفًا من قوات الاحتياط، وارتكب مجزرة مروعة في مدينة خان يونس بالقطاع راح ضحيتها 11 شهيدًا و28 جريحًا فلسطينيًا، ثم توالت المجازر بحق عدة عائلات، وقصفت المباني والمساجد والأبراج السكنية والبنية التحتية في غارات جوية مكثفة.

وارتكبت قوات الاحتلال خلال عدوانها انتهاكات جسيمة ومنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ترقى لمستوى جرائم الحرب، في ظل صمت المجتمع الدولي تجاه التزاماته القانونية والأخلاقية.

وخلص تقرير للجنة تقصي الحقائق حول العدوان الإسرائيلي، نشر نهاية يونيو 2015 وعرف بتقرير "ديفيس"، إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة "يرقى إلى جرائم الحرب"، وأن 142 عائلة على الأقل فقدت ثلاثة أفراد أو أكثر في الهجوم على المباني السكنية أثناء الحرب، حيث شنت "إسرائيل" أكثر من ستة آلاف غارة جوية، وأطلقت نحو 50 ألف قذيفة مدفعية.

المقاومة الفلسطينية

وأبدت الفصائل الفلسطينية مقاومة شرسة على مدى أيام العدوان، وردت بقصف مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، قبل أن يتوسع قصفها ليطال عشرات المدن الرئيسية والمستوطنات داخل فلسطين المحتلة، مثل القدس وتل أبيب ومطار بن غوريون واللد والرملة وهرتزليا وريشون ليتسيون وأسدود وحيفا، وصولًا إلى مناطق البحر الميت وحتى بئر السبع.

وأظهرت الفصائل قدرة قتالية وتطوير لآلياتها في المقاومة بشكل لم يتوقعه الاحتلال الذي لجأ إلى "القبة الحديدية" في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، وأعلن عن تدمير عدد منها.

الخسائر

وخلف العدوان على غزة صيف 2014 خسائر كبيرة في قطاع غزة وعند الاحتلال الإسرائيلي:

خسائر غزة

بعد العدوان على غزة، أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرًا شاملًا عن الخسائر البشرية والمادية بالتعاون مع وكالة الصحافة الفلسطينية.

وأظهر التقرير استشهاد 1742 فلسطينيًا 81% منهم من المدنيين، بينهم 530 طفلًا و302 امرأة و64 لم يتم التعرف على جثثهم لما أصابها من حرق وتشويه، واستشهاد 340 مقاومًا فلسطينيًا، وجرح 8710 من مواطني القطاع.

وتسبب العدوان، بإصابة 302 سيدة، منهن 100 سيدة تعاني من إعاقة دائمة، كما أصيب (3303) من بين الجرحى بإعاقة دائمة، وفق الإحصائية.

واستشهد أيضًا 11 من العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) و23 من الطواقم الطبية العاملة في الإسعاف و16 صحفيًا.

ودمر القصف الإسرائيلي للقطاع 62 مسجدًا بالكامل و109 مساجد جزئيًا، وكنيسة واحدة جزئيًا، و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة، كما فقد نحو مائة ألف فلسطيني منازلهم وعددها 13217 منزلًا، وأصبحوا بلا مأوى.

خسائر الاحتلال

على صعيد خسائر "إسرائيل"، قُتل 64 جنديًا وستة مستوطنين بينهم امرأة، ومن بين الجنود القتلى من يحملون أيضا جنسيات أخرى كالأميركية والبلجيكية والفرنسية، وغيرها.

أما الجرحى فقد بلغ عددهم 720 جريحًا، فضلًا عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي وصلت إلى 560 مليون دولار في قطاع السياحة، و370 مليون دولار وغيرها.

وأبان عن هذه الخسائر تقرير أعده مراقب الدولة "يوسف شبيرا" حول إخفاقات "حرب غزة" صيف 2014، والتي هددت بالإطاحة برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق موشي يعلون.

وكانت كتائب القسام أعلنت في يوليو 2014 أسر الجندي أورون شاؤول أثناء تصديها للاجتياح البري شرق مدينة غزة، فيما اختفت آثار الضابط هدار جولدن في الأول من أوغسطس 2014 شرق مدينة رفح بعد عملية للقسام.

ولا يقتصر المفقودين في قطاع غزة على "هدار وشاؤول"، فقد سمحت الرقابة الإسرائيلية في يوليو 2015 بنشر نبأ اختفاء الإسرائيلي "أبراهام منغستو" من ذوي الأصول الأثيوبية بقطاع غزة قبل 11 أشهر (سبتمبر 2014)، بعد تسلله من السياج الأمني شمال القطاع.

وكانت كتائب القسام بينت في الأول من إبريل العام الجاري أن رئيس حكومة الاحتلال يكذب على الإسرائيليين ويضللهم، فيما وضعت على خلفية ناطقها العسكري صورة لأربعة جنود قالت إنها: "لن تقدم معلوماتٍ حولهم دون ثمن".

إعادة الإعمار

وبعد وقف العدوان الإسرائيلي، عقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومشاركة 50 منظمة وحكومة، حيث تعهدت الدول المشاركة بتقديم 5.4 مليارات دولار للفلسطينيين، نصفها لإعادة إعمار القطاع الذي لحق به دمار واسع.

فيما النصف الآخر لتلبية بعض احتياجات الفلسطينيين، غير أن إعمار القطاع، وترميم ما خلّفته الحرب، يسير بوتيرة بطيئة عبر مشاريع خارجية بينها أممية، وأخرى قطرية.

وكشف الخبير الاقتصادي ماهر الطباع في تقرير نشره بمايو 2017 أن 1,796 مليار دولار وصلت لإعمار غزة حتى نهاية 2016 صُرف منها 670 مليون دولار لصالح إعادة الإعمار فقط أي بنسبة 37%، و293 مليون دولار كدعم عام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" بنسبة 16%، و280 مليون دولار كبند مساعدات إنسانية بنسبة 16%.

ويتضح أيضًا صرف 336 مليون دولار لبند دعم الموازنة العامة (السلطة الفلسطينية) بنسبة 19%، وصرف 86 مليون دولار لصالح بند وقود بنسبة 5%، وبند أخرى "بدون تفصيل أو توضيح" بنسبة 7%.

ولم تمحو الأعوام الأربعة الماضية الآثار المدمرة للعدوان على غزة، فالآلاف من الأسر ما تزال مهجرة عن منازلها التي دمرت، ويعيشون في بيوت مستأجرة وفي ظل أوضاع إنسانية صعبة.

وبحسب وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية، فإن (5500) أسرة ما تزال مهجرة عن منازلها المدمرة وتنتظر إعادة إعمارها، كما زاد استهداف المصانع والمنشآت والمحلات التجارية والتي لم يؤهل عدد كبير منها حتى اليوم، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية لسكان القطاع المتدهورة أصلًا نتيجة الحروب السابقة، والحصار الخانق.

وكانت مؤسسات القطاع الخاص قالت في بيان لها في فبراير الماضي "للأسف الشديد إن واقع عملية إعادة الإعمار لا يسر عدوًا ولا حبيبًا، ولم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية ومازالت تسير ببطء شديد كالسلحفاة ومتعثرة".