هل وقعت إسبانيا مجددا أسيرة أسلوبها التقليدي؟

الانباط -  أسلوب مضى عليه الزمن، أم يحتاج فقط إلى ضخ دم جديد؟ وقعت إسبانيا مرة أخرى أسيرة التزامها المطلق بالأسلوب الذي قادها إلى فرض هيمنتها على الساحتين القارية والعالمية وإحراز ألقاب كأس أوروبا 2008 و2012 وكأس العالم 2010.
التزام "لا روخا" بأسلوب لعبه المرتكز على احتكار الكرة وتمريرها حتى الملل، تسبب بتنازله عن لقبيه العالمي العام 2014 بخروجه من الدور الأول، وكأس أوروبا 2016 بخروجه من الدور ثمن النهائي.
وبعدما أفلتوا من الفخ وتجنبوا الخروج من الدور الأول لكأس العالم للمرة الثانية تواليا، اعتقد الإسبان أن الطريق أصبح ممهدا أمامهم للذهاب بعيدا في مونديال روسيا 2018، لكنهم سقطوا مجددا في فخ الالتزام بأسلوبهم وبصلابة منتخب روسي عرف كيف يجرهم إلى ركلات الترجيح (انتهى الوقتان الاصلي والاضافي بالتعادل 1-1).
عرف أصحاب الضيافة كيف يتعاملون مع أسلوب الـ"تيكي تاكا" الذي اشتهر به برشلونة وممرره الى المنتخب الوطني منذ حقبة المدرب الراحل لويس اراغونيس الذي قادهم إلى لقب كأس أوروبا 2008.
كل ما على الروس فعله أمام "لا روخا" أول من أمس الأحد في موسكو كان التمركز في منطقتهم واقفال المنافذ ومشاهدة ايسكو ودافيد سيلفا ورفاقهما يمررون الكرة بينهم حتى وصل عددها الى 1029 تمريرة، مقابل 202 فقط لأصحاب الضيافة طيلة الدقائق الـ120.
لكن في نهاية المطاف تحقق الانجاز الروسي وبلغوا ربع النهائي للمرة الأولى منذ أيام الاتحاد السوفياتي عبر ركلات الترجيح، فيما حزم الإسبان أمتعتهم وعادوا مبكرا الى بلادهم للبطولة الثالثة تواليا.
دخلت اسبانيا الى النهائيات العالمية على خلفية 20 مباراة متتالية دون هزيمة، منذ خسارتها أمام إيطاليا صفر-2 في الدور ثمن النهائي لكأس أوروبا 2016.
ورغم الهزة التي حصلت على رأس الهرم الفني باقالة جولن لوبيتيغي والاستعانة بفرناندو هييرو قبل يوم من افتتاح النهائيات الروسية على خلفية الاعلان عن انتقال الأول الى ريال مدريد، واصل "لا روخا" سلسلته وحتى أنه ودع النهائيات دون هزيمة (ركلات الترجيح لا تحسب هزيمة) للمباراة الـ24 تواليا.
لكن هذا الرقم لا يعني شيئا على الإطلاق وما فعله الروس أول من أمس على ملعب "لوجنيكي" كان أفضل رد على التعنت الاسباني وتمسكه بأسلوبه الذي أصبح مقروءا من الجميع.
ومن المرجح أن يعود ايسكو بعد الذي حصل عن التصريح الذي أدلى به حين قال "يجب أن نكون أوفياء لاسلوبنا الذي يحدد هويتنا، حتى الموت. يجب أن نلعب، نضاعف التمريرات، الاستحواذ على الكرة".
لكن "في الرياضة، الأمر الأهم هو الفوز"، وهذا التصريح ليس صادرا عن المدرب البرتغالي لمانشستر يونايتد الإنكليزي جوزيه مورينيو أو مدرب فرنسا ديدييه ديشان، بل عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كان أكثر الناس سعادة بتأهل بلاده الى ربع النهائي على حساب "لا روخا" الذي هاجمته صحافة بلاده، متحدثة عن "منتخب مدمر" و"فشل بالأحرف الكبيرة".
ورأى مدير صحيفة "سبورت" الكاتالونية ارنست فولش ان التشكيلة الاسبانية كانت "تحصل على الكرة لكن من دون فرص، من دون عمق، وعلى الخصوص تترك خصمها يعادل النتيجة في مباراة كانت تعتقد انها فازت بها منذ اللحظة التي سجلت فيها الهدف".
وكانت نهاية محزنة جدا لبطل مونديال 2010 اندريس إنييستا الذي أعرب عن خيبته لخروج منتخب بلاده في آخر مباراة دولية معه، مشيرا إلى انها "ليست أفضل وداع، ولكنها كرة القدم والحياة هكذا".
وأضاف إبن الرابعة والثلاثين عاما "أترك المنتخب بطعم مرير وصعب، لقد توقف مشوارنا لأننا لم نتمكن من التقدم خطوة أخرى، وان نكون في مستوى هذه الظروف".
وأضاف لاعب وسط برشلونة السابق المنتقل حديثا الى نادي فيسل كوبي الياباني "المهم هو إيجاد طريق الانتصارات، وهو أمر ليس سهلا، إنه أكثر تعقيداً مما يبدو، ولكن هناك جيل صاعد، ولدينا لاعبين في المستوى".
وبعد اعتزال الحارس ايكر كاسياس، تشافي هرنانديز، تشابي الونسو، دافيد فيا ثم إنييستا، يلوح في الأفق قرار مماثل من جيرار بيكيه (31 عاما)، دافيد سيلفا (32) أو سيرخيو راموس (32).
وخلافا لمنتخبات أخرى مثل الأرجنتين، لا تفتقر إسبانيا الى اللاعبين القادرين على استلام الشعلة، من ايسكو الى ماركو أسنسيو (كلاهما 22 عاما) ولوكاس فاسكيز (27) وكوكي (26) وساوول (23).
لكن من أجل استخراج أفضل ما يملكه الجيل الجديد ومزجه مع خبرة الباقيين من الجيل القديم، على الاتحاد الإسباني ايجاد بديل لهييرو الذي يفتقد الى الخبرة التدريبية، والبحث عن مدرب يضيف بعدا جديدا لأسلوب لعب "لا روخا" من أجل تجنب خيبة جديدة.