حرفيّة التوازن بين المحافظة على أمن الوطن وبين إغاثة الأشقاء السوريين
حرفيّة التوازن بين المحافظة على أمن الوطن وبين إغاثة الأشقاء السوريين
عمان – بترا
شكلت الأحداث على الأرض في الجنوب السوري وخلال الأيام الأخيرة عبئاً إضافياً على الأردن، سواء من الناحية الأمنية أو العسكرية أو الجانب الإنساني وما تخلله من نزوح كبير باتجاه الحدود، الأمر الذي تعاملت معه المؤسسات الأردنية بكفاءة عالية من حيث ابتكار حلول مناسبة توازن بين حماية الوطن وإغاثة النازحين في أماكنهم، وإدخال الحالات الطبية الطارئة لمعالجتها في المستشفيات.
واوضح محللون ومتقاعدون عسكريون ، أن هناك ما يشبه التوأمة في تعامل الأردن مع الأحداث الراهنة في الجنوب السوري؛ إذ هناك يدٌ تحمي الوطن من مندسين قد يكونوا متواجدين بين النازحين، وأخرى تقدم الإغاثة مباشرة لهؤلاء النازحين، وما هذا إلا احترافية في التعامل مع هذا النوع من الأزمات، لا سيما وأن التعامل مع موجات اللجوء هو عبر عقود سمة الأردن الذي يُعد مِن أكثر الدول استقبالاً للاجئين.
وأشاروا إلى أن الاحترافية في التوازن بين الدور العسكري والدور الإنساني، ليس بالأمر السهل، ويستدعي بذل جهود كبيرة لتأدية هذه الازدواجية بالعمل، الشيء الذي تنفذه قواتنا المسلحة بدقة متناهية بين عدم تساهلها في أي شأن يمس أمن الوطن، وبين التنسيق والتعاون مع الجهات والمؤسسات الأردنية الأخرى لتنظيم آليات مساعدة النازحين في أماكن تواجدهم، وما بهذا صعوبات في ظل عدم وجود جهات تنظم هؤلاء النازحين داخل الأرض السورية.
وقال الخبير في شؤون اللاجئين الدكتور حسن الشيشاني ان عدم وجود جهات داخل الاراضي السورية تنظم النازحين، يؤدي إلى زيادة العبء الأمني والإنساني الذي تؤديه قواتنا المسلحة الأردنية التي تنظر إلى الخلف وأمن الوطن وتنظر إلى الأمام في مساعدة الملهوف والمحتاج وبذات الوقت تتعامل باحترام مع الأراضي السورية وحدودها.
وأشار إلى أنه "ليس من المعقول أن يبقى الأردن وحيداً وفاعلاً رئيساً في مساعدة النازحين، وأن النزوح في الجنوب السوري هو شأن دولة أخرى وليس شأن فوق الأرض الأردنية، وبالتالي فهذه الدور يجب أن تقوم به بشكلٍ كامل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، خاصة أن جنودنا البواسل يعملون على إيصال المساعدات لنازحين لا يُعلم إنتماؤهم ولا تُعرف نواياهم في ظل وجود العشرات من التنظيمات المسلحة في المناطق التي أتى منها هؤلاء النازحين، الأمر الذي يزيد من الجهد والحرص أثناء المساعدة الإنسانية لهم.
وأوضح الخبير الشيشاني أن معايير ميثاق هيئة الأمم المتحدة بما يخص اللاجئين، تفيد أنه مِن حق الدول عدم استضافة اللاجئين إذا شعرت الدولة وجود ما يؤثر على أمنها وسيادتها، وبالتالي تكون المساعدة في مواطن النازحين على أن تكون الجهات الدولية المعنية هي المسؤولية وليس الدولة المجاورة فقط.
من جانبه، قال أمين عام الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية للإغاثة والتنمية والتعاون العربي والإسلامي أيمن المفلح، إنه ومنذ أن سمع الأردنيون نداء أشقائهم السوريين النازحين في الجنوب السوري، حتى انطلقت حملات وطنية للتبرع في مختلف مناطق المملكة، وأعلن عنها رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وتأكيده على أهمية التبرع للأشقاء السوريين، وأن تكون هذه الجهود الإنسانية بالتنسيق مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية التي أعلنت عن أماكن وأرقام إجراءات ترتيب عمليات جمع التبرعات على مستوى الوطن.
وأضاف أنه ومن خلال الهيئة والمتبرعين يتم جمع كافة التبرعات في مستودعات الهيئة بمحافظة المفرق، ليتم التأكد من صلاحيتها وجودتها واستخدامها، مشيراً إلى ذاك المشهد الذي يأتي به الأطفال يحملون معهم التبرعات لا سيما ألعابهم ويقدمونها للهيئة، في صورة تحفر في الذاكرة أصالة الشعب الأردني وإنسانيته وكرمه وعطاءه رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها.
وبيّن المفلح أن أكثر أنواع التبرعات المطلوبة هي الغذاء والملابس والطرود الصحية وأن هذه الحملة مستمرة وباقية ما دام الأشقاء محتاجون لنا، مؤكداً أن الأردن ورغم قيامه بدور إنساني كبير بالنيابة عن المجتمع الدولي، هو مستمر فيما عُرف عنه من كرم وعروبة وقومية ووقوفه الى جانب الأشقاء بصدق وإيخاء ولم يدير ظهره لمحتاج أو معوز.
وقال نقيب الأطباء الدكتور علي العبوس إن نقابة الأطباء بدأت اليوم ترتيبات إقامة مستشفى ميداني على الحدود مع سوريا؛ لتقديم المساعدة الطبية للنازحين المتواجدين بالقرب من الحدود، وأن النقابة بدأت باستقبال الأطباء الراغبين بالعمل في هذا المستشفى وأيضاً والأدوية والمعالجات.
واوضح أننا في الأردن مستمرون في تأدية الدور الإنساني الذي لا يمكن أن نتوقف فيه تجاه الأشقاء السوريين رغم الحالة الاقتصادية الصعبة ورغم عدم قيام المجتمع الدولي بواجباته في هذا الشأن.