ما هي استراتيجية الوزيرة غنيمات في تطوير الاعلام ؟

 د.عدنان سعد الزعبي

هناك فرق بين اصلاح الاعلام وبين تطوير الاعلام , فالاصلاح يعني وجود اعوجاج او مسيرة غير سليمة او سياسات غير منسجمة ولا بد من تصويبها ووضعها على الطريق . في حين أن التطوير يعني وجود سياسات جيدة ولكنها غير مطبقة أو أن الظروف والمناخات أو التشريعات غير قادرة على السير بالتوازي مع دور الإعلام في الأردن .

فما هي اذا القاعدة التي ستعتمدها وزيرة الدولة لشؤون الاتصال لتنطلق منها , وهي بنت الميدان التي تعرف هموم الصحافة الورقية ومشاكل المرئية وصعوبات المسموع وتحديات الالكترونية ؟! وما هي المساحات التي ستضيفها على التشريعات والدعم المادي , وما هي البرامج التي ستعدها لغايات تأهيل المؤسسات الإعلامية لممارسة مفاهيم الرؤية الملكية للإعلام بإعتبار مبادئها من أرقى صور التعبير الديمقراطي القائم على الانفتاح العالمي والتفاعل المثمر والتبادل المعرفي والخبرات والثقافة جنبا الى جنب التنمية , والحوار .

فهل تستطيع فعل تحقيق مبدأ اعلام الدولة و بإدارات مستقلة , وتعزيز الاستثمار في الصناعة الإعلامية وتحقيق العدالة للمهنيين الاعلاميين في المؤسسات الحكومية والخاصة ضمن الشروط والمعايير التي تم وضعها للناطقين الاعلاميين عام 2008 والتي تشرفت بوضعها وقدمتها لوزير الدولة آنذاك . وكيف سينظم انتسابهم للنقابه وبالتالي توسيع قاعدة نقابة الصحافيين وتطوير شروط القبول بشكلها المهني .

لقد تقدمنا بمقترح وبناء على طلب وزير الدولة السابق د. محمد المومني لتطوير عمل الناطقين الاعلاميين في المملكة وتعزيز العلاقة مع الناطق الرسمي وكيفية التنظيم الاداري المتعلق بذلك , فالقضية لا تعني مجرد تغطية اخبار المسؤولين بمقدار ما هي برامج واستراتيجيات تبين الفعل الحقيقي والاهداف والانشطة والجهد المبذول لتقديم الخدممات وافعال المؤسسات الحكومية . اذا ما نحتاجه فقط هو التنفيذ فمنذ عام 1992 عندما عينت ناطقا رسميا لمؤسستي كأول ناطق في المملكة كنا نركز على دور توعوي اعلامي تواصلي انفتاحي للمؤسسات مع المجتمع بشرائحه وقطاعاته المختلفة.

كيف ستركز الوزيرة على نهج الانفتاح بالتركيز على أهمية اعمال البحث والدراسة في تحديد اولويات الجمهور الاردني من خلال قياساته المستمرة , وكيف نجعل من النتائج منطلقات للعمل الاعلامي ؟ كيف ستتعامل الوزيرة مع الرسالة الأردنية التي تتجاوز حدود الوطن , ونستغل الفضاء المفتوح خاصة ان في جعبتنا الكثير لنقوله ونفتخر به . ؟كيف سنصل الى اقليمنا والدول المعنية في اجندة الوطن , وكيف ستنهض الوزيرة بالاعلام ليقوم بدوره, الرقابي المهني, و التعليمي و التثقيفي والتوعوي والارشادي ..الخ.

في دراسة متعمقة عن مدى تأطير السياسات الاعلامية لوسائل الاعلام الاردنية لمبادىء الرؤية الملكية للإعلام و باستخدام نمط المسح في تحليل المضمون والاستبيان اضافة للمقابلات وندوات العصف الذهني , وجدنا ان تطبيق هذه السياسات ما زال دون المتوسط أي ضعيف على المقايسس الاحصائية (ليكرت ) ووجدنا ان ادماج هذه السياسات وتطبيقها يحتاج الى عملية اصلاحية شاملة تقوم على تهيئة الاعلاميين ووسائل الاعلام على التعامل مع مبادىء الرؤية الملكية التي تتطلب استحقاقات مهنية وفكرية ومالية وقبل ذلك ارادة حقيقية لتطبيقها باعتبارها نموذجا متقدما لإستقلال الإعلام وانفتاحه وقدرته على استيعاب المرحلة وظروفها وبالتالي مواجهتها وفق الاولويات الوطنية ومتطلبات المهنية واخلاقياتها , بحيث نترجم اعلام الدولة ونعزز صناعة الاعلام والاستثمار فيه .

لا يمكن أن يكون الاعلام مجرد منابر لمن يريد القول او الكتابة أولتعليق فقط , ولا يمكن ان يكون مجرد وعاء يفضفض فيه الناس همومهم او ينفسوا فيه غضبهم ,وما يتضمنه ذلك من محتوى مزيج فيه الغث وفيه الدسم, ولا يمكن ان تكون القوانين المتعلق بالاعلام في الاردن مجرد نصوص رقابية أوعقابية , إعتقد مشرعها انها معيار الضبط والاحكام ، وتنظيم الواقع الاعلامي .

فنحن ما زلنا نعاني من تحول المؤسسات الاعلامية الرسمية من مؤسسات تنظيمية تطويرية نهضوية إلى مجرد رقيب ومتابع لاي اخطاء او انزلاقات لاي وسيلة اعلامية ، لتنقض باسم القانون وتنزال العقوبات بحقها , فهل تزرع قوانينا ومؤسساتنا الرسمية الخوف بدل الطمأنينية !؟

الاعلام حقيقة عملية تواصلية والتفاعل الايجابي هو الاساس في نجاح هذه العملية , فاي تواصل لا بد وان يكون له نتيجة ويصب في الثوابت العامة للدولة وبالتالي للمجتمع وافراده وفق اسس العدالة والحاكمية فالكلمة الصائبة الصادقة الصحيحة تنفع ولو كانت جارحة , والاصتقصاء البحثي الهادف للوصول للحقيقة, اداة فعالة في الاعلام المهني , خاصة اذا احترم خصوصيات الاخرين و وتفاصيل حياتهم بإعتباره ثابتا لا يمكن ان يتم القفز فوقه .

ان مدى توافق مضامين ا لرسالة الاعلامية مع مضامين السلم الاجتماعي ,والبعد عن اثارة النعرات والفوضى بين شرائح المجتمع قضية حتمية لا جدال فيها . على اعتبار ان بناء العلاقة ما بين المواطن ووسائل الإعلام علاقة معرفية تثقيفية تربوية وفي سوق حر للمعلومات تضبطه القيم والقوانين والمهنية .

وزيرة الاعلام وفي نهجها التطويري للقطاع تحتاج الى ادوات تستطيع تشكيل مصفوفة معرفية ورسم خرائط الطريق فيها لتتماشى بخطوط متوازية تنطلق نحو الاصلاح دون ان يواجهها اي معوق رغم كثرها وتعدد اشكالها .

المشوار شاق وصعب لكن من تسلح بالرؤى السليمة والادوات المطلة على المشهد و ملك الطموح والارادة , لا بد وان يمضي ليصبح الاعلام اداة التفاعل الحقيقي والاستجابة الحقيقية والفضاء الذي نتصالح به مع ذاتنا لننطلق في خدمة الوطن .