أزمة الفكر والتفكير على ضوء المتغيرات !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
كما نعلم فان التفكير هوعملية معالجة للمعلومات التي ترد للانسان من المحيط الخارجي له سواء كانت احداثا او افعالا او معلومات وغيرها حيث يتلمسها بحواسه ، اما من الداخل فانه يبدأ يفكر بها ويحللها ويقيمها وبناء عليه يأخذ قراره ويحدد سلوكه وتصرفاته .
وان القدرة على التفكير من خصائص الانسان التي كرمه الله بها فاذا احسن استخدام هذه الصفة فانه سيرتقي في سلم النجاح ، وان لم يحسن استخدامها فان ذلك من اسباب فشله فاذا كان الشخص يتمتع بالتفكير التوليدي فانه سوف يبدع ويضيف دوماً اشياءاً جديدة ويقدم الحلول للمعضلات والازمات ويقدم المشاريع الناجحة والقرارات الصائبة وهو فكر اجتهادي لدى الشخص .
كما وان هناك اشخاص يتمتعون بالتفكير النقدي وهو قدرته على تشخيص الامور وتحليلها ورؤية النقص والاخطاء والعيوب في اي عمل او اداء او قرار ، كما وان هناك اشخاص لديهم خاصية التفكير المتشكك اي التفكير الذي يشكك بأي قرار او أمر او عمل او انجاز ويعتبر ان وراء كل شيء من ذلك مؤامرة تحاك وهدف وغاية ومنهم من يبالغ في تفكيره ويعطي كل شيء اضعاف حجمه الحقيقي سواء كان سار او ضار ، والناس يتفاوتون قدره تفكيرهم حسب تفاوت قدراتهم العقلية وخبراتهم وتجاربهم ومدى علمهم وثقافتهم وداراكهم للامور بشكل واضح ونضوجه .
المواقف والازمات والاحداث كثيرة وتحتاج من كل شخص سياسي او اجتماعي او اقتصادي او ثقافي اتخاذ موقف اتجاه هذه الازمات او الاحداث او القرارات اينما كان موقعه ومكانته السياسية او الاجتماعية وغيرها ، فاذا كنت تود ان تأخذ موقفاً مشرفاً ازاء ما يقابلك من تحديات فعليك ان لا تتسرع في اتخاذ الموقف الا بعد اعمال الفكر الواعي الناضج المدرك لابعاد هذا الموقف حتى لا تضطر ان تتراجع عنه فيما بعد ، فهناك دوماً اشخاصاً لا يرضون لك نفعاً ولا يريدون بك خيراً بل يجبرونك على موقف يجلب لك المتاعب .
بينما المواقف الثابتة دوماً تنبثق من الفكر الناضج وليكن التصرف مساوياً لعقله وطريقة تفكيره دون طيش او جهل مترنح يميناً ويساراً تعصف به الرياح دون ان يعرف الى اي مصير سوف يساق .
وحتى لا تدفعنا المصلحة الآنية لمزاج طائش ، بل يجب ان يكون قرارنا بناء على تفكير دقيق ودراسة وتمحيص ، والاستشارة لا تقلل من قيمة الانسان فهي من رجاحة العقل والحكمة ، فعلى الكثير من القيادات الوطنية في مثل هذه الظروف العصيبة والازمات المحيطة ان تفرق بين الثابت والمتحرك وبين الضرورات والمحظورات والواجب الوطني ، حتى لا ننحني للعواصف مهما بلغت شدتها لأنها تستهدف اقتلاع ثوابتنا الوطنية وتقطع الاوصال وتمزق الجذور ومهما كانت الاغراءات المحفزة والمشجعة للوقوع في المحظور فاستقامة هذه الشخصيات الوطنية قيمة عظيمة تنهض بالمجتمعات وترقى بالامة ، وهي تمسك بمقود الدولة بكل ولاء وانتماء ومصداقية وشفافية .
والثبات على المبدأ يعتبر عنصراً اصيلاً من عناصر الاستقامة بارادة حرة دون ان يكون هناك اي انحراف في التفكير ، ولا بد من مواجهة الحقائق بالوقائع وتقييم الاداء وفق معايير ومقاييس منضبطة لبيان الاتجاه الصحيح بالمؤشرات والمؤثرات الايجابية مهما كانت زاوية الانحراف حرجة او منفرجة .
فان اقصر المسافات هي التي تربط بين النقاط في خط مستقيم للوصول الى الغايات السامية ، فالقيادات الوطنية المخلصة اذا استلمت اي منصب لا تتورم خدودهم كونهم اصبحوا يأمرون وينهون دون حسيب او رقيب ولا يتَمادون في قراراتهم اتجاه ابناء وطنهم ، فهم تربوا على الاصالة والتواضع وتعودوا على الجلوس ارضاً اكثر من جلوسهم على الكراسي الفارهة ، لأن ذلك لن يزيدهم طولاً لان الجاه لا يطلب لكنه صفة نبحث عن صاحبها ولا يفرض الانسان نفسه حتى يكون محترماً فمكانتهم في السلطة وخارجها هي واحدة ، ولتبقى طاقاتهم البشرية مستغلة سواء كانوا في السلطة او خارجها لنستشرق مرحلة جديدة بلحمة وطنية ووحدة الصف لنبقى النموذج الذي يحتذى به فالهمة العالية هي التي تبنى ولا تهدم وهي التي تقود الوطن للتطور .
والاختلاف في الرأي سنة كونية محمودة لا تفسد للود قضية ، وتتزاحم فيها الافكار وتتبادل الرؤى وتتقارع الحجج للوصول الى الصواب وتصحيح اي تشويه في الاداء والعمل والنهج لنتمكن من تجاوز العقبات والضار منها ، بعيداً عن كيل التهم والشتائم والنيل من الآخر .//
hashemmajali_56@yahoo.com