الرزاز و «الشعبية»

لاجتماعية فهي ليست مؤسسة صانعة او منتجة لرؤساء الحكومات، وكان اول مرة يتسلم فيها منصبا وزاريا هو في كانون الثاني / يناير من عام 2017 حيث تولى وزارة التربية والتعليم والتي لا تنتج هي الاخرى رؤساء للحكومات، غير أن الرزاز الذي كُلف على وقع الاحتجاجات الجماهيرية الرافضة للسياسات الاقتصادية للحكومات السابقة وبخاصة حكومة الدكتور هاني الملقي حاز بحكم هذا «الظرف « على شعبية « مجانية « جاءت من رحم السخط على الحكومة السابقة و أكثر بكثير مما جاءت من معرفة الناس بالدكتور الرزاز وأفكاره وطروحاته، فهو لم يقدم نفسه للناس يوما كسياسي محترف أو منظر فكري وواقع حاله يتمثل بأنه أكاديمي متميز ,وخبرة «تكنوقراطية» ناجحة إلى حد كبير، ونتيجة لكل ما سبق انتظر « الناس الغاضبون في الشارع « وبصبر وشوق للتعرف على مدى قدرة الدكتور الرزاز على اختيار فريق وزاري كفؤ ومهني يعكس طموحاتهم ويعبر عن وجعهم، ويكون مقنعا لهم ويشعرهم بوجود مرحلة جديدة فارقة ومنفصلة عن الواقع الحكومي السابق من حيث الشكل والمضمون وتحديدا لعبة تدوير الكراسي الوزارية، التي تتكرر على مدى أكثر من عقد من الزمان، وثانيا انتظر الغاضبون ان يعكس التشكيل قدرته على ممارسة مفهوم الولاية العامة وتعزيزها وفقا للدستور «العقد الاجتماعي» الذي وعد الدكتور الرزاز بإعادة صياغة كتابته من جديد بدون إيضاح كيف وما هي الآلية لذلك ومتى؟؟.

الشعبية المرتفعة نسبيا والتي حظي بها الدكتور الرزاز لدي تكليفه في وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي يمكن اعتبارها احد ابرز مخرجات «السخط» على رئيس الوزراء السابق وحكومته، وهي الشعبية التي اخذت تتراجع وبسرعة لدى الاعلان الرسمي عن التشكيلة والتى تعرضت ومجرد الاعلان عنها الى حملات من النقد سواء المنصف والموضوعي منها او النقد المتجني والكيدي، فيما اختفت مقالات الانحياز والمديح الفاقع للحكومة وهي حالة عكست « العقل النقدي « المتجدد لدى النخبة السياسية والإعلامية في الأردن.

من الأسباب المباشرة لانخفاض منسوب شعبية الحكومة العتيدة هو الشعور العام بان هذه الحكومة هي مجرد امتداد لحكومة الدكتور الملقي المقالة، والكثير من المعلقين اعتبروها مجرد « تعديل واسع» على حكومة الملقي (عودة 15وزيرا بالاضافة للرئيس نفسه) من الحكومة السابقة للحكومة الحالية التى تضم 28 وزيرا، اما السبب الثاني فيتمثل في تولية بعض الوزراء الجدد وزارات قد تنسجم مع خلفياتهم المهنية او الاكاديمية الا انها لا تتناسب مع قدراتهم الفنية الفعلية وتحديدا في البعد المتعلق بالكفاءة والتميز.

اما السبب الثالث فهو الاحباط الكبير من الفريق الاقتصادي الذي تقع على عاتقه صناعة «بروسترويكا « في البنية الاقتصادية الاردنية وانهاء ارتباطه بالاقتصاد الريعي وتعزيز انتاجيته في القطاعات المختلفة وبصورة خاصة في قطاع الخدمات واعادة تاهيل الاقتصاد الاردني كبيئة جاذبة للاستثمار.

كتبت في مقال سابق عند تكليف الرئيس الرزاز في الراي تحت عنوان ( الرزاز ومنسوب التوقعات) انه لا يملك عصا سحرية لحل كل المشاكل التى يعيشها الاردن، ولكنه يملك الارادة السياسية لاحداث الفرق في المستوى المعيشي للناس والسيطرة على غلاء الاسعار ومحاربة الاحتكار والفساد وهي امور قادرة على اظهار الفرق بينه وبين غيره من رؤساء الحكومات.

الرأي