الانتخابات الرآسيه والتشريعيه التركيه 

الانتخابات الرآسيه والتشريعيه التركيه 

      منذ صباح اليوم الباكر الموافق ٢٤ حزيران عام ٢٠١٨ بدأ ٥٦ مليون تركي الاتجاه الى صناديق الاقتراع لانتخابات رآسيه وتشريعيه متزامنه ومبكره حيث كان من المفروض ان تجري في الثالث من تشرين الثاني عام ٢٠١٩ حسبما تم الاتفاق عليه في الاستفتاء الدستوري الذي جرى في شهر نيسان عام ٢٠١٧ وفاز به اردوغان وحزبه التنميه والعداله بأغلبيه واحد وخمسين في المائه من اصوات من شاركوا بالتصويت . وكان اردوغان والذي تولى رآسه  الحكومه التركيه اثر فوز حزبه الجديد التنميه والعداله المنشق عن حزب الفضيله الذي كان يقوده نجم الدين اربكان منذ عام ٢٠٠٣ . وستمر في هذا المنصب حتى عام ٢٠١٤ حيث ترشح لرآسه الجمهوريه في اول انتخابات مباشره وفاز بأغلبيه كبيره . وكان النظام الدستوري في تركيا حتى هذا التاريخ يعطي الصلاحيات الكامله لرئيس الوزراء فيما رئيس الجمهوريه سلطاته فخريه . 
      ومنذ ان اصبح اردوغان رئيساً للجمهوريه وضع نصب عينيه الانتقال الى النظام الرآسي والذي يجعل كل السلطات بما فيها اصدار مراسيم تشريعيه بيد رئيس الجمهوريه والغاء منصب رئيس الوزراء والسماح لرئيس الجمهوريه ان يحتفظ برآسه حزبه بعد ان كان النظام السابق يتطلب من رئيس الجمهوريه الاستقاله من حزبه . ولذلك سعى لادخال تعديل دستوري يتح له ذلك ولكن الانتخابات التشريعيه التي جرت في شهر حزيران عام ٢٠١٥ لم تعطي حزبه اغلبيه نيابيه تجعله يمرر هذا التعديل ، لذا دعى الى انتخابات مبكره في شهر تشرين الثاني من نفس العام حقق فيها الاغلبيه ولكنها كانت اقل من الاصوات التي تسمح بأقرار اجراء استفتاء لتعديل الدستور . لذا سعى اردوغان الى عمل تحالف مع حزب الحركه القوميه اليميني الذي يرأسه دولت بهجلي مكنه من الحصول على الاصوات اللازمه لأجراء الاستفتاء واقراره في شهر نيسان عام ٢٠١٧ على ان يتم تطبيق هذا التعديل بعد الانتخابات التشريعيه عام ٢٠١٩ وان ترافقها انتخابات رآسيه . ورغم انه من المفروض في الفتره الانتفاليه ان تكون صلاحيات اردوغان شكليه الا انه مارس صلاحيات مطلقه دون سند دستوري . 
    وبطريقه مفاجئه اعلن دولت بهجلي حليف اردوغان انه سوف يقترح اجراء هذه الانتخابات قبل موعدها بسنه ونصف . وفي اليوم التالي اقر اردوغان وحزبه هذا الاقتراح على ان تجري هذه الانتخابات بتاريخ هذا اليوم  والذي يصادف الذكرى السنويه لمعركه ملاذ كرد عام ١٠٧١ وهي التي هزمت فيها القبائل التي بنت الدوله العثمانيه البيزنطيين 
 .
ولكن لماذا هذا التغيير المفاجئ وفي ظني ان هذا يعود لعده اسباب واهمها 
  ١ - الاستفاده من حاله الرخاء الاقتصادي التي كانت سائده في تلك الايام مع ظهور بدايه حركه انكماش اقتصادي سببها التدخل التركي في سوريه والعراق وازمتها الماليه مع دول الاتحاد الاوروبي ومحاوله استباق حدوث هذا الانكماش . 
 ٢ - الاستفاده من الانتصارات التي حققتها تركيا في كل من سوريه والعراق والضربات التي وجهتها  القوات التركيه للتنظيمات الكرديه . والاستفاده من حاله العداء لهذه التنظيمات في تركيا لضمان التفاف الشعب التركي حوله ولمحاوله افشال حزب الشعوب الديمقراطي الكردي من الوصول الى البرلمان  بعدم حصوله على نسبه الحسم وهي عشره بالمائه .
  ٣ - محاوله الاستفاده من الازمه السوريه قبل ان يتم التوصل الى حل لها مما قد يضعف الدور التركي فيها  ويفقد اردوغان الاوراق التي يلعب عليها في هذه الازمه .
  ٤ : -  محاوله مفاجئه المعارضه التركيه قبل لملمه اوراقها والتي هي في الاساس منقسمه على نفسها  وقبل استعدادها للانتخابات . 
     الا ان الرياح لم تجري كما يشتهي اردوغان وان لم يكن ذلك يشكل ضربه قاضيه له . فقد شهد الاقتصاد التركي مرحله تراجع كبيره وارتفع التضخم الى عشره بالمائه كما شهدت الليره التركيه انخفاضاً كبيراً في قيمتها مع وجود مؤشرات بزياده ارتفاع معدل التضخم وانخفاض قيمه الليره التركيه خلال الفتره القادمه  مما كان وسيكون له تأثير على دخل المواطن التركي ومستوى معيشته . 
    كما ان المعارضه اظهرت حركه ونشاطاً واستقطاباً لها  فاق توقعات اردوغان . وكانت النيه في البدايه لدى المعارضه  تتجه الى ان يترشح رفيق اردوغان وشريكه بتأسيس حزب العداله والتنميه  ورئيس الجمهوريه الاسبق  عبدالله غل ( قبل ان تقع الخلافات بينهما ) لرآسه الجمهوريه في مواجهه اردوغان وخاصه انه اكثر واحد في تركيا كلها من الممكن ان يكون منافساً حقيقياً  لاردوغان . الا ان الحمله الشرسه التي قام بها حزب التنميه والعداله على غل  وعدم اتفاق جميع احزاب المعارضه على تمثيله لهم جعله يتراجع عن فكره ترشحه للانتخابات ،  فيما طرحت احزاب المعارضه سته مرشحين لرآسه الجمهوريه ولكسب  بعض المقاعد في البرلمان . 
     وسوف اتحدث الآن عن الخريطه الانتخابيه للرآسه ومجلس النواب والاحتمالات المتوقعه . 
     سوف يتنافس على الرآسه سبعه مرشحين يمثلون سبعه احزاب وهي : -
     ا : - رجب طيب اردوغان رئيس حزب التنميه والعداله وصاحب الحظ الاوفر بالفوز 
  ٢ : - محرم إينجه / رئيس حزب الشعب الجمهوري الاشتراكي الديمقراطي وهو الحزب الذي يمثل الحركه الاتاتوركيه والذي بسط سيطرته على تركيا فتره طويله من الزمن بعد الحرب العالميه الاولى . وكان محرم اينجه فاز برآسه حزبه منذ فتره قصيره . 
  ٣ : - ميرال اكشيتار / والمذكوره كانت سابقاً عضوه في حزب التنميه والعداله ثم اصبحت عضوه في حزب الحركه القوميه اليميني . ولما تحالف رئيس هذا الحزب دولت بهجلي مع اردوغان بخصوص الاستفتاء الدستوري قامت المذكوره ومعها بعض اعضاء الحزب بالانفصال عنه وقاموا بتشكيل حزب الخير برآسه المذكوره . 
  ٤ : - بتميل كرم الله اوغلو / رئيس حزب السعاده الاسلامي المحافظ وهو الحزب الذي شكله نجم الدين اربكان بعد حل حزبه الفضيله . وتولى المذكور رآسته بعد وفاه اربكان . 
  ٥ : - صلاح الدين ديمرطاش / رئيس حزب الشعوب الديمقراطي الكردي والمتهم من قبل اردوغان بأنه يمثل الجناح السياسي لحزب العمال الديمقراطي الكردستاني والذي يقبع في زنزانته هو ومجموعه من قيادات هذا الحزب وبعض ممثلي هذا الحزب في البرلمان بتهمه ممارسه اعمال ارهابيه . 
  ٦ : -  ودوغو بارينتشاك / رئيس حزب الوطن وهو حزب يميني محافظ لم يسبق وان كان له ممثلين في مجلس البرلمان  
٧ :  - نجدت اوز رئيس حزب العداله              
         هذا وبالرغم من الحمله الشرسه التي تخوضها المعارضه على اردوغان وحزبه واتهامه بالتسلط والعصبيه ومعارضتها جميعها للنظام الرئاسي واتهامه باعمال قمع وخاصه بعد فشل المحاوله الانقلابيه التي وقعت عام ٢٠١٦ والتي استغلها اردوغان للتخلص من كل خصومه في الجيش والاجهزه الامنيه وفي القضاء والاعلام ومن جماعه عبدالله جولن . فأنني اتوقع ان يفوز اردوغان من الجوله الاولى بالرغم من ارتفاع شعبيه منافسه محرم اينجه بشكل ملحوظ . ولو ان البعض يتوقع ان يخوض اردوغان جوله ثانيه مع اينجه يتوقع ان يفوز بها اردوغان بنسبه ستين في المائه ، الا ان المعارضه قد تقدم في هذه الحاله على انسحاب اينجه من الصراع على ان تحل محله المرشحه ميرال اكشيتار  كون الناخبين القوميين واليمينيين لا يمكن ان يعطوا اصواتهم لزعيم الحزب الاتاتوركي . وهم يتوقعون ان تمثل المذكوره تهديداً حقيقياً لفرص اردوغان بالفوز وخاصه مع اعطاء الاكراد اصواتهم لها . الا انني استبعد حصول ذلك ولكن نجاح اردوغان في هذه الحاله لن يكون كاسحاً . 
     اما بالنسبه لعضويه البرلمان التركي فأن شروط المشاركه فيه ان يحصل الحزب على اصوات عشره في المائه على الاقل  من اصوات الناخبين . علماً ان المجلس الحالي يضم اربعه احزاب هي حزب التنميه والعداله بأغلبيه عاليه والحزب القومي اليميني الذي تحالف قسم منه مع اردوغان والحزب الاتاتوركي حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي . وهذه هي الاحزاب المرجح ان يتكون منها المجلس القادم مع تراجع سيطره حزب العداله والتنميه بعض الشيئ  الا اذا لم يحصل الحزب الكردي على نسبه الحسم فأن ذلك سوف يزيد من عدد اعضاء حزب التنميه والعداله . وحتى لو انخفض اعضاء الحزب في البرلمان القادم فأنه لن يكون له تأثير كبير على اردوغان حيث اعطاه التعديل الدستوري صلاحيه الموافقه او الرفض على اي قانون او تشريع يصدر من البرلمان بالاضافه الى حقه باصدار اعلانات دستوريه  . 
       وعلى هذا اتوقع فتره رأسيه ثانيه لأردوغان بصلاحيات واسعه الا ان هذه الفتره لن تكون سهله وقد لا تمر بأمان . وبنفس الوقت قد تتيح له فتره رآسيه ثالثه بعد هذه الثانيه . حيث ان الفتره الرآسيه الاولى لم تحسب عليه  من ضمن الفترتين الرآسيتين لرئيس الجمهوريه التركي بموجب التعديل الدستوري . 
 
                                   مروان العمد