تحديات امام الحكومة ... حكومة العاصمة واللامركزية !!!

المهندس هاشم نايل المجالي

ان الاتجاه العالمي في ادارة الدولة الحديثة يتجه نحو الحد من المركزية والتوسع في تطبيق اللامركزية ، بحيث يقتصر دور الحكومة المركزية على ادارة الامور السيادية مثل الدفاع والامن الوطني والسياسة الخارجية وادارة الاقتصاد والدراسات الاستراتيجية للمشاريع الكبرى وآلية تمويلها وتنفيذها واستراتيجيات محاربة الفقر والبطالة وتفعيل السياحة والبيئة والطاقة المتجددة وجذب الاستثمارات وغيرها .

وكما نعلم فانه ومنذ سنوات طويلة كان نظام الادارة في الاردن نظاما مركزيا فحكومة العاصمة تسيطر سيطرة كاملة على شؤون المحافظات مدنا وقرى وليس للقاعدة الشعبية اي سلطة فعلية او حقيقية في ادارة الشؤون المحلية او اي تأثير في رسم احتياجاتها او مخصصاتها المالية ، فكان الضبط والربط كاملاً مع الحكومة المركزية والسنوات طويلة الى ان تم اقرار اللامركزية .

والنظام اللامركزي يعني في الادارة ان تتولى كل محافظة ادارة شؤونها في كافة المجالات الخدماتية بنفسها من خدمات اجتماعية وتعليم وصحة وثقافة ومشاريع سياحية ومشاريع متعددة تتعلق بالتنمية والانتاجية وفق المخصصات المالية المرصودة لذلك ، او اية موارد اخرى مسموح بها لتنفيذ خدمات ومشاريع تنموية من خلال مجالس اللامركزية في المحافظات وتنسيقها مع بقية المجالس الاخرى مما يشكل توازن بين المحافظات مناط بنشاط هذه المجالس وهذا النظام سيخلق ادارة افضل للتنمية وتحقيق معدلات مرتفعة لها في كافة المجالات وسيحد من تأثير مركزية العاصمة عمان وهذه المجالس .

اللامركزية ستشكل اذرعا للحكومة في المحافظات لتحقيق التنمية ، اذا ما تم التنسيق مع كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة كذلك مع القطاع الخاص وتفعيل دور المسؤولية الاجتماعية لهذه الشركات ، وتفعيل دور الجامعات والمؤسسات التعليمية في المساعدة على رسم السياسات والاستراتيجيات الخدماتية والتنموية هناك لايجاد الحلول للمشكلات منها الفقر والبطالة وجذب الاستثمار والاهتمام بالبيئة والسياحة ودورها في التماسك الاجتماعي والعدالة الاجتماعية برسم سياسات وخطط لذلك ، مع مواجهة لكافة الآفات المجتمعية مثل انتشار المخدرات والانحرافات ومعالجة العنف بانواعه وهكذا ، كذلك ادارة الاراضي من حيث التخصيص والاستخدام ليحقق بذلك تنمية زراعية مستدامة اي اننا امام الانتقال من النمط التقليدي في الادارة الى الانماط الحديثة المعاصرة نظراً لقصور الاداء السابق ( المركزية ) .

وهذا التحول يستدعي التعاون والمشاركة بين كافة الاطراف والجهات المعنية والتقييم من حين الى آخر لتصحيح المسار حتى يتحقق النظام اللامركزي بالكامل مع تقديم الدعم الكافي من قبل الحكومة للارتقاء بمستوى كفاءة اعضاء اللجان اللامركزية المنتخبة والعاملة للقيام بمسؤولياتهم مما يحقق المشاركة الشعبية الفعالة في الادارة ، وتحديد احتياجاتهم وأولوياتهم ووضع الخطط والبرامج المطلوبة والاشراف على تنفيذها وبالتالي تتحقق الديمقراطية التوافقية والتشاركية .

وهذا التحول من النظام المركزي ( شديد التمركز ) الى النظام اللامركزي لم يكن هيناً مع الحكومات السابقة ، بل كان شكلياً فيه الكثير من المعوقات ولم تتعاون الحكومات السابقة في تطبيقه  او دعم هذه اللجان بل قلصت من مخصصاتها وميزانيتها ونشاطها ، علماً بأنه كانت قد تستفيد من مقومات وموارد المحافظات بشكل افضل وتوزيع عائدات التنمية بشكل عادل يمكن ان تتحقق معه تنمية مكانية متوازنة وعدالة اجتماعية بين كافة شرائح المجتمع  والحد من الهجرة من الريف الى المدينة .

بينما كنا نلاحظ ان رؤساء حكومات كانوا يركزون على محافظات دون سواها بالخدمات والمشاريع وتطوير البنية التحتية حتى في المخصصات واجراء المناقلات المالية من محافظة لاخرى دون تنسيق بل بالاوامر المركزية ، وذلك لغايات مصالح شخصية ومكتسبات مكانية حتى بتوجيه الاستثمارات واعطاء الامتيازات في ذلك لمحافظة دون سواها .

لذلك كان على الحكومات السابقة عمل مدارس فكرية لهذه اللجان لغايات التمكين من اجل الدعم الامثل وفق اسس ومشاريع مخطط لها ومدروسة لتحقيق التنمية صناعة او زراعة او تعليم او صحة وغيرها .

ومن اجل الارتقاء بمستوى الحياة الحضرية في كافة مجالاتها فهل ستقوم حكومتنا الجديدة بقيادة رئيسها الجديد وطاقمها الوزاري بتفعيل اللجان اللامركزية في المحافظات لرسم موازنتها على ضوء احتياجاتها وخططها في تلك المحافظات ومساعدتها في تنفيذها ، ام ستبقى اللجان اللامركزية مجرد وظائف ورواتب واجتماعات لا ينعكس عنها اي تفعيل او دور عملي لتبقى المركزية للعاصمة عمان .//

 

 

hashemmajali_56@yahoo.com