الفينيق: عمالة الاطفال تتسع
76 الف طفل عامل في الاردن
عمان – الانباط – علاء علان
اشارت ورقة تقدير موقف صادرة عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال أن واقع الظروف الاقتصادية والاجتماعية أقوى من التشريعات والسياسات الأردنية التي منعت تشغيل الأطفال، حيث لم تمنع النصوص التشريعية الأردنية الواضحة التي تحظر تشغيل الأطفال من اتساع رقعة عمالة الأطفال في الأردن.
وأوضحت الورقة التي تلقت الانباط نسخة منها أن أحدث المؤشرات الاحصائية التي أعدتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل ومركز الدراسات الاستراتيجية في الأردن في عام 2016، أن عدد الأطفال العاملين يبلغ ما يقارب 76 الفا، أما الأطفال الذي تنطبق عليهم معايير عمالة الأطفال بلغت ما يقارب 70 الفا، وأن عدد الأطفال العاملين في أعمال خطرة يقارب 45 الفا. ومعايير عمل الأطفال تتمثل في جميع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما، والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16-17 عاما يعملون لأكثر من 26 ساعة في الأسبوع، اضافة الى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما ويعملون في أعمال خطرة.
وتفيد هذه المؤشرات بارتفاع عمالة الأطفال في الأردن مقارنة مع المؤشرات الاحصائية قبل ما يقارب عشر سنوات، حيث بلغت (33) الف طفل في عام 2006، والتي تشير الى أن عمالة الأطفال تضاعفت تقريبا بين الأردنيين. حيث بلغ عدد الأطفال الأردنيين من مجمل الأطفال العاملين 80% بواقع 60.8 الف، بينما بلغ عدد الأطفال العاملين من السوريين وجنسيات أخرى 20% بواقع 15.2 الف. وتبلغ نسبة الفتيات العاملات من مجمل الأطفال العاملين 11.7%.
وأوضحت الورقة أن التشريعات الأردنية تتواءم في مجال عمل الأطفال بشكل كبير مع المعايير الواردة في الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، اذ أن قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996 والتعديلات التي أجريت عليه، يحظر تشغيل الأطفال والأحداث، فقد نصت المادة (73) منه، على منع تشغيل الأحداث (الأطفال) الذين لم يكملوا السادسة عشرة من عمرهم بأي صورة من الصور، وحظرت المادة (74) من القانون ذاته تشغيل الأحداث الذين لم يكملوا الثامنة عشرة من عمرهم في الأعمال الخطرة أو المضرة بالصحة. وهذا ينسجم مع المعايير الدولية الواردة في الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بإلغاء والحد من عمالة الأطفال أهمها اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1989 ودخلت حيز التنفيذ عام 1990، الى جانب بعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية المتمثلة في اتفاقية الحد الأدنى لسن الاستخدام رقم 138، واتفاقية حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال رقم 182، واتفاقية العمل الجبري رقم 29.
وأشارت الورقة الى أنه وبالرغم من النصوص الواضحة في التشريعات الأردنية التي تحظر تشغيل الأطفال الذي لم يكملوا سن 16 عاما، وعدم تشغيل الأطفال ما بين سن 16-18 عاما في الأعمال الخطرة، الا أن الواقع أقوى من مختلف هذه التشريعات والسياسات. فأعداد الأطفال المنتشرين بكثرة في سوق العمل الأردني والمؤشرات الاحصائية الجديدة كفيلة بإعطاء صورة أكثر واقعية من المؤشرات الاحصائية الرسمية وغير الرسمية التي يتم تداولها بين المعنيين من صناع السياسات والباحثين والمختصين والمؤسسات الرسمية والدولية.
وفسرت الورقة ارتفاع معدلات عمالة الأطفال في الأردن الى عدة أسباب منها عوامل داخلية مرتبطة ببنية وطبيعة الواقع الاجتماعي والاقتصادي في الأردن، وأسباب خارجية مرتبطة بوجود مئات آلاف اللاجئين السوريين خلال السنوات القليلة الماضية. حيث تفاقم التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة، وضعف مؤشرات العدالة الاجتماعية، والتي نجمت بشكل أساسي عن تنفيذ سياسات اقتصادية لا تأخذ بعين الاعتبار النتائج والآثار الاجتماعية لهذه السياسات، والتي تركزت خلال العقود الماضية على تحرير الاقتصاد الوطني، والامعان بتنفيذ سياسات مالية تقشفية متنوعة. والذي أدى على أرض الواقع الى تراجع المستويات المعيشية لقطاعات كبيرة من الأسر الأردنية والتي برزت مؤشراتها بشكل واضح في ازدياد رقعة الفقراء.
وبينت الورقة كذلك أن المؤشرات الرسمية ذات العلاقة تفيد الى أن نسبة الفقر في الأردن ارتفعت من 13.3% عام 2008 الى 14.4% عام 2010، واقترابها من 20% في عام 2014، ناهيك عن نسبة "الفقراء العابرين" الذين عاشوا الفقر ثلاثة أشهر على الأقل في السنة، والتي تشير أرقام البنك الدولي الحديثة أن نسبتهم تقارب 18.6% من المجتمع.
وبينت الورقة انه لا يوجد مؤشرات حديثة ونحن الان في منتصف عام 2017 توضح مستويات الفقر في الأردن.
وأوضحت الورقة الى أن اللجوء السوري أدى الى زيادة عمالة الاطفال في الأردن، فكما تمت الاشارة اليه سابقا بلغت عمالة الاطفال السوريين ما يقارب 11.1 الف، بنسبة 14.6% من مجمل عمالة الأطفال. بسبب ضعف الخدمات الأساسية التي تقدمها المنظمات الدولية ذات العلاقة باغاثة اللاجئين السوريين، بحيث لا تكفي المساعدات التي تقدمها لهم هذه المنظمات بمستويات مقبولة من شروط الحياة اللائقة، الأمر الذي يدفع هذه الأسر الى تشجيع أطفالها للانخراط بسوق العمل.
واشارت الورقة أيضا الى أن الأطفال العاملين يتعرضون للعديد من المخاطر أثناء عملهم وأبرزها الضرر من الآلات الثقيلة والأصوات العالية والإضاءة الضعيفة والتعرض للمواد الكيميائية، ولإصابات عمل عديدة بحكم عدم مواءمة قدراتهم الجسمانية وطبيعة الأعمال التي يقومون بها. ووفقا للدراسة المذكورة فإن معدل أجور الأطفال العاملين يبلغ 171 دينارا شهريا، وعند الاردنيين 174 دينارا، بينما عند السوريين 159 دينارا شهريا، أما الأجور عند الاناث فهي أعلى من الذكور، فقد بلغت 190 دينارا مقارنة ب 170 دينارا عند الذكور. وهنالك ما يقارب ثلث الأطفال العاملين يعملون أكثر من 48 ساعة اسبوعيا، بينما يعمل ما يقارب 55% منهم اقل من 36 ساعة اسبوعيا. فيما تعمل نسبة 90% من الأطفال الاناث اقل من 36 ساعة اسبوعيا.
وبينت أن الأطفال في سوق العمل يتعرضون كذلك الى سوء المعاملة والاهانات النفسية والجسدية أثناء عملهم، وفي العديد من الحالات الى اعتداءات جنسية. ويعاني الأطفال العاملون من مشكلات واضطرابات نفسية واجتماعية وجسمية. كذلك فإن العاملين منهم في المهن الصعبة يتعرضون للعديد من اصابات العمل التي يمكن أن تسبب لهم بعض الإعاقات. وغالبا ما تترك الأعمال التي يمارس فيها سلوكيات استغلالية نفسية وجسدية إلى زرع الإحساس بالدونية والظلم، الأمر الذي يدفع العديد من الأطفال إلى الانحراف والتمرد على معايير وقيم المجتمع. هذا إلى جانب ارتفاع نسب العمالة غير الماهرة في سوق العمل بسبب عدم خضوعهم للتدريب الممنهج، الأمر الذي يجعل إنتاجيتهم متدنية.//