المطلوب من الحكومة المقبلة

المطلوب من الحكومة المقبلة

 

بلال العبويني

 

من المهم أن يلتقط رئيس الوزراء المكلف رسالة الاحتجاجات والإضرابات التي شهدتها مختلف محافظات ومدن المملكة خلال الأيام الماضية، وأن لا يتجاهل مآلاتها أو التعامل معها بفوقية وعلى أرضية المكاسرة.

لسنا في وارد جلد حكومة الدكتور هاني الملقي أو تقديم تقييم علمي لأدائها، بل إن فكرة المقال تستدعي القول إن ما حرك الشارع أولا تراكم الغضب من الإجراءات الحكومية منذ عهد الدكتور عبدالله النسور، على الأقل، والتي انعكست سلبا على المواطنين مباشرة حتى باتواغير مستوعبين لدفع المزيد من الضرائب أو فروقات ارتفاع الأسعار.

ثانيا: الأداء السياسي لحكومة الدكتور الملقي لم يكن مرضيا مطلقا، ولم تستطع على امتداد عمرها في الدوار الرابع أن تجترح لغة خطاب تقنع الناس بأسباب ومبررات إجراءاتها وقراراتها، بل على العكس كانت التصريحات الحكومية منفرة والنرفزة واضحة مثلما ظهرت الفوقية في التعاملمع ما يُطرح أمامها من ملاحظات على إجراءاتهاوقراراتها.

ثالثا: لم تكن حكومة الملقي شفافة، حالها في ذلك كحال الحكومات السابقة، فليس هناك من أحد يعلم السر الحقيقي الذي يقف وراء إصرار الملقي على التضحية بمستقبله السياسي في مقابل تمرير قانون ضريبة الدخل قبل أن يحظى بالتوافقات اللازمة أو على الأقل بالحوار الجدي مع أصحاب العلاقة والاختصاص.

المواطنون يعلمون جيدا أن الواقع الاقتصادي صعب، وأنه انعكاس لما يمر به الإقليم منذ ثماني سنوات، وأنه أيضا انعكاس لمشاريع سياسية قادمة إلى المنطقة وتحديدا ما يتعلق منها بالقضية الفلسطينية ويراد من الأردن أن يقبل بها على حساب ثوابته ومبادئه وقضيته.

لكن ورغم ذلك، المواطن بحاجة لحكومة يثق بها وتصارحه بالحقيقة كاملة غير مجتزأة، يحتاج لحكومة تقول له على الحقيقة متى يكون الخروج من الأزمة التي يكابدها، ومتى سيستشعر نتائج ما عاناه من ارتفاع في الأسعار والضرائب ومن ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية.

بالتالي، المطلوب من الحكومة المقبلة، أن تسعى أولا لنيل ثقة المواطن، وأن تكون شفافة، وأن لا تتعالى على ما يُطرح أمامها من ملاحظات وأن تتعامل مع تلك الملاحظات بجدية وأن تفتح باب الحوار على مصراعيه حيال كل ما نعانيه من أزمات اقتصادية أو سياسية او اجتماعية.

كما أن المطلوب من الحكومة المقبلة أن لا تلجأ مطلقا لجيوب المواطنين، فلم يعد المواطنون قادرين على تحمل المزيد من الأعباء المالية، على وجه التحديد، كما وأن المطلوب منها أن تفهم جيدا رسائل الشارع وأن تتعامل بحنكة وبمزيد من الذكاء مع قراراتها من ناحية استغلال الوقت المناسب لها حتى لا تكون مسمارا في نعشها كما هو الحال في الأزمة التي عايشناها خلال الأيام الماضية والتي أظن جازما أن سببها الرئيس ليس ضريبة الدخل بالنسبة للفقراء بل لها أبعاد تراكمية تزامنت مع الضريبة ومع القرار الخاطئ في زمانه برفع أسعار المشتقات النفطية وتعرفة الكهرباء.

قانون ضريبة الدخل يعلم الجميع أنه لا بد من أن يمر، لكن لو لم تُضمن حكومة الملقي تخفيض إعفاء الأفراد والأسر فيه لما حدثت تلك الأزمة، لأن الجميع مقتنع بضرورة معالجة التهرب الضريبي وزيادة كفاءة التحصيل.

 لذلك بإمكان الحكومة المقبلة نزع فتيل الأزمة بإعادة الإعفاء كما كان أو تخفيضه بنسبة بسيطة وإجراء حوارات وتوافقات مع المهنيين والمعترضين على القانون وإيجاد لغة خطاب متزنة وتصريحات إعلامية واعية وصادقة.//