التعنت السياسي ... والاقتراب المؤسسي !!!

التعنت السياسي ... والاقتراب المؤسسي !!!

المهندس هاشم نايل المجالي

في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لايجاد الحلول لازماتها المالية عبر قوانين وانظمة وتشريعات تطال كافة شرائح المجتمع والتغول على جيوبهم بصورة المتابعة القانونية والملاحقة القضائية كأسلوب جباية قصري .

فان منظمات المجتمع المحلي ( نقابات ومؤسسات غير حكومية ) تعيد توحيد صفوفها في مواجهة كل ما من شأنه ان يمس اساسيات دخلهم المعيشي والحياتي والعملي المخصص للعيش الكريم ضمن المستويات المعقولة ، بوجود متنفذين فاسدين عاثوا بالشركات الكبرى فساداً ودماراً وولوا هاربين او لا يزالوا قابعين في السجون ، في ظل هذا التفاعل الغير منسجم بين السلطة التنفيذية والنقابات المهنية وغيرها تحدث العديد من الاضطربات داخل هذه المنظومة خاصة ان بعض النقابات اصبحت الآن خارج الصندوق المظلم فأخذت مزيداً من التحرر في التعبير عن الرأي العام الوطني بحس جماعي توافقي مع بقية النقابات الاخرى التي كان تعاطفها وتشددها لا يقل حدة ، تعاطفت معها العديد من المؤسسات والهيئات المجتمعية حتى اصحاب المحلات والتجار والشركات .

اي اننا امام سلطة تنفيذية لا زالت تمارس الاساليب التقليدية القديمة على انها صاحبة الولاية في التحكم بكل شيء دون ان يكون هناك مجال للحوار والنقاش خارج اطار نظرياتها وقوانينها التي تشرعها عبر مؤسساتها الافتائية التي تنطوي تحت اجنحتها ، متناسين ان هناك مصلحة وطنية ومصلحة عامة مشتركة من اجل الوفاق والاتفاق فهناك ابعاد اخلاقية وابعاد بنيوية ولم يعد ذلك المجتمع ذو البنية الضعيفة في ظل وجود عالم منفتح بوسائل التكنولوجيا الاعلامية والتواصل الاجتماعي الذي يربط جميع مكونات الشعب المتضرر في موقف واحد وصوت واحد وهدف واحد ، فالمجتمع اصبح قادراً على كبح جماح الرغبات الشخصية للسياسيين في الحفاظ على مكانتهم السياسية على حساب مؤسسات المجتمع الضعيفة فالمجتمع اصبح يمتلك العديد من الوسائل لحماية مصالحه المعيشية والعملية المهنية ، وهذه المؤسسات المجتمعية القوية هي في صالح الوطن عندما تقف سداً منيعاً امام اي انحراف يخلق ضرراً مباشراً في البنية المجتمعية فهو اقدر على ان يوضح مصالحه العامة والعمل على تلبيتها وتحقيقها وهذه سياسة المجتمعات المتطورة عن تلك المتخلفة التي اخذت من العنف عنواناً لها .

كذلك فهي مؤسسات مجتمعية نقابية وغيرها مثقفة واخلاقية فتحليلها وتقييمها يكون وفق الأطر السليمة ، فالدولة الحديثة تأخذ برأسها ومشورتها وتستأنس برأيها وهي مشاركة ديمقراطية ، فالحكومة خلقت هوة كبيرة في ظل العصرنة الحديثة تخلق حالة عدم استقرار سياسي ومجتمعي وعقبة امام التوافق والتوازن وخلقت معارضة سياسية من لا شيء بدل من اثبات وجودها بحنكة سياسية تشاركية وتوافقية مع النقابات والمؤسسات الاخرى ،

والانظمة السياسية التي ترتفع فيها نسبة المشاركة المؤسساتية غير الحكومية تسمى بالانظمة المدنية المتحضرة .

 وكما نعلم فان الضحية دوماً اجمل بكثير من جلادها حتى دولياً وعالمياً فاذا كانت الحكومات المتعاقبة تسعى لحل ازماتها على حساب شعبها بأسلوب الجلد ( الجباية ) تدريجياً فانها ستصل مرحلة موت الضحية ، او مقاومته لتلك الجلدات المتعاقبة حتى لا يصل المجتمع الى مرحلة التفكك ، فهناك فرص كثيرة للتقليل من الهوة بين الحكومة والنقابات والمؤسسات الاخرى في ظل وجود عناصر الحكمة والعقلانية والثوابت الوطنية المشتركة بعيداً عن التعنت السياسي والتحدي المؤدي الى المواجهة .

ان التفاعل بين النظام السياسي والنظام الاجتماعي هو تفاعل ديناميكي ، فكل واحد منهما يشكل الاخر والتنافر بينهما يخلق حالة عدم استقرار ، فكيف سيتم الاصلاح ومحاربة الفساد ، وكيف سيتم تحقيق الديمقراطية التشاركية ، وكيفية تنمية مهارات التفكير التحليلي النقدي للمسائل والقوانين المتصلة بالنظم الحياتية وادراك الابعاد الحقيقية لها ومواجهة التحديات المختلفة وتحديد المعايير الملائمة والموائمة للحياة المعيشية والعملية وفق فهم عميق لخيارات الاستمرار من اجل الاصلاح ، فاذا لم نصلح انفسنا فكيف سنصلح المسيرة فهناك سياسة الاقتراب للحكومة التي يجب ان تتبعها للتقرب بشكل او بآخر مع منظمات المجتمع المدني نقابات وهيئات غير حكومية بدل الاعتماد الكلي على مؤسساتها التي تشرع لها ما تريد وفق ما تريده دون الاخذ بعين الاعتبار الاطراف الاخرى فهذه النقابات والمؤسسات والهيئات وسيط ( علمي تقني قانوني ) بين الحكومة والشعب .

تعمل على التحليل والتقييم والقدرة على التفسير اكثر من غيرها كونها الاقرب الى كافة الشرائح المجتمعية وبكل موضوعية لاختيار المناسب كما يستخدم هذا الاقتراب السياسي كاطار لتحليل الظواهر السياسية والاجتماعية وتوضيح جوانبها وابعادها الاساسية ، والكيفية لمعالجة كافة الموضوعات المتعلقة بها .

فالكل ينظر للموضوع من زاويته واقتراب كافة الاطراف من فهم اي ظاهرة او تحليل اي قانون او قرار بقصد التفسير المنطقي هو مُرضٍ للجميع بتعدد الافكار وبأسلوب العصف الذهني لتقليب الظاهرة من كافة جوانبها وكشف خفاياها والوصول الى اعماقها ، فالسعي الى ادراك اي ظاهرة لأي قانون مهمة تتطلب من الجميع ان يتلمسوا المسالك الموصولة إليه بنمط سياقي مشترك بخيارات موضوعية مشتركة وليس بنسق فردي يجمع عليه البعض وليس الغالبية .//

 

 

hashemmajali_56@yahoo.com