إضراب اليوم..
بلال العبويني
الإضراب، هو شكل من أشكال التعبير المشروع، وهو فعل حضاري تلجأ إليه الشعوب الحية المتحضرة للدفاع عن مصالحها، وهو في مثل حالة قانون الضريبةالراهن ليس أكثر من سعي المضربين للتنبيه من خطورته على كافة القطاعات حتى الفقيرة منها والتي سيكون سيفا جديدا مسلطا على ما تبقى من قوت يومها.
تعديلات القانون ولدت مشوهة، بما أقفلت فيه الحكومة الباب على نفسها غير صاغية لكل تلك الاعتراضات التي سجلتها مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية والأفراد بمختلف طبقاتهم، وبما أصرت به على بنود القانون غير آبهة بما سيتسبب به من آثار اجتماعية واقتصادية.
الحكومة قالت في وقت سابق إنها أجرت حوارات حول القانون وأنها استمعت لكل الملاحظات، وفي الحقيقة لا أحد يعلم مع من تحاورت وما هي الملاحظات التي استقبلتها والكيفية التي تعاملت معها.
بل إن التحشيد الهائل لكافة القطاعات للمشاركة في الإضراب اليوم يدل بما لا يدع مجالا للشك أنه لم يكن هناك حوارات حول القانون "ولا ما يحزنون"، وما يؤكد ذلك أيضا دفع الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب متجاهلة كل تلك الأصوات الاحتجاجية والتحذيرية.
كل ما هو مأمول اليوم من الحكومة أن تبادر حقيقة إلى سحب مشروع القانون من مجلس النواب وأن تسارع إلى الجلوس مع كافة القطاعات المعترضة عليه للوصول إلى حل يرضي الجميع.
في ظني لو أن الحكومة بادرت إلى عقد مثل تلك الحوارات ولم تستعجل في دفع القانون لأروقة مجلس النواب، لكان بالإمكان الوصول إلى توافقات حوله، ولقبلت الغالبية بمبررات فرض ضريبة على الدخل ومحاربة التهرب الضريبي.
في "معركة ضريبة الدخل"، للأسف ليس هناك من أنصار للحكومة، حتى أن مسؤولين تسلموا في وقت سابق مواقع متقدمة لهم الكثير من الملاحظات عليه، والتي منها أنه سيضر بالاستثمار ولن يكون عاملا مشجعا عليه، وأنه سيساهم في إضعاف القدرة الشرائية وتذويب الطبقة الوسطى بالإضافة إلى مساهمته في إضعاف حركة السوق وهو ما سيؤثر بالنهاية على مردود الخزينة من الضريبة كما الحال في الضريبة التي فرضت على قطاع السيارات الهجينة.
كان ثمة من توقع أن لا يشارك الفقراء في معارضة قانون الضريبة باعتبار أنهم ليسوا مشمولين بالضريبة، لكن التجارب الماضية وما كان يقال أن 80 أو 90 في المئة لن يتأثروا بالقرارات الحكومية كان الفقراء أول من يتأثر بها.
اليوم، الفقراء كما غيرهم ممن هم محسوبون على الطبقة الوسطى سيكونون أكثر المتضررين من القانون عندما ترتفع عليهم أيجارات المنازل وترتفع عليهم أسعار السلع وغيرها.
لذلك، من المهم اليوم أن تبادر الحكومة إلى سحب القانون، لأن ليس من المصلحة أبدا أن يوضع مجلس النواب في مثل هكذا مطب، سيساهم في تدمير صورته وبما يجعله غرفة ثانية من غرف الحكومة، لأن الجميع يعلم نفوذ الحكومة داخل النواب بما يمنحهم إمكانية تمرير ما يريدون من قوانين مع تعديلات ليست أكثر من بهارات لم يعد المواطن يستسيغها.
بعد إضراب اليوم، الأسلم للجميع سحب القانون من النواب والمسارعة لإجراء حوارات معمقة مع الجميع وليس غير ذلك. //