الجنوب السوري.. هل تشكلت القناعة؟

الجنوب السوري.. هل تشكلت القناعة؟

بلال العبويني

يبدو أن كل الأطراف الرئيسية المتداخلة في الأزمة السورية باتت جاهزة للتعامل مع معركة الجيش السوري في جنوب سوريا، بل ولا يُستبعد أن تكون هناك ترتيبات تضمن بسط الجيش السوري سيطرته على المنطقة وصولا إلى معبر نصيب/ جابر الحدودي مع الأردن.

من ناحية روسيا، يمكن أن يفهم سلوكها السياسي في سوريا مؤخرا على نحو يهدف إلى تقويض توسع النفوذ الإيراني، وطهران أيضا يمكن أن يُفهم من تصريحات سفيرها في عمان مجتبي فردوسي حول عدم تواجد قوات موالية لإيران في جنوب سوريا على أنها باتت مقتنعة أن لا جدوى من وجودها هناك وأن الأسلم لها راهنا عدم فتح معارك مع الاحتلال الإسرائيلي.

ومن ناحية الاحتلال الإسرائيلي، فإن ما يهمه من منطقة الجنوب السوري عدم اقتراب القوات المحسوبة على إيران من الأراضي التي يحتلها، وبالتالي فإنه ليس لديه مانع إن بسط الجيش السوري سيطرته على المنطقة كما كان الواقع قبل اندلاع شرارة الأزمة السورية قبل أكثر من سبع سنوات.

وجهة النظر الأمريكية عند ذاك، لن تكون ممانعة طالما حليفتها الأوثق "إسرائيل" ضمنت عدم توسع النفوذ الإيراني في جنوب سوريا وعلى مقربة من الأراضي التي تحتلها، وطالما أن الاحتلال راض بما تم الترتيب إليه إن صدقت الأنباء بحدوث اتفاق روسي إسرائيلي على ذلك.

يبقى في هذه المعادلة، موقف الأردن الحريص كل الحرص أولا بالإبقاء على اتفاق خفض التصعيد قائما، وثانيا بعدم اقتراب القوات الموالية لإيران من الحدود الأردنية.

ما تعلق بتواجد القوات الإيرانية في المنطقة، أجاب عليه السفير الإيراني لدى عمان مجتبي فردوسي الأسبوع الماضي عندما أكد على عدم وجود قوات موالية لإيران في جنوب سوريا، بالإضافة إلى تأكيده على ضرورة الإبقاء على منطقة خفض التصعيد في جنوب سوريا.

تلك التصريحات نُظر إليها على أنها رسائل طمأنة ترسلها طهران لعمان، وربما قصدت إرسالها إلى أطراف أخرى معنية بمعادلة الجنوب السوري.

 

 

إن تأكيد كل الأطراف على ضرورة الحفاظ على اتفاق خفض التصعيد، يفرض ترتيبات من نوع ما لمعركة الجيش السوري في مناطق الجنوب، ما يعني أن الجميع بات جاهزا لساعة الصفر، ويعمل على التخفيف من آثار تلك المعركة، ولعل أسلم الطرق إلى ذلك رفع اليد عن فصائل المعارضة، ما سيجعلها دون غطاء قد يدفعها إلى الدخول في مصالحات مع الحكومة السورية أو الاتفاق على الترحيل لمناطق أخرى داخل سوريا كإدلب مثلا.

إن توقيع اتفاق مصالحة أو اتفاق ترحيل لعناصر المعارضة المسلحة من شأنه أن يزيل التخوف الأردني على وجه التحديد من أن تساهم في عدم اندلاع معركة طاحنة في الجنوب ما يعني الاطمئنان إلى تدفق المزيد من اللاجئين إلى الحدود ومن شأنه أن يبقي اتفاق خفض التصعيد قائما.

المنشورات التي ألقتها الطائرات السورية على معاقل المعارضة في الجنوب قد تكون جزءا من الترتيبات المتفق عليها مع جميع الأطراف لدفع المسلحين إلى اختيار أي من الخيارين السابقين.

إن تحقق ذلك، فإن الجميع سيكون قد حقق ما يريد من مكاسب، وتكمن في ابتعاد القوات الموالية لإيران عن المنطقة، وبسط الجيش السوري سيطرته على الجنوب، وضمان الإبقاء على خفض التصعيد وهو ما قد يعجل من إمكانية فتح المعابر الحدودية مع الأردن.//