ضريبة الدخل.. حوارات تسبق الإضراب
ضريبة الدخل.. حوارات تسبق الإضراب
حسين الجغبير
تتصاعد وتيرة الاحتجاجات على تعديلات قانون ضريبة الدخل، التي لا شك أنها ستلقي بأعباء جديدة وثقيلة جدا على المواطنين، الذين هم في الأساس يعانون من أزمات اقتصادية كبيرة، فرضتها زيادات متلاحقة في أسعار السلع.
ولعل دعوة مجلس النقباء إلى إضراب الهيئات المهنية إلى تنفيذ إضراب عن العمل يوم بعد غد الأربعاء احتجاجا على مشروع قانون الضريبة كان قرارا صادما بالنسبة الحكومة، كما وصفه عضو مجلس النقباء ونقيب المهندسين الزراعيين عبد الهادي الفلاحات، حيث، وعلى غير العادة،
ذهب مجلس النقباء إلى الاضراب مباشرة دون التدرج في اجراءاته التصعيدية.
لا يخفى على أحد التأثير الكبير على كافة مفاصل الحياة المترتبة على التصعيد المتوقع يوم الاربعاء، لما له من نتائج سلبية، وهذا لا يعني أن قانون الضريبة الجديد "مبارك"، فهو ليس الخطوة الصحيحة، كما ليس في الاتجاه الصحيح، حيث الأولى أن تتجه الحكومة إلى تفعيل التحصيل الضريبي من المؤسسات التي تنجح لغاية هذه اللحظة بحجب ملايين الدنانير عن خزينة الدولة جراء تهربها ضريبيا، دون أن تمسها أيادي دائرة ضريبة الدخل.
لا شك أن الحكومة وبإعلانها نية رئيس الوزراء هاني الملقي عقد سلسلة لقاءات مع النقابات المهنية ومختلف القطاعات الصناعية والتجارية، والكتل النيابية بهدف إجراء حوار موسع حول كافة التعديلات، يمثل مبادرة طيبة من شأنها احتواء أي تصعيد متوقع، فمهما اختلف المتحاورين، فإن العصف الذهني القائم بينهم كفيل بالوصول إلى نقطة التقاء، بدلا من حالة التنافر، والتجاذب، التي ستفرز حالة من التوتر الاردن بغنى عنها.
كما لا شك أن الأجواء الآن بلغت مرحلة دفعت حكومة الملقي إلى الجلوس على طاولة الحوار، وهذا أمر يسجل لها، لأن الاصل في العمل العام أن يكون لصالح الوطن والمواطن، وبالتالي الاستماع إلى ملاحظات الشارع من خلال مؤسسات المجتمع ومجلس النواب، بداية هامة لتلاقح الأفكار للخروج بما يعود بالنفع على الجميع، حكومة ومواطنين.
مشروع قانون ضريبة الدخل المحال الى مجلس النواب مؤخرا، يحتاج، مهما بلغت أهمية إقراره، إلى تأني وبحث ومناقشة، لأنه لا بد من نقاط التقاء تحتضن الجميع.
الأيام القادمة هامة جدا، والعقل يؤكد أن على الحكومة عدم الإصرار على موقفها بشأن التعديلات، لأن ذلك قد يؤدي إلى نتائج لا يمكن توقعها، تتمثل في انتهاء الطبقة الوسطى، وبالتالي زيادة غير مسبوقة في الطبقة الفقيرة، وهذا أمر يجب أن تتوقف عنده الدولة، فهو لا شك سيكون مؤشرا على زيادة الجريمة والفساد والسرقة، وغيرها من السلوكيات السلبية التي قد تؤدي إلى شرخ مجتمعي.
كما العقل يؤكد ايضا، أن دعوة النقابات المهنية إلى الاضراب، ما هو إلا طعنة في خاصرة الوطن، لأنه ليس الحل الأمثل والأنجح لاقناع الحكومة، أو حتى إجبارها عن التراجع عن القانون، فهناك وسائل أخرى يجب ان تؤخذ في مثل هذه الحالات، وأهمها فتح أبواب النقاش ووضع الحلول والبدائل على طاولة الحوار.