رابطة الكتاب.. وأسئلة استقالة "نصر الله"
وليد حسني
شعرت بالحرج والضيق حين قرأت نص استقالة المبدع الزميل ابراهيم نصر الله من عضوية رابطة الكتاب الأردنيين قبل ايام مضت، فقد بدا النص المستقيل وكأنه عنوان عريض لخبر سيىء في جريدة لا يقرأ أحد حتى صفحتها الأولى.
وجاء في نص الإستقالة (أحييكم صديقات وأصدقاء، وباعتباركم أكبر سلطة في الرابطة، أتقدم إليكم باستقالتى من رابطة الكتاب الأردنيين التى تشرفت بعضويتها منذ أربعين عاما تقريبا. متمنيا لكم جميعا مزيدا من الإبداع، وكل ما تحتضنه الكلمة من حرية وجمال فى وجه الضيق والعمى .)
تلك الإستقالة التي لا اعلم إن كانت الهيئة لإدارية لرابطة الكتاب قد وافقت عليها أم لا ، تفتح الباب على مصراعيه لمعاودة النظر للمشهد الثقافي الأردني بأكثر من عينين مفتوحتين، بعد ان تم تكريس هامشية المثقف الأردني، ودونيته وحتى سلبيته غير المحدودة في التفاعل والإنفعال تغييرا وتنويرا في المجتمع.
جاءت استقالة نصر الله كما فهمتها وكأنها رسالة احتجاج حرة في وجه الضيق والعمى، وبمعنى أكثر تبسيطا في وجه رفض الآخر وتهميشه وعدم القبول به، وكأن نصر الله رأى الذي لم يره الكثيرون، أو أرادوا التغاضي عما يرونه في إطار البحث عن أي وسيلة لضمان سلامة المركب ومنجاته من الغرق.
اليوم رابطة الكتاب الأردنيين في مواجهة استحقاقات مرحلة بكاملها، وعليها وعلى إدارتها الإجابة على عشرات الأسئلة التي تتدحرج أمامها، ولعل في مقدمتها لماذا تجاهلت رابطة الكتاب فوز أحد أعضائها بجائزة عربية عالية المقام وهي جائزة البوكر للرواية العربية التي فاز بها نصر الله عن روايته"حرب الكلب الثانية".
والسؤال يبدو أكثر من مشروع في مواجهة سياسة التهميش والعمى وإغماض العينين وحتى الفؤاد عما يجب أن تقوم به من دور داعم وفاعل ليس لأعضائها من الزملاء المبدعين فقط وإنما لدعم دور المثقف الأردني في مجتمعه وفي بيئته وهو ما لم تفعله الرابطة نهائيا.
ما الذي يجعل رابطة الكتاب هذا الأوان مستلبة تماما، ومغيبة تماما، ولا دور لها، ولا اظن ان الأسباب تتعلق فقط بالصراعات الإنتخابية وبنتائجها، ففي الدورة الإدارية الحالية يتوافر التنوع الإنتخابي بشكل واضح، لكن من المؤكد ان المشكلة ليست في العوامل والصراعا ت الإنتخابية وإنما في مسائل أبعد من ذلك بكثير.
على الرابطة توضيح موقفها من العمل الثقافي، والخروج من التحوصل، واختلاق برامج ابداعية تكرس دورها كمؤسسة وطنية تمثل بيت المثقفين الأردنيين، بدلا من البقاء وكأنها مجرد عنوان لمكتب على خاصرة دوار باريس في جبل اللويبدة.
استقالة نصر الله مجرد دورة لمفتاح قد يدور دورة كاملة إذا لم تتدارك الرابطة كل أسباب هذا الإنحدار، ولعلي أنصح إدارة الرابطة المشتركة هنا بالتوبة عن الصراع والبحث عن وسيلة للمحافظة على السمعة الطيبة للرابطة وحمايتها من أي خدش قد يتعلق بالاصولية المنبتية، ومدى نقاوة الدم الطاهر ومدى تلوث الدم الأصولي المُدان.
وبالرغم من ان الحديث يطول هنا ويتشعب فإن امام إدارة الرابطة الوقت الكافي لمعالجة أية اختلالات قبل أن يتسع الخرق على الراتق، ولا أظن ان تجاهل تكريم ابراهيم نصر الله وغيره سيكلف الرابطة الكثير، ولا أظن ان المشكلة في التكريم أصلا بالقدر الذي وصلت المشكلة فيه إلى العجز عن خلق مبادرات وتنفيذها..
وتلك مشكلة اعمق مما يتخيلها البعض ولعل هذا ما قصده نصر الله بقوله" الكلمة الحرة الجميلة في مواجهة الضيق والعمى ".
والمشكلة كما أراها تتجلى في مدى اختبار القدرة على الفعل والتفاعل باستقلالية تكفل لك الحرية في الإختيار ، والحرية في اتخاذ القرار..//