افتتاح مؤتمر السياسات: آثار تدفق اللاجئين السوريين على الاردن
عمان – بترا
نظم المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومنتدى البحوث الاقتصادية أمس مؤتمر السياسات حول "التشغيل والتعليم والإسكان في الأردن: آثار تدفق اللاجئين السوريين"، والندوة الدراسية الأكاديمية حول سوق العمل الأردني.
وتم خلال المؤتمر إطلاق نتائج المسح الثاني التتبعي لأسواق العمل في الأردن بالإضافة إلى عرض نتائج عينة بحثية من النازحين إلى سوق العمل والذين يعيشون في مناطق ذات كثافة سكانية عالية من اللاجئين والنازحين.
ويهدف المؤتمر إلى دراسة تأثير تدفق اللاجئين السوريين على مختلف حياة الأردنيين بما في ذلك نتائج سوق العمل ووصولهم إلى خدمات التعليم والإسكان وسلوكهم الديموغرافي من حيث الزواج والخصوبة.
واستندت أوراق السياسات التي تم تقديمها في المؤتمر إلى سلسلة من الأوراق البحثية الأكاديمية التي تم تنفيذها بعناية، والتي تسعى إلى اتباع أحدث الأساليب التحليلية من أجل دراسة آثار تدفق اللاجئين بمعزل عن آثار الأزمة الاقتصادية الشاملة التي واجهها الأردن في المدة نفسها.
واكد وزير التخطيط والتعاون الدولي عماد الفاخوري ان أعباء اللجوء السوري على الأردن وصلت حداً تجاوز حد الإشباع، مشيرا الى أن الشراكة مع المجتمع الدولي والدول المانحة في تحمل آثار الأزمة السورية على الأردن ساعدتنا في تعزيز منعتنا في ظل وضع إقليمي صعب وغير مسبوق.
وقال، "لقد نجم عن اللجوء السوري ضغوطات كبيرة على كافة مناحي الحياة خاصة قطاعات المياه والصرف الصحي والصحة والتعليم والخدمات البلدية وقطاعات التجارة والصناعة والعمل والإسكان، بالإضافة إلى الأعباء على الخزينة، وظهور مشاكل اجتماعية لم تكن معروفة لدى المجتمع الأردني في السابق"، مضيفا ان هذه الضغوطات تفاقمت في ظل عدم كفاية الدعم المقدم من المجتمع الدولي والذي حدّ من قدرة الحكومة الأردنية والمجتمعات المستضيفة على استيعاب هذه الموجة من اللاجئين التي بدأت منذ ما يزيد على ثمانية أعوام وما زالت مستمرة.
وتابع الفاخوري، "بالرغم من استمرار التحديات القائمة والاستثنائية التي يواجهها الأردن حالياً بما فيها تبعات استضافة اللاجئين السوريين فإننا نعمل على مواصلة مسارات الإصلاح الشامل وتحقيق الازدهار للمواطنين وتعزيز منعة الأردن وتحويل التحديات إلى فرص من خلال الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والمالي، ووضع وتنفيذ برنامج النمو الاقتصادي الأردني والمستند إلى وثيقة الأردن 2025 وخطة تحفيز النمو الاقتصادي".
واوضح ان عدد اللاجئين المسجلين في الأردن يبلغ 9ر2 مليون لاجئ، ما يجعله أكبر دولة مستضيفة للاجئين في العالم من حيث القيم المطلقة والنسبية.
وبين أن الأثر المالي الشامل للأزمة بما في ذلك التكاليف المباشرة منذ عام 2012 وحتى نهاية العام 2017، يقدر بحوالي 291ر10 مليار دولار وهو ما يعادل حوالي 14 بالمئة من مجموع الموازنة العامة، في حين قدرت التكلفة غير المباشرة السنوية بناءً على دراسة أعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بحوالي 1ر3- 5ر3 مليار دولار سنوياً، مؤكدا ان ترك الأردن والدول المضيفة للاجئين بدون الدعم المالي المطلوب، سيسهم في أن تمتد الأزمة بعيداً وسيكون لها ثمن باهظ يزيد من المعاناة الإنسانية للعالم.
وقال، ان الأزمة السورية واستمرارها وأثرها على الأردن يتطلب مساراً جديداً من خلال النهج الشمولي- العقد مع الأردن، الذي تم تبنيه في مؤتمر لندن عام 2016 والذي يستند الى تحويل أزمة اللاجئين السوريين إلى فرصة تنموية تنعكس إيجاباً على المجتمعات المستضيفة واللاجئين.
واكد وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز ان تأثير اللجوء السوري على مختلف جوانب العملية التعليمية وبخاصة أثرها على خطط الوزارة، وفرض على الجهات الرسمية الحكومية مواجهة تحديات الأزمة على النظام التعليمي للتقليل من آثارها.
وعرض الرزاز لابرز تأثيرات اللجوء على التعليم، منها الاكتظاظ الكبير في أعداد الطلبة بالمدارس ونظام الفترتين والبيئة التعليمية في المدارس فضلا عن التأثير على خطط الوزارة والتي اصبح تنفيذها أبطأ والتحول نحو التعليم الشمولي، مضيفا ان الأردن التزم اخلاقيا وعروبيا وإنسانيا في استقبال اللاجئين على أراضيه ما يتطلب من المجتمع الدولي عدم ترك الأردن وحيدا في مواجهة هذه الأزمة.
وأضاف الرزاز، نأمل من المجتمع الدولي ان يرتقي لمسؤولياته الإنسانية تجاه اللاجئين في الدول المستضيفة للتخفيف من آثار اللجوء السوري على هذه الدول، موضحا ان عدد الطلية السوريين المنتظمين في الدراسة يبلغ 130 الف طالب فيما يقدر عدد الطلبة ممن هم في سن الدراسة من غير المنتظمين حوالي 100 ألف طالب.
وقال أمين عام وزارة العمل هاني خليفات ان الاقتصاد الأردني تأثر كثيرا نتيجة تداعيات اللجوء السوري حيث كان لذلك أثر على سوق العمل، لافتا الى تصاعد نسبة البطالة الى حوالي 5ر18 بالمئة.
وأضاف، ان عدد تصاريح العمل الصادرة للاجئين السوريين بلغ حوالي 100 ألف تصريح عمل كما تم إصدار تعليمات خاصة تسمح للاجئين بمغادرة المخيمات لتمكينهم من العمل بالإضافة إلى إصدار تصاريح عمل مرنة للسوريين للعمل بقطاعي الزراعة والإنشاءات واعفائهم من رسوم تصاريح العمل وشهادة الفحص الطبي، موضحا ان نسبة السوريين الحاصلين على تصاريح عمل حوالي 12 بالمئة من اجمالي تصاريح العمل.
وقال أمين عام المجلس الاقتصادي والاجتماعي محمد النابلسي إن هذا المؤتمر يأتي استكمالاً لجهود سابقة قام بها المجلس في دراسة أثر اللجوء السوري على الأردن والتي نتج عنها إصدار ثلاث دراسات تناولت الأثر على سوق العمل وعلى الاقتصاد الأردني، اضافة إلى الأثر على الخصائص الاقتصادية والاجتماعية للمرأة الأردنية.
وأضاف، ان الأردن ومنذ عام 2011 عانى ويعاني من تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين، وشكل اللجوء ضغوطا هائلة على الاقتصاد وسوق العمل وتجلّى ذلك في تباطؤ كبير بمعدلات النمو، وانخفاض في معدلات التشغيل بين الأردنيين وزيادة في معدلات البطالة، إلى جانب الضغوط الكبيرة على البنية التحتية ومصادر الطاقة والمياه والتعليم والصحة.
وقال مدير منتدى البحوث الاقتصادية الدكتور إبراهيم البدوي خلال إدارته للجلسة الأولى في المؤتمر ان المنتدى الذي أسس عام 1993 يعد بمثابة شبكة إقليمية للاقتصاديين البارزين بالمنطقة، ويعمل وفق ارفع المعايير العالمية، ويتعاون مع طيف واسع من المؤسسات والخبرات عبر العالم.
وعرض لأهم أنشطة المنتدى مثل إنتاج البحوث التي تتناول تحديات التنمية الملحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبناء القدرات البحثية الرصينة في الإقليم الجغرافي الذي يغطيه المنتدى، وتجديد الفكر الاقتصادي، وإتاحة نافذة للحوار النقدي بين مختلف الأجيال والمدارس البحثية.
ودعا الزميل البحثي بمنتدى البحوث الاقتصادية والاستاذ بجامعة مينيسوتا الاميركية الدكتور راجي اسعد، صناع القرار في المنطقة إلى بذل عناية اكبر ببحوث أسواق العمل العربية والعوامل التي تؤثر عليها، وتوفير البيانات اللازمة وتحديثها من اجل بناء سياسات متماسكة للتعامل مع قضايا التنمية البشرية، ومواجهة تأثير التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للازمات التي تمر بها المنطقة على البطالة والتشغيل والخدمات الاجتماعية بشكل فعال.
واكد ان الهدف الأساسي من الدراسة الجديدة معرفة تأثير أزمة سوريا على المجتمع الأردني خاصة علي التعليم والعمل والخدمات كالإسكان وعلى العوامل السكانية الديموغرافية مثل سن الزواج وتكوين الأسر والأنجاب بين الأردنيين واللاجئين.
وتناول المؤتمر الذي عقد بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة وجامعتي اليرموك والحسين بن طلال الأثر العام لأزمة اللاجئين السوريين على الأردن وعرض نتائج مسح فريق سوق العمل الأردني بالنسبة لجوانب محددة من سوق العمل الأردني.