أمل العودة يزدهر والفلسطينيون يتوارثون الوجع و"كوشان" الأرض ومفتاح البيت

سبعون عاما على النكبة، وحلم العودة الذي يزدهر كل يوم لم يعد مجرد حلم يراود الفلسطينيين وإنما إصرار على استعادة حقوقهم المسلوبة وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، تتضاءل أمامه كل الأحلام.

وتمر ذكرى النكبة الفلسطينية التي وقعت في 15 من أيار عام 1948، والشوق الجارف لتراب فلسطين يزداد كل يوم رغم السنين، تراه في العيون ووجع الحديث عن الذكرى، وسط إصرار ليس غريبا على 'توريث مفتاح الدار وكوشان الأرض وحفر ثوابت القضية والصراع العربي الصهيوني في الذاكرة والوعي الجمعي لدى الأجيال التي تتوارث عن الآباء والأجداد كواشين الأرض ومفاتيح البيوت وحب الديار وجهاد المحتلين'.

وفيما تقوم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي تأسست عام 1949 من أجل رعاية اللاجئين الفلسطينيين، على رعاية نحو 1ر5 مليون لاجئ مسجلين في حوالي 60 مخيماً في الدول العربية، ينظر فلسطينيو الاردن الذين يبلغ عددهم حوالي مليوني لاجئ يتوزع معظمهم على 13 مخيما في مناطق المملكة، باعتزاز الى دور الهاشميين في احتضانهم ورعايتهم وتحسين احوالهم المعيشية، ودعم حقهم بالعودة في مختلف المحافل الدولية.

القائم بأعمال مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية المهندس نضال حداد قال، في 15 أيار من كل عام تحل ذكرى 'المأساة والتهجير' التي تعرض لها الشعب الفلسطيني عبر عقود من الالم والمعاناة وانكار حقه في العودة الى أرضه ووطنه الذي اقتلع منه، وتشرد عنه.

ويقول، إن معالم هذه المأساة الانسانية ما زالت بارزة للعيان عبر مخيمات اللجوء الفلسطيني، تروي قصة ذلك الظلم التاريخي الفادح الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 الى يومنا هذا، بانتظار إنصافه والاعتراف بحقوقه المشروعة في العودة الى أرضه ووطنه، وتعويضه عن الالم والمعاناة، التي تعرض لها عبر سنوات اللجوء، وفقاً لقرارات الامم المتحدة والاعراف والقوانين الدولية والانسانية.

وأضاف، ان الحمى العربي الهاشمي الاردني احتضن قضية فلسطين وشعبها، وعلى ثرى فلسطين سطر الجيش العربي الاردني عام 1948، اروع صور البطولة والتضحية في الدفاع عنها، مشيرا الى أن قضية اللاجئين الفلسطينيين تحتل أهمية عليا في السياسة الأردنية.

وأشار الى أن لأردن يؤكد باستمرار أن أي جهد سياسي ودبلوماسي يُبذل من أجل إيجاد تسوية سلمية لهذا الصراع يجب أن يتضمن الاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وبشكل خاص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194)، دون أن ينسيه ذلك دوره في تحسين الاحوال المعيشية لأبناء المخيمات وتوفير سبل العيش الكريم لهم، مبينا ان الاردن يشدد على أهمية عمل وكالة (الاونروا) في رعاية وخدمة اللاجئين والنظر اليها كتعبير عن التزام سياسي دولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين، وضرورة استمرارها بتقديم خدماتها الانسانية لحين حل قضية اللاجئين استناداً الى قرارات الشرعية الدولية.

وقال خبير القانون الدولي المحامي الدكتور انيس قاسم انه في عام 1948 أصاب فلسطين، شعباً وأرضاً، زلزالا مدمرا لا زلنا نشعر بتردداته حتى الان، ذلك ان العصابات الصهيونية المسلحة استطاعت اقتناص فلسطين أرضاً، وتحويل شعبها الى لاجئين، ونفذت خطة عسكرية محكمة وارتكبت مجازر أدت الى احداث رعب شديد التأثير على سكان القرى والبلدات الفلسطينية، موضحا ان تلك الحرب البشعة ادت الى تفكيك كل مؤسسات الشعب الفلسطيني وتمزيق اواصره كشعب ودفعه الى خارج حدود وطنه.

وأشار الى ان آثار الحرب ما زالت تتفاعل الى الآن، فلا الفلسطيني تمكن من العودة ولا الزمان أنساه موطنه، ولا اتفاقيات السلام أنصفته، لافتا الى أن اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترمب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، يشكل خطراً داهماً وحقيقياً على المشروع الوطني الفلسطيني، باعتباره توطينا للعدوان والاحتلال.

الرئيس السابق للهيئة الاستشارية في مخيم البقعة عدنان الاسمر قال، انه وبالرغم من مرور سبعين عاما على ذلك الحدث المأساوي، ظل الفلسطينيون متمسكون بحقهم في العودة الى وطنهم وتقرير مصيرهم واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

وأضاف، ان الفلسطينيين متمسكون بحقوقهم التاريخية المشروعة ورفضهم أي انتقاص منها، وبالذات القرار الاخير وهو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الاميركية اليها، مشددا على رفض اية حلول على حساب الاردن الداعم والمساند الاول لنضال وصمود الشعب الفلسطيني، حيث ظهر ذلك جليا بمواقف جلالة الملك عبدالله الثاني الواضحة حيال القدس ومقدساتها ودعمه ومساندته المتواصلة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتمسكه بحقوق اللاجئين في العودة والتعويض وفقا لقرار الامم المتحدة رقم 194.

وترى في عيون رئيس لجنة خدمات مخيم الزرقاء عامر محمود جادو، وهو حال كل من قابلتهم (بترا) شوقا جارفا لتراب فلسطين والعودة اليها، مؤكدا أننا 'نورث مفتاح الدار وكوشان الأرض وحب الديار وجهاد المحتلين الغادر، للأجيال القادمة حتى تتحرر فلسطين وتعود لأهلها الأصليين ففلسطين إسلامية وأرض عربية'، مضيفا 'اننا باقون على هذا العهد ما بقي لنا قلب ينبض، ولن نركع ما دام فينا طفل يرضع؛ لأننا أمة ولود، وصبح النصر والتحرر قريب يا فلسطين قريب'.

رئيس لجنة خدمات مخيم مأدبا احمد الكسابرة قال، 'سبعون عاما مضت وكأنها الدهر كله، فخمسة ملايين فلسطيني يحملون اسم لاجئ ومسجلون في وكالة غوث اللاجئين'، مؤكدا التمسك بالحقوق الوطنية المشروعة الراسخة الثابتة في التحرر والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس العربية، ورفض تقديم أي تنازلات تمس حقوقنا الشرعية الثابتة وفي مقدمتها حق العودة، ورفض مخططات التوطين والتهجير والتعويض، مضيفا 'نتوارث جيلا بعد جيل أمانة الوطن وهدف العودة اليه، مثلما نتوارث كل حكايا اللجوء والعذاب'.

ودعا الزميل الباحث والمؤرخ نواف الزرو الى حفر ثوابت القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي في الذاكرة العربية والوعي الجمعي العربي، مشيرا الى ان اسرائيل تسعى إلى اختطاف الارض والوطن والتاريخ والحضارة والتراث والهوية والسيادة، وتعمل بلا كلل على تهويد فلسطين تهويدا شاملا: جغرافياً وسكانياً وحضارياً وتراثياً وثقافيا واقتصادياً عبر التزييف الشامل لكل العناوين والملفات، من اجل تفريغ ذكرى النكبة وذاكرتها من مضامينها من كل معانيها ودلالاته.

وأوضح ان أول ثوابتنا التي لا بد من نقلها للأجيال هي ان أرض فلسطين عربية منذ الأزل بجذورها وحضارتها وتاريخها، وهي جزء من الوطن العربي الكبير، وستبقى عربية ما بقس في العرب والمسلمين عرق ينبض، كما وفيها المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وفيها كنيسة القيامة ومهد المسيح عليه السلام، وليس لليهود فيها تاريخ أو مقدسات، سوى أساطير وادعاءات عن آثار مندثرة لا يوجد لها أثر.

وشدد الزرو على حق كل من غادر فلسطين لاجئا بعد عام 1948 بالعودة إليها مهما طال الزمن،' فحق العودة إلى الوطن حق أصيل، لا يطاله تقادم الزمن وهو حق للآباء والأبناء والأحفاد'، مضيفا أن أهم الثوابت أن أرض فلسطين جزء من الوطن العربي الكبير، وشعب فلسطين جزء من الأمة العربية.

وقال، ان العدوان على فلسطين واغتصابها عدوان على كل العرب، وعلى ذلك فإن وحدة الأمة العربية والتضامن العربي الإسلامي أول وأكبر الضرورات لإعادة الحقوق إلى اصحابها، مشيرا الى أن كل الاتفاقيات والمبادرات التي وقعت لم تلتزم اسرائيل بها.

(بترا - بشرى نيروخ)