تعيينات بالجملة لإشغال الشارع عن رفع المحروقات

 

الحكومة تلجأ لمزيد من الجباية بقفازات ناعمة

 خسارة لتيار الديجتال وانتصار للمؤسسية البيروقراطية

نهاية ظاهرة الهبوط بالمظليات على المواقع العليا والمطلوب دعم النهج

كناكرية ابن البيروقراطية المخلص والشبلي والعمري والمدانات ابناء المؤسسة 

الانباط – قصي ادهم

بمهارة فائضة عن حاجة اللحظة الوطنية , نجحت الحكومة في خلط اوراق المجتمع الاردني خلال عطلة عيد العمال , حيث شغلت الشارع بتعيينات مفاجئة ومباغتة وفي مواقع متعددة , لتغطية حفلة رفع اسعار المشتقات النفطية وتعرفة الكهرباء , فكانت الغضبة الشعبية متفاوتة بين قابل لشكل التعيينات الجديدة القادمة من رحم المؤسسات ومثيرة لانصار التخلص من بقايا الديجتال وتحديدا في صندوق استثمار الضمان , ولعل المهارة في ربط المسارات حالفت الحكومة في هذه الخطوة , على امل استثمار هذا الذكاء في ابتكار حلول مقنعة لازمات الشارع الشعبي بدل استخدام الذكاء في تعميته والانقضاض على جيبه .

الحكومة وبدل اللجوء الى تخفيض ضرائبها الباهظة على المشتقات النفطية لمواجهة ارتفاع اسعار النفط , لجات الى طريقتها المعهودة بالتغول على جيب المواطن وقوته , ولكن بعد ارتداء قفاز ناعم بحيث نشرت التعيينات والاقالات بعيد دقائق من رفع اسعار المشتقات النفطية وتعرفة الكهرباء , ورغم ايجابية التعيينات الا ان ذلك لا يعفيها من مقاربة ضرورية لتكريس النهج الجديد في تعيين المواقع العليا بعد ان مارست الحكومة كل صنوف القتل الصامت لتقاليد تعيين الوظيفة العليا .

فرغم تكريس ظاهرة الانقلاب على آلية تعيين الوظائف العليا من خلال المنافسة , الا ان مجلس الوزراء منح تعيين الوظائف العليا صبغة معقولة من الوقار في جلسته الاخيرة , التي شهدت وجبة دسمة من التعيينات والاحالات على التقاعد او عدم تجديد العقود , فاللجوء الى كفاءة اردنية بحجم عزالدين كناكرية  للجلوس على مقعد ادارة الضمان , تلك المؤسسة التي ارتفع منسوب الخشية ان تعتقلها ادوات الليبراليين الجدد تراجعت بعد تعيين كناكرية ابن البيروقراطية الاردنية الوفي وغير القابل للانزياح عن تقاليدها الراسخة .

التعيينات الاخيرة كانت من رحم المؤسسات باستثناء كناكرية الذي انتقل من المالية حيث كان يشغل موقع الامين العام الى الضمان الذي كان ينتظر ان تحظى اسرته بشرف قيادة المؤسسة , وهذا فيه اعادة للاعتبار لالية الترقي داخل المؤسسات ويقطع الفرصة على الحالمين بالهبوط المظلي على المواقع العليا , بعد ان كرّس تيار الديجتال نظرية المظلات في معظم مؤسسات الدولة , بحيث فقدت الادارات العليا في المؤسسات العامة عنصر الثقة والامان الوظيفي وانتج ظاهرة ادارة الظهر والترهل , واذا كانت هذه السياسة هي المتبعة فإنها تستحق الدعم بالتأكيد , فالزميل محمد العمري ابن وكالة الانباء وكذلك المهندسة رولى المدانات مديرة المواصفات الجديدة  والحال متماثل مع امين عام وزارة المالية الجديد عبد الحكيم الشبلي .

استعادة ابناء المؤسسات لقيادة مؤسساتهم مثير للانتباه ويحتاج الى مزيد من الدعم والتثقيف , بعد موجة التعيينات الاخيرة في وزارة الداخلية التي استعانت بخبرات ستة محافظين دفعة واحدة من خارج الوزارة مما الحق الضرر بصورة البناء الوظيفي وهيكل الترقيات في ام الوزارات , والعودة الى ابناء المؤسسات , يشفي غليل كثيرين من انصار استعادة البيروقراطية الاردنية ثقلها الوظيفي وسمعتها الريادية التي اسهمت في بناء الواقع العربي المحيط بنا قبل ان تغتالها خناجر الليبرالية  المتوحشة .

التعيينات الجديدة ورغم الملاحظة على غياب التنافسية للتعيين , الا انها جاءت في حدود المعقول الوظيفي ولم تكسر تراتبية المؤسسات , لكنها ما زالت اسيرة المزاجية الرسمية وليست سلوكا اصيلا , وربما جاءت استجابة لتخوفات كثيرة كانت تتحدث عن عودة مبطنة لاذرع تيار الديجتال الذي انهك الوظيفة العامة بالهبوط المظلي للاتباع والاعوان كما ارهقها انحياز ابناء البيروقراطية التقليدية الى المحاسيب والانسباء , وكان الخاسر الاكبر الوظيفة العامة التي اصابها الترهل وغياب الدافعية , وعلى الحكومة ان تكشف بوضوح عن نهجها في تعبئة الوظائف لدرء المفاسد .//