انا مسلمٌ أتبَعُ المَسيحَ أيضا ..
انا مسلمٌ أتبَعُ المَسيحَ أيضا..
وليد حسني
ربما سيثير عنوان مقالتي هنا البعض، وقد يذهب بعض البعض الى الشطط في التفسير والتأويل والتقويل، وكأن العنوان بدعة او ردة، أو عبث في مكنون مستقر في الأذهان وفي المخيال, وسيقول البعض من البعض إن هذا ما لا يجوز التقوُّل فيه.
ولكل فيما يرى مذهبٌ يذهب إليه، ويستكين لمفرداته، اما انا فإنني لا اجافي الحقيقة إن قلت إنني مسلم أتبع المسيح عليه السلام، كما أتبع نبيي ورسولي محمد عليه السلام، ففي تعاليم كليهما استوى الإلهي الجميل المتفرد بعظمته ورحمته وعدله فوق جبروت المخلوق التائه بجبروته، والعائذ بالشيطان أو بسلطان الهواء كما سمى الإنجيل إبليس.
لا أرى كبير فرق بين الإسلام العظيم والمسيحية العظيمة إلا في اجتهادات المتاولين والمفسرين، سواء في الكهنوت الإنجيلي الكنسي، أو في التعاليم المدرسية المسجدية والمذهبية، بينما ظل النصان القران والإنجيل بحاجة الى ثورة فكرية وعقلية لتحقيق المراد الإلهي من تعاليم ابني الخالة محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام.
إن تقرأ القرآن والإنجيل وتديم قراءتهما ستعرف إلى أي حد يتوافقان فيما يتعلق بالإنساني والحياتي والأخلاقي والأخروي، وستعرف تماما ماذا قصد امبراطور الحبشة النجاشي حين وضع بصولجانه خطا على الرمال مخاطبا وفد قريش لإستعادة اللاجئين القرشيين من المسلمين "ليس بيننا وبين دينكم غير هذا الخط".
وهو خط وعاه وادركه ملك الحبشة في بواكير الدعوة الإسلامية في الوقت الذي كان الإنجيل يقرأ في بطون مكة، ويعرفه اهالي قريش، ويعرفون تعاليمه ومضامينه، ولا اظنني مغاليا إن قلت إن جزءا عظيما من تعاليم الإنجيل وجد طريقه إلى القران وفي تعاليم النبي الحديثية لأن مصدر التنزيل الالهي واحد،" كأنهما يتنزلان من مشكاة واحدة" وفقا لما قاله النجاشي لوفد قريش.
في عقيدة الإسلام العظيم لن تكون مسلما ما لم تؤمن بالمسيح وبرسالته عليه السلام كجزء من الإيمان بكل الانبياء الذين قص الله تعالى علينا قصصهم ومن لم يقص، وفي القرآن وفي الحديث النبوي الشريف ستجد أعلى حالات التقديس لأمنا مريم العذراء البتول ولولدها السيد المسيح عليهما السلام.
في الحديث الصحيح يقول النبي كل ولد يولد يلكزه الشيطان في قدمه الا المسيح وامه فلم يلكزهما، وساله الصحابة حتى انت يا رسول الله.. يسألونه إن كان قد نجا من لكزة الشيطان فيجيبهم عليه السلام" حتى أنا لكزني ولكن قدرت عليه" أو كما قال الرسول.
ولن احيلكم إلى آلاف الأحاديث والتفسيرات عن مدى قدسية المسيح وامه البتول عليهما السلام في الإسلام الذي نعرفه، ألا يكفينا القول إن أب الأبيونية المسيحية العربية ورقة بن نوفل هو من زوج النبي بابنة عمه خديجة وكللهما في مكة بنكاح مسيحي، ثم كان ورقة أول المبشرين للنبي عليه السلام بالرسالة والنبوة وبالوحي العظيم..
نحن جميعا كنا ولم نزل ضحايا التفسير المصلحي السياسي للنصوص الدينية خدمة للسلطة السياسية، مما يستدعي من مفكرينا ومنا كمواطنين عاديين إعادة استكشاف المساحات البيضاء الواسعة بين الإسلام والمسيحية من خلال النصوص الأصلية وليس اعتمادا واتكالا على النصوص الهامشية التي تاولت النصوص، وثنت اعطافها، وحمَّلتها ما لا تحتمله.
أسوق هذا الحديث المتعجل للذين يرون الكون من ثقب إبرة مرجعياتهم الدينية وشيوخهم وتأولاتهم الضيقة، التي ترمي الآخر بالكفر، وبهدر الدم، وهو ما نسمعه جهارا نهارا في كل خطبة جمعة.
حين نبقي الدين والأنبياء المعلمين في إطارهم المرجعي، وحين نبقي الدين في إطاره الديني لن نجد ما نختلف عليه، لكن حين يصبح الدين أيديولوجيا سياسية، وبرنامجا سياسيا عندها فقط يتحول الدين إلى شيء آخر سنجد الكثير لنختلف عليه..
أنا مسلم أتبع المسيح.. ليست سفسطة أو قولا مخلوقا من واقع عبثي، بل هي حقيقة تستند الى ايماني المطلق بابني الخالة محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام، ولا يصح إسلامي إلا بجمع الإيمان بينهما//.