معركة المعلمين مع صندوق النقد
معركة المعلمين مع صندوق النقد
بلال العبويني
أثبت نجاح المعلمين في وقف العمل بنظام الخدمة المدنية لصالح الاتفاق على نظام جديد خاص بهم، دور مؤسسات المجتمع المدني في الحفاظ على حقوق الموظفين والعاملين المشروعة، من جهة، وفي التنبيه لأي أخطار أمنية أو مجتمعية مستقبلية تنتج عن رؤية قاصرة لبعض القوانين والأنظمة.
نظام الخدمة المدنية إن تم تطبيقه على موظفي القطاع العام الآخرين، غير المعلمين، سيكون كارثيا لا محالة ولن يخفف من كارثيته اسثناء المعلمين منه، ذلك أن عددا كبيرا من الموظفين سيجدون أنفسهم خارج الوظيفة بلا راتب أو دخل يعينهم على تحمل التزاماتهم اليومية الكبيرة أو تسديد ما يترتب عليهم من أقساط وديون، ما يعني أن الحكومة ستفتح بابا جديدا للبطالة أو الإجرام أو التطرف.
ثمة من يقول إن الهدف الأساس من نظام الخدمة المدنية الخاص بتقييم الموظفين، هو ترشيق القطاع العام وتخفيض فاتورة الرواتب على خزينة الدولة، ويقال إن ذلك اقتراح قدمه صندوق النقد الدولي للحكومة في إطار خطة الإصلاح المالي والاقتصادي التي تنفذها الحكومة مع الصندوق.
بعض اقتراحات صندوق النقد الدولي كان عليها الكثير من علامات الاستفهام لدى الكثير من المراقبين، باعتبارها جامدة وجافة من أي مشاعر إنسانية وباعتبارها لا تعرف غير لغة الأرقام دون النظر لأي تداعيات لها على حياة الناس وأمن المجتمع.
حراك المعلمين كان إنذارا مبكرا للحكومة للتنبيه من تداعيات النظام الخطرة على المجتمع، وهو ما يستوجب من الجميع تقديم الشكر لنقابة المعلمين على جهدها وإصرارها على وقف العمل بالنظام، وهو ما يستوجب أيضا من الحكومة أن تسارع إلى وقف النظام بشكل كامل بحيث لا يشمل أيا من موظفي القطاع العام عبر إيجاد آلية جديدة وعلمية للتقييم لا يكون فيها إلزاما بنسبة محددة يطرد على أساسها الموظفون من الخدمة.
كما وأن حراك المعلمين يفترض أنه فتح أمام الحكومة بابا واسعا للتفكر في اقتراحات صندوق النقد الدولي ودراسة أثرها من كل النواحي قبل إقرارها وقبل الدخول في أي مواجهة مباشرة مع المواطنين.
مثل هذه الاقتراحات لها آثار على أمن المجتمع وسلامته واستقراره، ما يعني أن الوفر الذي سيتأتى منها للخزينة سيتم دفع ثمنه غاليا فيما بعد عندما نكون أمام حالات وأمراض مجتمعية تستعصي على الحل السريع والمباشر.
اليوم، ليس بمقدور الموظفين أن يسددوا التزاماتهم مما يحصلون عليه من رواتب، وليس هناك فرص عمل أو وظائف بديلة، حيث نسب البطالة في ارتفاع مستمر، وهذه النسب تشكل تحديا كبيرا امام الدولة فكيف سيكون الحال عندئذ إذا ما أضفنا إليهم أعدادا جديدة من الموظفين المطرودين من وظائفهم نتيجة التقييم الذي جاء به نظام الخدمة المدنية.
التفكير في أثر أي قرار اقتصادي على الناس والقطاعات الاستثمارية والاقتصادية الأخرى، بات واجبا لأن التجربة القريبة أثبتت أنها أتت بنتائج عكسية بما سببته من خسائر للخزينة بدلا من الوفر، وليس قطاع استيراد السيارات إلا مثالا واضحا على ذلك.//