تزول الرواسي ..... ولا يزول المجد والخلود ...
د. عصام الغزاوي
لا يطيب لقلمي رثاء الأبطال كما هو معتاد في ذكرى وفاتهم ، لأن الأبطال أمثال حابس المجالي خالدون في ذاكرة الوطن ... شخصياً لا يمكن ان أنسى هذا الفارس وقد عشت مراحل طفولتي تحت ظلال عباءته وقد كنا نعيش معاً أسرة واحدة في الزرقاء ومعان ونابلس والخليل وعمان متنقلين بحكم الوظيفة، وتراودني الذكريات كلما أمر بمتحف المشير فأشعر بهيبة المكان التي استمدها من هيبة صاحبه ، وأشعر بأن المشير حاضر بيننا، وان روحه تطوف بين حجارة الدار وفِي غرفها منتشية بالذكريات، قريرة العين مطمئنة، مزهوة لأنها تعيش في وجدان كل أردني يعشق الأردن ، وفي وجدان كل فلسطيني يحن لفلسطين .
يقول المؤرخون ان لكل زمان دولة ورجال ، ويقول الأدباء لكل مقام مقال ، وأقول الا حابس المجالي، هو فارس لكل زمان وكل مكان ، هو حاضر فِي كل مقام تُذكر فيه البطولة والشجاعة والفروسية والوفاء والإخلاص، بتواضعه رفض ان يتحدث عن بطولات صنعها ولا عن تاريخ سطره بالبارود والرصاص وعندما كانوا يطلبون منه كتابة سيرة حياته كان يقول التاريخ سيقول وسيتحدث .. وها هو التاريخ والاجيال الصادقة المؤمنة بمواقف الرجال الرجال تتحدث عَنْه، وهو الذي أعطى الذاكرة العربية واقعها الحيّ وفرض على التاريخ أن ينقذ الذاكرة من النسيان، لان السيرة الجهادية والبطولية لفارس الأردن وفلسطين هي السيف القاطع للنسيان، حابس المجالي ليس قصة من الخيال او مجرد شخص حمل السلاح ذات يوم ، أخو خضرة كان فارسا أردنيا صلبا بصلابة صخر قلعة الكرك، كان نخوة أحرار الأردن وفلسطين وضمير الوطن الذي لا يغيب، كان بطلا عظيما ومفصلا مهما من مفاصل الدولة الأردنية، وشاهدا على مرحلة من أصعب وأهم مراحل المسيرة الأردنية، وهو علامة مميزة في تاريخ الأردن الحديث، كان العدو الصهيوني يعلم هذه الحقيقة فدعاه أسد الاردن الرابض، بعد ان ذاق على يديه طعم الذل والهزيمة في معارك باب الواد واللطرون، أسد لم يقبل ان تمتد يده لمصافحة العدو يوماً ما إلى ان توفاه الله، يده لم يمددها نحو العدو إلا بالسيف والنار والبارود، حابس لم يخذل مروءته الأردنية ولا شهامته العربية عندما حزم البعض امتعتهم لمغادرة الوطن في وقت الشدة ونذر نفسه وروحه للوطن حاكمآ عسكريآ يعتلي صهوة جواده يحرس اﻻردن ليبقى عصيا على المؤامرات، ومن أجل أن تبقى الدولة الاردنية شامخة، هذه هي العسكرية الأردنية وهؤلاء هم فرسانها ، وحابس حجر الأساس فيها، رحل حابس فارساً شهما صلبا وعينه على وطنه الأردن والأخرى على فلسطين، وترك لنا تاريخا نفخر به وتفخر به العسكرية الأردنية والأجيال القادمة الذين عليهم أن يعرفوا سيرة هذا الفارس وأقرانه من قادة وعظماء الأردن ، فسلام على روح الفارس الذي أحب الاردن وفلسطين ودافع عنهما وانتصر ، وسلام على من لم يخذل أمته الأردنية ولا شهامته العربية، سلام عليك يا أبا سطام اليوم وكل يوم ،فقد ولدت حرا أبيا ... وعشت عزيزا كريماً ... ومت فارسا شامخا، رحم الله كبير العسكر، وجعل جنات الخلد مثواه مع اﻷنبياء والصديقين والشهداء .//