أزمة الإسكان.. هل المستثمرون على حق؟
أزمة الإسكان.. هل المستثمرون على حق؟
بلال العبويني
حتى فترة قريبة كان المستثمرون في قطاع الإسكان محسودين على ما يحققونه من أرباح مضمونة من مشاريع الإسكان التي نشطت خلال الفترة الماضية كثيرا حتى باتت البنايات "تنبت كالفطر" في الكثير من المناطق الجديدة والقديمة في العاصمة عمان على الأقل.
اليوم، المستثمرون في قطاع الإسكان ينضمون إلى صفوف القطاعات الشاكية والمتذمرة من أنظمة البناء الجديدة والضرائب المفروضة على القطاع، إلى أن وصل الحال بها إلى الإعلان عن الإضراب والتوقف عن بناء المزيد من المشاريع الإسكانية حتى تتراجع أمانة عمان والبلديات عن أنظمة البناء المعمول بها.
أنظمة البناء، هي حق للدولة من ناحية أنها تنظم المدن وتحميها من العشوائية بما تراعيه من أبعاد ومساحات ومسافات تنعكس بشكل مباشر على الكثافة السكانية التي لا يجب أن تزيد عن المسموح به حسب تصنيف الحي والشوارع المحيطة به.
ومن ناحية أخرى، هي حق للمواطنين القاطنين في ذات الحي بالدرجة الأولى، لئلا يتحولوا إلى ساكني "علب كبريت" دون تهوية مناسبة تحاصرهم الازدحامات المرورية من كل حد وصوب.
اليوم، من جملة ما يشتكي منه مستثمرو الإسكان اشتراطات كراجات السيارات أسفل العمارات، وهم الذين حولوها خلال السنوات السابقة من غياب الرقابة الحقيقية إلى شقق سكنية لا تدخلها الشمس وتغمرها المياه في كل شتاء، وحجتهم في ذلك بأن المزيد من تلك الاشتراطات بما فيها مساحات الشقق ستساهم في ارتفاع الكلفة عليهم وبالتالي ارتفاع أسعار الشقق على المستهلك ما يعني أن الكثير من المواطنين سيكونون عاجزين عن شراء الشقق.
في الواقع، هذه حجة، وإن كانت صحيحة من ناحية انعكاسها على المستهلك، لأن أسعار الشقق بالمطلق لم تكن بالسابق منطقية ومازالت غير منطقية ولا تتلاءم ومستوى دخول الأردنيين الذين أكثر من نصف مشتري الشقق منهم مرهونة شققهم للبنوك ومحجوزة رواتبهم لعشرات السنين نظير ذلك.
قطاع الإسكان طالما وصف بـ "الاستثمار الجبان"، بمعنى أن أرباحه مضمونة ولا مجال للخسارة فيه، ذلك أن ثمة من يؤكد أن نسبة الأرباح مرتفعة وليست منطقية ولا تتأثر سلبا بتذبذب التشريعات أو تذبذب أسعار المواد الأولية كالاسمنت والحديد وغيرها.
بالتالي، هذا القطاع لا يخضع كغيره لمبدأ العرض والطلب، والدليل أنه ورغم الركود الحاصل إلا أن الأسعار مازالت مرتفعة، ولا يبدو أنها ستنخفض استنادا إلى ذات المبدأ.
نعلم أن قطاع الإسكان يورد الكثير من الأموال نتيجة الضرائب ويحرك عجلة الاقتصاد ويساهم في تحريك قطاعات أخرى، إلا أن من الواجب على الحكومة أن تضع معايير أخرى تتعلق بالأسعار، حماية للمستهلكين من التغول عليهم بأسعار مرتفعة ولا تتناسب حقيقة مع دخولهم أو حتى لا تتناسب مع مستوى الأسعار التي تقدمها شركات الإسكان.
هذه الرقابة والمعايير يجب أن تشمل جميع ما تعلق بالعقار كأسعار الأراضي، إذ ما شهدته وتشهده أسعار الأراضي ليس منطقيا بالمطلق وفي مختلف مناطق المملكة.
اليوم، السكن اقترب من أن يتحول إلى أزمة كبيرة في الأردن، ومن شأن عجز المقبلين على الزواج وغيرهم من الحصول على مأوى يأويهم أن يفاقم مما نعانيه من مشاكل وأمراض اجتماعية، مستحدثة، بالتالي على الحكومة أن تنظر إلى تشريعاتها نظرة شمولية وأن تضع يدها مباشرة على جرح أسعار الشقق أيضا.//