الصراع السري بات علنياً.. حرب مقبلة بين إيران وإسرائيل

غيوم الحرب تتلبد فوق الشرق الأوسط

 

 عواصم  - وكالات – الانباط - مامون العمري

إيران وإسرائيل انخرطتا في حرب باردة  لسنوات تخلّلتها اغتيالات، وعمليات نفذها عملاء سريّون في عدد من الدول. وحصلت الصراعات بسبب البرنامج النووي الإيراني و"حزب الله" في لبنان والقضية الفلسطينية، ولكنّ العدوّين أصبح لديهما معركة في منطقة جديدة هي سوريا.

 ويبدو ا ن الحرب الباردة هذه قد وضعت اوزراها  وانتقلت الى الى حرب معلنة  تحمل في طياتها  فإيران  تسعى لتعزيز وضعها العسكري، فيما رسمت إسرائيل خطّا أحمر، واستهدفت قواعد إيرانية وتجهيزات في سوريا.

" الانباط " تستقرئ  علنية الحرب  على الاقل خلال الاشهر القليلة الماضية ،وقد بدأت غيوم الحرب تتراكم فوق الشرق الأوسط ومن الواضح  ان إسرائيل  تعتمد سياسة غامضة، إذ أنّها لا تؤكد ولا تنفي الغارات التي تنفذها في سوريا، وفي شباط حصلت المواجهة الأولى في أجواء سوريا بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني.

ومن الواضح أنّ روسيا التي غضّت الطرف عن الغارات الإسرائيلية على سوريا، تردّ الآن بغضب، وتتهم إسرائيل بزعزعة الأمن والإستقرار في سوريا والمنطقة.

وفيما تسعى إيران الى تأمين ممرّ بري من طهرن الى لبنان وصولاً الى البحر الأبيض المتوسّط، تعمل إسرائيل لمنعها من تأمين موطئ قدم في سوريا، وتبقى روسيا تُصارع في الوسط، بين الطرفين.

 

 نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية مقالا تحليليا بشأن الحرب في سوريا والأوضاع المتأزمة في الشرق الأوسط تحت عنوان "خصومات تدفع بالشرق الأوسط إلى حربه المقبلة"، ويرى المقال، الذي كتبه روجر بويز، أن الصراع السري بين إيران وإسرائيل بات الآن مفتوحا وعلنيا، ولا أحد يعرف أين سينتهي ما يسميه صراع "الجبابرة" في الشرق الأوسط.

 

ويقول بويز إن الحرب الدائرة في سوريا استمرت لثلاثين شهرا أكثر من الحرب العالمية الثانية ومازالت مستعرة في صراع غيّر طبيعة الحرب الحديثة وسيعيد تشكيل منطقة الشرق الأوسط، بحسب تعبيره.

 

ويضيف أن هذه الحرب شهدت اختبار نحو 150 من أنظمة الأسلحة الروسية، وقد أعيد استخدام التكتيكات القتالية للقرن العشرين من القصف المكثف المعروف باسم "سجادة القنابل" إلى التسميم بغاز الكلور لاختبار مدى امكانية استخدامها في حروب اليوم. كما مطّت وسائل التواصل الاجتماعي الحدود الاخلاقية: فبتنا نرى مسلحين يأخذون صور "سيلفي" مع أعضاء بشرية مبتورة، أو مقاطع الفيديو التي تصور قتل رهائن غطيت رؤوسهم بأكياس وباتت تأخذ طريقها إلى الانترنت، حيث يتلقى مراهقون غربيون محبطون تعليمات من مسلحين لنقل حمام الدم السوري إلى مدنهم وبلداتهم.

 

ويشير بويز إلى أن الأكاديميات العسكرية ومراكز الأبحاث تحلل تجربة المذبحة الجماعية تلك وتستخلص العبر منها. ومن بين الدروس الكثيرة المستخلصة من الحرب السورية يشدد على ثلاثة منها: الأول هو أن معظم المشاركين في هذه الحرب بدأوا من دون خبرة وبشح في التمويل وبدون كفاءة، الأمر الذي أدى إلى زيادة الخسائر بين المدنيين والعسكريين، ولكن بمرور الزمن تعلم معظم هؤلاء المقاتلين دروسا خاطئة وفشلوا في التأقلم لذا باتوا ورقة محترقة اليوم بنظره.

 

ويرى بويز أن ما نراه انخفاضا في معدل الخسائر البشرية والإصابات ناجم فقط عن أن جماعات المراقبة توقفت عن عد الضحايا بعد أن تجاوز الرقم المقدر للقتلى أكثر من نصف مليون.

 

أما الدرس الثاني بنظره فيتمثل في أن الاستخدام الروسي للقوة منذ عام 2015 أدى إلى نتائج متسارعة ولكن أكثر قساوة مما تنتجه تكنيكات القتال الحربية المقيدة المعتمدة في الدول الديمقراطية، وهو ما يعني بنظره أن المبادرة للانتصار بالحرب قد مُررت إلى الدولة القادرة على تجاهل التمييز بين المسلحين والمجتمعات المحلية التي تحتضنهم.

 

أما الدرس الثالث الأكثر أهمية بنظر الكاتب فهو أن حربا طويلة الأمد مثل تلك ستنتهي إلى قتال بين الأكثر كفاءة وبين الماكينات العسكرية التي حركتها الحروب وامتلكت الخبرة القتالية. وفي هذه الحالة يشير بويز إلى أننا لن نرى استعراضا للقوة بين واشنطن وموسكو، إذ أن الرئيس دونالد ترامب لا يخفي نيته بسحب جنوده الـ 2000 من سوريا وإعادتهم إلى بلادهم.

 

لذا يرى الكاتب أن المواجهة ستكون بين إيران التي تدعم بشكل مباشر بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة وتقاتل من أجل تحقيق تفوق وهيمنة إقليمية، وإسرائيل التي تعد التوسع الإيراني تهديدا لوجودها.

 

بين نتنياهو وسليماني

ويسترجع بويز أحداث المواجهات المباشرة بين الجانبين في سوريا، ومن بينها إسقاط طائرة إيرانية مسلحة من دون طيار فوق إسرائيل في شباط الماضي، وتحرك إسرائيل لضرب قاعدة إيرانية لتسيير طائرات من دون طيار "وقتل قائدها وضباطها في التاسع من الشهر الجاري قبيل أيام من الضربات الجوية الغربية على منشآت الأسد الكيمياوية".

 

ويضيف أن حربا خاصة تكشفت مع ما لا يقل عن 100 ضربة على قوافل أسلحة إيرانية، لم يعلن عنها، وزرع فايروسات في أنظمة كومبيوتر البرنامج النووي الإيراني وعمليات اغتيال لعلماء ذرة، وباتت معروفة بعد رفع الستارة عن الحرب السورية.

 

 

قلل وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، من أهمية التهديدات التي أطلقها الحرس الثوري الإيراني الجمعة ضد الدولة العبرية، "باستهداف قواعدها العسكرية بالكامل وإخراجها من المعركة سريعًا، حتى قبل وصول المساعدات الأميركية والبريطانية".

وقال ليبرمان في تصريحات أدلى بها قرب الحدود مع قطاع غزة: "نحن جاهزون لمعركة متعددة الجبهات ولم نكن يومًا أكثر استعدادًا وجهوزية من الآن، على مستوى الجيش والشعب، هذه التهديدات تلقى على مسامعنا منذ سنوات طويلة ولا تؤثر فينا".

وحول مدى احتمال وقوع حرب قال ليبرمان: "نحن لا نبحث عن إعلان الحرب، على العكس، نبحث عن السلام والأمن والهدوء، لكن في حال أعلن أحدهم الحرب فقد جنى على نفسه، لا أعلم إن كان أحد سيعلن الحرب، نحن هادئون وجاهزون لكل ما سيحدث".

الثوري الإيراني" يهدد بإزالة إسرائيل

وكان نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، العميد حسين سلامي هدد إسرائيل خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في مسجد بطهران: "لا تثقوا بقواعدكم الجوية فهي في مرمى النيران"، وتابع "إن الأيادي على الزناد والصواريخ جاهزة للإطلاق، ففي أي لحظة يريد العدو فيها القيام بشيء ضدنا سنقوم بإطلاقها".

وأضاف "تعلمنا أسلوب الانتصار على الأعداء ويمكننا استهداف المصالح الحيوية للأعداء في أي مكان نريد"، معتبرًا إسرائيل دولة بلا عمق ولا نقطة ارتكاز ويمكن هزيمتها بسرعة ولا تعقدوا الآمال على أميركا وبريطانيا، لن يبقى لكم أثر عندما يصلون، لذلك لا تقوموا بحسابات خاطئة".

وكانت إيران قد هددت إسرائيل بالرد على قصفها مطار التيفور العسكري السوري في وقت سابق من الشهر الجاري، الذي تسبب في مقتل سبعة عسكريين من الإيرانيين، وقد أكدت روسيا وسوريا أن إسرائيل هي التي قصفت المطار.

نتنياهو: جيشنا جاهز للرد على أي تهديد

ومن جهته حذر رئيس بنيامين نتنياهو إيران، في جلسة خاصة عقدت اليوم بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس دولة إسرائيل، قائلا: "لن يثنينا أي شيء والجيش الإسرائيلي جاهز والشعب سيقف الى جانبه".

وأضاف نتنياهو "إننا نسمع التهديدات من إيران، ويتم إعداد مقاتلي الجيش وقوات الأمن لكل تطور. سنقاتل كل من يحاول أن يؤذينا. لن نتوانى عن دفع الثمن وتوعد بتدفيع طهران الثمن".

وتحتفل اسرائيل بالذكرى السبعين لاحتلال فلسطين عبر التشديد على قوتها العسكرية في مواجهة سلسلة تحديات اقليمية وسياسية داخلية. وجاء هذا التحذير مجددا عبر نتنياهو ليؤكد خطر التواجد الإيراني في سوريا بعد أن تعهد بعدم السماح لطهران بتثبيت أقدامها عسكرياً في سوريا المجاورة.

صحيفة: إسرائيل تسعى لمواجهة مع إيران

وكتب المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، في مقال تحليلي نشره اليوم: إنه بعد الأسبوع الأخير، بات "من الصعب التخلص من الانطباع الذي يقول إن أحدهم يحاول دفع الإيرانيين لفقد صوابهم، وأن الفكرة هي الخروج عن معادلة "ضربة مقابل ضربة"، وأن التوجه هو اتخاذ خطوة مدوية أكثر".

ورأى فيشمان أن إسرائيل تسعى لمواجهة عسكرية في المرحلة الحالية، أي قبل أن تتمركز إيران نهائيًا في سورية، وأنها قد تسعى لاتخاذ خطوة من شأنها الدفع بالإيرانيين والنظام السوري للرد، وعندا سيكون الرد الإسرائيلي عنيفًا لدرجة تدمير مراكز القوة الإيرانية وتلك التابعة للنظام السوري، لمنع الانتشار العسكري الإيراني في سورية، حتى لو كلف الأمر مواجهة عسكرية مباشرة.

إخماد النار بمزيد من النار

وأشار فيشمان إلى أن "الاستنتاج الإسرائيلي في هذه المرحلة هو أن الطرق الدبلوماسية والضربات العسكرية المحدودة التي تنفذها لم تعد تفي بالغرض، وأن عليهم اتخاذ خطوات جديدة، وهي إخماد النار بمزيد من النار، على أمل أن تتمكن إسرائيل من السيطرة على حجم اللهب طوال فترة الإخماد، وهذه السياسة تحتوي على قدر كبير من المخاطرة". على حد وصف الكاتب الإسرائيلي.

وختم فيشمان مقاله بالقول إن "الجيش الإسرائيلي واثق جدًا بقدراته، والمجلس الوزاري المصغر (الكابينت) يرى أن الوقت مناسب لمنع الانتشار الإيراني في سورية قبل أن يفوت الأوان، سياسة التصعيد الإسرائيلية التي نراها بأعيننا ليست مجرد سراب مخادع، بل هذا ما يحدث".

السفير الأميركي السابق لدى سوريا والجزائر والباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن روبرت فورد  كتب في صحيفة الشرق الاوسط اللندنية حول حرارة الصيف المقبل في المنطقة ، ويتوافق فورد فيما نذهب له  نحن في الانباط بأن القادم لن يكون كالسابق بل هو متغيير  ومختلف تماما   ، وينقل فورد " ثمة اتفاق واسع المجال بين المحللين السياسيين في واشنطن، الآن، على أن الحرب بين إسرائيل وإيران في سوريا باتت أمراً لا مفر منه.

ولا يعرف أحد متى - على وجه التحديد - ستنشب هذه الحرب، لكن الموقف الراهن بين إسرائيل وإيران يتغير ويختلف بوتيرة سريعة.

فقد صارت القوات الإيرانية داخل سوريا أكبر مما كانت عليه قبل 3 أو 4 سنوات من الآن، ويربطها تحالف واضح بالقوات الموالية لبشار الأسد وروسيا، الأمر الذي مكنها من الانتصار في الحرب الأهلية إلى حد كبير.

 

وبدلاً من البدء في سحب القوات، تعمل إيران على تعزيز مواقفها العسكرية بمختلف مجموعات الميليشيات العسكرية (العراقية واللبنانية والأفغانية والباكستانية) التي عمل «فيلق القدس»، التابع لقوات «الحرس الثوري» الإيراني، على تجنيدها وحشدها ونشرها في مختلف ميادين القتال السورية.

 وتنتشر هذه القوات في الجانب الغربي من البلاد، وهي مكلفة بتنفيذ هدفين اثنين؛ الأول، ضمان بقاء واستمرار بشار الأسد ونظام حكمه، مع انخفاض لهيب الحرب الأهلية على نحو تدريجي. والثاني، مواجهة إسرائيل إما لردعها عن مهاجمة إيران أو بغية شن هجوم عدائي ضدها، عندما يتناسب التوقيت لذلك مع خطط طهران.

 

وعندما كنت أتعهد بالملف السوري لصالح وزارة الخارجية الأميركية، عامي 2012 و2013، لم تكن حالة التوتر لدى الجانب الإسرائيلي مرتفعة بشأن الحرب الأهلية السورية.

 ولم تكن تُجرى أي اتصالات رفيعة المستوى بين واشنطن وتل أبيب بشأن الأزمة السورية، ولم تكن تُعقد أي اجتماعات خاصة بين الجانبين بشأن التخطيط العسكري أو الدبلوماسي.

وكان الجانب الإسرائيلي يلتزم موقف المراقبة الصامتة، ويعتقد البعض أن الأسد ينبغي أن ينتصر، ويرى آخرون وجوب رحيله عن السلطة. ولم تكن الرغبة الإسرائيلية متقدة للتدخل في الحرب الأهلية الدموية هناك. وعوضاً عن ذلك، كان المسؤولون الإسرائيليون على ثقة في سلاح الجو الإسرائيلي، وقدرته على مجابهة أي تهديدات قد تنشأ عن الأوضاع داخل سوريا.

بيد أن التوجهات الإسرائيلية اختلفت كثيراً الآن، إذ أخبرني أحد ضباط الجيش الإسرائيلي، الذي يزور واشنطن حالياً، أن القوات الإيرانية تملك صواريخ أكثر دقة وأطول مدى من الصواريخ التي كانت بحوزة «حزب الله» اللبناني في عام 2006. ويساور الجانب الإسرائيلي القلق بشأن الهجمات الصاروخية الهائلة الآتية من سوريا ولبنان، التي قد تطغى على الدفاعات الإسرائيلية المضادة للصواريخ.

 كما يساورهم قلق مماثل من أنه في أي مواجهة برية، سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى خوض حرب، ليس ضد «حزب الله» اللبناني فحسب وإنما ضد المقاتلين المحنكين من الميليشيات العراقية، وربما ضد «فيلق القدس» الإيراني ذاته. وقد قال الجانب الإسرائيلي إن تل أبيب لن تقبل بالوجود الدائم للقوات الإيرانية في سوريا، وستتخذ الإجراءات العسكرية اللازمة ضد هذا الوجود إذا لزم الأمر. كما أنهم يحذرون من أن الحرب المقبلة لن تشمل سوريا فقط، بل لبنان أيضاً

إن الموقف يكون في غاية التوتر والخطورة عندما تقرر الدول الإعلام عن «الخطوط الحمراء»، بيد أن «الخطوط الحمراء» الإسرائيلية ليست واضحة بجلاء حتى الآن. فإن لم تقبل إسرائيل انتشار قوات «فيلق القدس» الإيراني داخل سوريا، فماذا عن لواء «الفاطميون» الأفغاني، أو «الزينبيون» الباكستاني، أو ميليشيات الدفاع الوطني السورية التي يشرف «فيلق القدس» على تنظيمها؟ وإن لم تقبل إسرائيل كذلك بالوجود العسكري الإيراني في قاعدة «تي 4»، بالقرب من تدمر السورية، فماذا عن الوجود العسكري الإيراني طويل الأمد في دمشق ومطارها الدولي، حيث يزعم الجانب الإسرائيلي أن هناك مصانع إيرانية جديدة تحت سطح الأرض تعمل على إنتاج الأسلحة؟ وإن لم تتقبل إسرائيل وجود هذه المصانع، فهل يشعرون بالارتياح حيال المصانع الإيرانية التي تعمل على تكرير الفوسفات في سوريا؟

ومما يضاف إلى ذلك أننا ما زلنا نجهل تماماً الخطوط الإيرانية الحمراء إزاء التصرفات الإسرائيلية في سوريا. وحتى الآن، تجنبت إيران تماماً الأعمال الانتقامية، في أعقاب الهجمات الجوية الإسرائيلية على قاعدة «تي 4»، في فبراير (شباط) الماضي، ومرة أخرى خلال الأسبوع الماضي. وإن كنا لا نعرف الخطوط الحمراء الإيرانية، فعلى أدنى تقدير يمكننا توقع أن تتحلى إيران بقدر من الصبر وضبط النفس لاختبار الخطوط الحمراء الإسرائيلية بكل عناية. ووفقاً لذلك، يجد الإسرائيليون أنفسهم في مواجهة معضلة جديدة، إذ كانوا يأملون أن تتمكن روسيا من إقناع إيران بتقليص وجودها العسكري في سوريا، ثم الانسحاب تماماً بعيداً عن الحدود الإسرائيلية. ولم يكن الجانب الروسي مستعداً أو قادراً على ممارسة هذا القدر من الضغوط على طهران. وبدلاً من ذلك، يبدو أن روسيا متقبلة - إن لم تكن مرحبة - بحالة من المناوشات المحدودة بين إسرائيل وإيران داخل سوريا، حيث تزيد هذه المناوشات من النفوذ الروسي لدى كل من إسرائيل وإيران، ولكن الجانب الروسي لا يرغب في خروج هذه المناوشات عن السيطرة بحال من الأحوال. كما أن هناك خطوطاً روسية حمراء أكيدة. وعلينا أن نتساءل عن مقدار ومدى سرعة الإجراءات الروسية الرامية إلى كبح الجماح الإسرائيلي أو الإيراني، إذا ما بلغت المواجهات بين هاتين الدولتين حد الصدام الصريح على المصالح الحيوية داخل سوريا.

 

وتشعر القيادة الإسرائيلية بحالة من الإحباط لأن الإدارة الأميركية لا تمد يد المساعدة ضد القوات الإيرانية في سوريا، إذ يرغب الرئيس دونالد ترمب في سحب القوات الأميركية من شرق سوريا، ويترك مستقبل البلاد تقرره الدول المعنية في المنطقة. ويزداد الإدراك الإسرائيلي لأن تل أبيب لا يمكنها التعويل على المساعدات العسكرية الأميركية المباشرة ضد الوجود العسكري الإيراني في غرب سوريا، وأنه إن أرادت إسرائيل تنفيذ مزيد من العمليات العسكرية، فعليها الانطلاق على هذا المسار منفردة. ويبدو أن إسرائيل معتادة على مثل هذه المواقف بطبيعة الحال.

 

ومن الجدير بالذكر أن بعض القادة والمحللين في إسرائيل يحذرون الشعب الإسرائيلي من الحرب المقبلة على الجبهة الشمالية، التي قد تكون طويلة، وقد تسفر عن سقوط كثير من الضحايا على الجانب الإسرائيلي من المواجهة.

أما إيران، في الأثناء ذاتها، فينطلق من أبواقها الإعلامية خطاب شديد اللهجة، كما هو معتاد، ولكن يبدو أنها غير راغبة تماماً في البدء بشن الحرب، لا سيما قبل انتخابات (أيار) المقبل في لبنان، التي تعد ذات أهمية خاصة لـ«حزب الله». وبعد انقضاء الموسم الانتخابي في لبنان، رغم كل شيء، قد تنتهج إيران موقفاً أكثر عدائية، خصوصاً في عمليات الانتقام من الضربات الجوية الإسرائيلية الجديدة. ويبدو أنه سيكون صيفاً شديد الحرارة هذا العام.