معارضة نقل السفارة الأمريكية للقدس تصدر سلم اهتمامات الأردن

أبرز انجازات قمة "البحر الميت"

معارضة نقل السفارة الأمريكية للقدس تصدر سلم اهتمامات الأردن

 

الدمام – بترا

تمكن الأردن خلال فترة ترؤسه للقمة العربية، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، من تحقيق العديد من الإنجازات المهمة على الصعد كافة، رغم صعوبة الأوضاع بشكل عام، وما تواجهه الأمة العربية من تحديات باتت طاغية على المشهد العام.

واحتل قرار الرئيس الأميركي بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، سلم اهتمامات الأردن الذي سعى جاهدا عبر اتصالاته وتحركاته على الصعد كافة، ضد القرار الأميركي، ما أدى إلى حشد تأييد دولي واسع ضد القرار ولدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

كما شكل موضوع القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية وتأكيد الرعاية الهاشمية لها الاهتمام الأبرز من أجل حمايتها والحيلولة دون الانتهاكات والتجاوزات الإسرائيلية والإجراءات احادية الجانب.

كما أخذ موضوع إعادة إطلاق مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتأكيد على مبادرة السلام العربية القائمة على حل الدولتين وحق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة على أرضهم على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، سلم اهتمامات الأردن خلال ترؤسه للقمة.

وشدد الأردن على أهمية التوصل إلى حلول سياسية للأزمات التي تواجهها الأمة العربية، خصوصا في سوريا واليمن وليبيا، منعا للعنف وتجنبا لإراقة الدماء، مواصلة الجهود المشتركة لاجتثاث الإرهاب وتجفيف منابعه.

 

مفاوضات سلام جادة

 

وجاء في تقرير جامعة الدول العربية حول الفترة التي ترأس فيها الأردن القمة العربية، أن المملكة الأردنية الهاشمية دأبت، منذ أن تشرفت برئاسة القمة العربية الثامنة والعشرين، على التنسيق الوثيق والمستمر مع الأشقاء العرب حول مستجدات القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية ذات الاهتمام المشترك، ومن أجل انتهاج السبل الناجعة والقادرة على تعظيم قدرات الدول العربية في مواجهة التحديات وخدمة المصالح والقضايا العربية المشتركة.

وقال التقرير إن القضية الفلسطينية، باعتبارها القضية العربية المركزية الأولى، ما زالت تمر بمرحلة عصيبة ودقيقة من عمر الأمة، نتيجة جمود يقف حائلا أمام التقدم بالعملية السلمية، وانسداد للأفق السياسي.

وأورد التقرير أنه كان هناك سعي واضح وتنسيق مستمر مع الفلسطينيين نحو إطلاق مفاوضات سلام فلسطينية- إسرائيلية جادة وفاعلة، تنهي الانسداد السياسي، وتسير وفق جدول زمني محدد، لإنهاء الصراع، على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، والذي يشكل السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار.

وأشار إلى انه تم التصدي إلى الخطوات الإسرائيلية الأحادية التي تستهدف تغيير الحقائق على الأرض وتقوض حل الدولتين، بما يشمل الاستيطان غير الشرعي ومصادرة الأراضي، وتكثيف التواصل مع المجتمع الدولي لحمل اسرائيل على وقف غطرستها وعملياتها الاستيطانية وإجراءاتها الأحادية والالتزام بقرارات الشرعية الدولية، بما يحافظ على حل الدولتين.

 

السلام خيار عربي استراتيجي

 

وجاء في التقرير أن زيارات جلالة الملك عبدالله الثاني ولقاءاته مع ملوك ورؤساء وقادة الدول خلال العام الماضي، والدخول مع المنظمات والتكتلات الإقليمية والدولية، شددت على أن السلام الشامل والدائم خيار عربي استراتيجي، تجسده مبادرة السلام التي تبنتها جميع الدول العربية في قمة بيروت عام 2002، ودعمتها منظمة التعاون الإسلامي، والتي ما تزال تشكل الخطة الأكثر شمولية وقدرة على تحقيق مصالحة تاريخية، تقوم على انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما جاء في التقرير أن رئيس القمة العربية، جلالة الملك عبدالله الثاني، أكد أن السلام الشامل والعادل في المنطقة لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، فالمعالجات المجتزأة لأزمات المنطقة، أو القفز عن القضية الفلسطينية لن يفضي للسلام الذي تصبوا إليه الشعوب العربية، "فلا أمن ولا استقرار في الشرق الأوسط من دون حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن دون ذلك، سيتجذر اليأس وسيتمدد التطرف وسيزداد الغضب، وستبقى الأوضاع قابلة للانفجار في أي لحظة".

وأورد التقرير ما تم الاتفاق عليه بين رئيس القمة، جلالة الملك عبدالله الثاني وفخامة رئيس جمهورية مصر العربية وفخامة رئيس دولة فلسطين على تأسيس آلية تنسيقية ثلاثية للتعامل مع مستجدات القضية الفلسطينية، وتوجيه وزراء خارجية الدول الثلاث لتعزيز التواصل، وتوحيد المواقف، ومعالجة التطورات برؤية مشتركة، بما يكفل حقوق الفلسطينيين المشروعة.

كما جاء في التقرير، على لسان جلالة الملك عبدالله الثاني، أن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو حجر الأساس لحل أزمات المنطقة، والقدس هي مفتاح أمنها واستقرارها، "فالقدس كانت وستبقى في مقدمة أولوياتنا، بصفتنا الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وقد كرسنا كل الطاقات للحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها، وحماية المدينة المقدسة وهويتها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وخصوصا المسجد الأقصى، الحرم القدسي الشريف؛ فحماية القدس ومقدساتها عمل ثابت وممنهج وجهـد دائم نبذله".

 

وقف العدوان الإسرائيلي على القدس

 

كما أورد التقرير، أن رئيس القمة الثامنة والعشرين جلالة الملك عبدالله الثاني، طوق وبتعاون وتنسيق كاملين مع الرئيس محمود عباس وبالتشاور والمتابعة مع الزعماء في الدول العربية والإسلامية، وبصمود المقدسيين التاريخي، أزمة الرابع عشر من تموز 2017، التي كانت نتيجة إجراءات إسرائيلية باطلة حاولت عبرها فرض حقائق جديدة على الأرض المقدسة من خلال تركيب بوابات إلكترونية وكاميرات وضعتها على أبواب الأقصى المبارك، "فأوقفنا العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، الحرم القدسي الشريف، وعلى المصلين فيه".

 

وأشار التقرير إلى أنه وفي السادس من كانون الأول 2017، قررت الإدارة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، وهو قرار يعد لاغيا وباطلا ومرفوضا، ويقوض جهود تحقيق السلام، ويزيد التوتر، ويكرس الاحتلال.

 

كما أشار التقرير إلى دعوة الأردن وفلسطين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورة غير العادية بتاريخ 9 كانون الأول 2017، تم فيه التعبير عن رفض القرار الأميركي والتحذير من تبعاته والاستمرار في مواجهته، وإلى صدور القرار رقم 8221 عن الاجتماع، والذي تضمن مجموعة من الإجراءات العملية، من بينها تكليف لجنة مبادرة السلام العربية تشكيل وفد من أعضائها للعمل مع المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية، تحقيقا لغايات أساسية في مقدمتها الحد من التبعات السلبية للقرار الأميركي ومواجهة آثـاره، وتبيان خطورتـه، والعمل مع المجتمع الدولي على إطلاق جهد فاعل ومنهجي للضغط على إسرائيل للالتزام بقرارات الشرعـية الدولية.

 

وذكر التقرير استضافة عمان لاجتماع الوفد الوزاري العربي برئاسة المملكة الأردنية الهاشمية لمتابعة تداعيات القرار الأميركي بتاريخ 6 كانون الثاني 2018، ولقائه جلالة الملك عبدالله الثاني، رئيس القمة العربية.

 

وتابع التقرير أن جلالة الملك عبدالله الثاني واصل، عبر لقاءاته المكثفة وزياراته للعديد من العواصم المؤثرة، العمل على الحد من تداعيات القرار الأميركي، وإطلاق جهد دولي فاعل وسريع، وإيجاد أفق سياسي يفضي إلى إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

 

وقال التقرير إن جلالته أكد أن القدس "قضية من قضايا الوضع النهائي، لا يتحدد وضعها إلا بالتفاوض المباشر بين الطرفين، وأبقينا انخراطنا مع الإدارة الأميركية لدفعها باتجاه تقديم خطة سلام عادلة وشاملة ومنصفة للحق الفلسطيني، تؤكد المرجعيات المعترف بها، بما فيها مبادرة السلام العربية"، والتي ما تزال تشكل الخطة الأكثر شمولية وقدرة على تحقيق مصالحة تاريخية.

 

وأضاف التقرير أن جلالته الملك أكد أنه سيواصل القيام بمسؤولياته الدينية والتاريخية تجاه المدينة المقدسة، وحماية مقدساتها الإسلامية والمسيحية، والتصدي لأي محاولة انتهاك لقدسيتها أو المساس بها، والوقوف بوجه أية اعتداءات أو محاولات للتقسيم الزماني أو المكاني للمسجد الأقصى، الحرم القدسي الشريف.

 

ونقل التقرير عن جلالته "ولأن دعم القدس وحمايتها يتطلب دعما للمقدسيين وصمودهم، حرصنا على إدامة الأواصر معهم، مسلمين ومسيحيين، وتقديم كل ما يمكن من إسناد للمساعدة في تثبيتهم على أرضهم".

 

اللاجئين.. أهم قضايا الحل النهائي

 

وأكد رئيس القمة، جلالة الملك عبد الله الثاني، أنه بالحديث عن قضايا الوضع النهائي، فإن مسألة اللاجئين الفلسطينيين تبقى إحدى أهم تلك القضايا التي تحل في إطار حل شامل للصراع، وبما يضمن حقهم في العودة والتعويض، على أساس قرار الأمم المتحدة رقم 194، ووفق مبادرة السلام العربية، "وحذرنا في تواصلنا المستمر مع المجتمع الدولي من خطورة المساس بدور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أو أي نقص في مواردها".

 

وقال التقرير إنه وفي ظل ما تعانيه الوكالة (الأنروا) من نقص حاد في موازنتها، دعت المملكة الأردنية الهاشمية، بالتعاون مع جمهورية مصر العربية ومملكة السويد لعقد مؤتمر دولي استثنائي بتاريخ 15 آذار من العام الحالي في روما، يعنى بحشد الدعم للوكالة، حيث نجح المؤتمر في تحقيق أهدافه، بالتأكيد على محورية قضية اللاجئين الفلسطينيين وإعادتها إلى صدارة الاهتمام الدولي، ما انعكس إيجابيا على مستويات الدعم السياسي الكبير الذي تلقته الأونروا خلال المؤتمر، وضرورة حماية الأونروا واستمرارها في القيام بالولاية المنوطة بها وفق التكليف الأممي.

 

وأشار التقرير إلى تقديم بعض الدول دعما إضافيا للوكالة يقدر بنحو مائة مليون دولار لسد العجز الحالي في ميزانية الوكالة والبالغ 446 مليون دولار.

 

ولفت التقرير إلى أنه بالنظر إلى الأزمات الأخرى التي يعاني منها الجسد العربي، فإن الأزمة السورية تدخل عامها الثامن، بما خلفته من ويلات وكوارث على الشعب السوري، وانعكاسات طالت دول الجوار السوري، "فكثفنا العمل على إيجاد حل سياسي ينهي الأزمة السورية، بما يحقق طموحات الشعب السوري، ويحفظ وحدة سوريا، ويحمي سيادتها واستقلالها، استنادا إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، وعبر مسار جنيف.

 

وأكد التقرير ان الأردن ما زال منخرطا مع الدول المعنية ثنائيا وبصيغ متعددة الأطراف لتحقيق السلام في سوريا، وتعزيز المسار السياسي، ودعم جهود المبعوث الأممي الخاص لسوريا بعيدا عن الحل العسكري للأزمة.

 

انجاز أردني بخفض التصعيد جنوب سوريا

 

وقال التقرير إن رئيس القمة جلالة الملك عبدالله الثاني عمل مع الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية لتأسيس منطقة خفض تصعيد في جنوب غرب سوريا، بما يسهم في خفض العنف بعموم البلاد، وإيجاد الظروف الملائمة لحل سياسي مستدام للأزمة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع ودونما إعاقة، وتهيئةً الظروف المواتية لعودة السوريين لبلدهم بشكل آمن، والذين يستضيف الأردن قرابة 3ر1 مليون منهم، حيث لفت التقرير إلى أن الأردن مستمر في القيام بواجبه الإنساني إزاء السوريين المتواجدين في المملكة، "دونما تقاعس في فعل كل ما يمكن لتلبية احتياجاتهم رغم شح الموارد والتحديات الاقتصادية الضاغطة على المملكة".