الحرب التي لا يمكن تجنبها

 

كلما اقتربت الازمة السورية، من نهايتها، اشتعلت مجددا، بشكل جديد، وكلما اقترب السوريون، من ان تضع الحرب اوزارها، تفجرت مفاجأة جديدة، تعيد خلط الاوراق، حتى ان الازمة السورية، باتت الاصعب عند تحليلها من جانب الخبراء، بسبب التغييرات التي تجري كل ساعة.

آخر التطورات ما يتعلق بما حدث في الغوطة الشرقية، واستعمال الاسلحة الكيماوية في دوما، وموجات التنديد التي شارك بها الرئيس الاميركي، ووزير خارجيته، حيث هدد الرئيس بما يمكن اعتباره عملية عسكرية في اي لحظة ضد النظام السوري، واذ بالاسرائيليين يدخلون على الخط، ويقصفون قاعدة T 4 الجوية، التي يتواجد بها روس وايرانيون، ويقصفون من السماء اللبنانية، تعبيرا عن خوفهم الضمني من الصواريخ السورية، بعد حادثة اسقاط طائرة اسرائيلية.

لا نعرف هل استغل الاسرائيليون، قصة الغوطة الشرقية، وتهديدات الاميركان، ونفذوا هكذا عملية، ام ان توقتيها مخطط في وقت سابق، ولا علاقة للقصف الاسرائيلي، بالتهديد الاميركي، لكن الواضح ان انفلات الفرقاء في الساحة السورية، ضد بعضهم البعض، بات يأخذ تجاها خطيرا جدا.

حتى الان، لا تزال الاطراف اللاعبة، العربية والاقليمية والدولية، قادرة على ادارة لعبة الدم، في سوريا، بطريقة محددة، ضمن قواعد، وهناك متغيرات بطبيعة الحال، لكن اذا بقيت الازمة السورية، دون حسم قريب، فهي سوف تأخذ سوريا والمنطقة الى حرب كبرى، سبق ان تم الحديث عنها مرارا، وهي حرب قد تنفجر لاعتبارات مختلفة، ابرزها ان الفرقاء الروس والايرانيين والاميركيبن والاسرائيليين، وغيرهم، لن يستمروا في هذه المواجهات حتى النهاية، وقد تختطفهم ظروف مختلفة، نحو انفجار المواجهة، بشكل غير متوقع.

اذا لم توجه الولايات المتحدة الاميركية ضربة الى النظام السوري، في هذا الوقت، فهي قد تكون اكتفت بالعملية الاسرائيلية، او بمنح اسرائيل هامشا اوسع لمزيد من العمليات خلال هذه الفترة، وفي حال وجهت واشنطن ضربة جديدة، للنظام السوري، فإن الازمة ذاتها مرشحة للتفاعل بطريقة غير متوقعة.

اللافت للانتباه هنا، ان الروس بشكل رئيس تهمهم قواتهم في سوريا، ولذلك يهرعون فورا للتأكيد ان قواتهم لم تصب بأذى، وكأنها تقول ضمنيا، انها لن تعترض بشكل جذري اذا كانوا الضحايا من السوريين او الايرانيين، وهو ما ثبت مرارا، بما يؤكد ان هناك فروقات في الحسابات بين الايرانيين والروس، الذين لا يمكن ان يدوم تحالفهم حتى النهاية، خصوصا، عند ترسيمات المصالح والقوة والنفوذ في سوريا.

التحليل الدقيق للازمة السورية، مربك جدا، لان الازمة، تتعرض لتغييرات يومية، ولا يمكن لاي طرف ببساطة، ان يقرأ مستجدات الازمة، ولكن ما يمكن قوله، ان هذه الازمة، لا يمكن لها ان تبقى هكذا، وهي اذا لم تنطفئ، سياسيا، او عسكريا، فهي مؤهلة للتحول الى سبب لنشوب حرب كبرى في كل الاقليم، وهي حرب إن وقعت، ستكون غير مسبوقة، لوجود اطراف دولية فيها، تتجنب حتى الان، رفع درجات الاشتباك، وتسعى الى ان لا تصل حالة الاشتباك، الى حالة حرب مفتوحة، دون ان ننكر هنا، اننا نعيش حالة حرب بالوكالة، وضمن درجات منخفضة من المواجهة، مقارنة بما قد تتطور اليه.

الدستور