الفكر الاجتماعي ... والايدي الخفية !!!

المهندس هاشم نايل المجالي

الاديان وفي مقدمتها الدين الاسلامي ركز على تربية الفرد وعلى التعاون الجماعي ، ومن هنا تنوعت النظم المجتمعية وعلى رأسها النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ، والفكر الاجتماعي بين منظومة شبكة العلاقات الاجتماعية التي تربط بين عناصر المجتمع من حيث الاشخاص وتقاربهم وبين الافكار ومدى تطورها حيث يظهر المجتمع في مستوى تخلفه او تقدمه ، وبتماسك قوى المجتمع يتحصن من الآفات المتعددة التي تفككه وتعرضه للخطر والتمزق والانهيار ويصبح المجتمع مريضاً فالمجتمع كالجسم يولد ويكبر ويهرم ويموت او يحافظ على عنفوانه وقوته .

فكثير من المجتمعات تلاشت ومنها من ظهر في صورة مجتمع جديد او اندمج مع مجتمع آخر اقوى منه واكثر منه تقدماً وتحضراً ، والمجتمع السليم هو المجتمع الذي قلت امراضه وقويت فيه عناصر وعوامل النمو والتطور والعطاء والانتاجية والتكافل والتضامن ، وهذا يتطلب اشخاصاً اصحاب فكر ووعي وادراك لكل المتغيرات ، وآلية معالجة الازمات ودراسة قضايا ومشاكل المجتمع المتعددة ويرصدون ظاهره ويحللون ويقترحون العلاج المناسب لها ، وذلك لحماية مجتمعهم مما يتعرض له من ازمات او مخاطر .

ففي كل جيل هناك مصلحون ومفكرون قادرون على معالجة امراض المجتمع او ما يهدد كيانه ، تبعاً للمناخ الاجتماعي وتفاعله وتعاطفه مع القضايا المختلفة ، وتبعاً لاختصاص المصلحين ، فهناك من ركز على القضايا المعيشية واخرون ركزوا على قضايا المرأة وحقوقها ، وآخرون على قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة وآخرون اهتموا بالتمدن والتحضر والعمران ، وآخرون اهتموا بالاصلاح الاجتماعي والمحافظة على الاسر من التفكك ، وهكذا فيجب أن تكون هناك ثوابت راسخة وقواعد متينة تراعي المستجدات وتواجه الازمات ، خاصة في ظل تشرذم وتمزق بعض المجتمعات نتيجة خضوعه الى مؤثرات خارجية وتنظيمات منحرفة جعلت العنف عنواناً لها خاصة لما يتأثر به الشباب نتيجة الانفتاح التكنولوجي ، فأثرت على الضوابط والسلوكيات القيمية والاخلاقية وتشعب الرؤى وشرودها عن جادة المنهج الوطني ، علماً بان هناك العديد من المستجدات والمتغيرات فهناك دور للعقل والحرية المنضبطة والارادة الانسانية ، ولا يجوز باي شكل من الاشكال طمس العقلانية ولا الحقائق طالما حاول الكثير من المتنفعين طمسها .

فهناك من يلبس ثوب الديمقراطية كما يراها هو ، حيث يعيد تشكيلتها وفق رؤيته لما يسميه وظيفة التصوف في الحياة لتحقيق مصلحته ، كونه لب المجتمع الذي يصنع قاعدته فيه بنفذوه او ماله ليتحكم بأبنائه ويسيرهم كما يريد ، على اعتبار انه موجود في اعماق وفؤاد كل شخص فيهم وبدونه يغدو المجتمع ثائراً عنيفاً او يجعله مجرد شعارات ومظاهر شكلية وليست عملية ايجابية منتجة معمرة ، فالفقر والبطالة بالنسبة له عنوان الحاجة اليه ليبقى حاكما ًمطلقاً في مجتمعه ، فكان النطق بالكلمات مكتوباً وغير منضبط بموازين العقل والمنطق ولكنها تفوح وتنبعث من مشاعر اشخاص لا يكنون الخير والاصلاح لهذا المجتمع ولا لهذا الوطن ولا لأبنائه ولا لأمنه واستقراره ، فلا يجوز الاقتداء بهؤلاء الاشخاص لمن كان في حالة عدم الصحو ، ولا ان نعتمد كلامهم وسلوكياتهم على انها المسلك السليم موهماً اياهم بالحلول ، وهناك مجتمعات عربية ذاقت مرارة الفتنة وحجبت الندى المتساقط على الورود والازهار ، فسالت من كثرة القتل عيون البلابل والاطيار فمن يزيل عن ابناء تلك المجتمعات غشاوة الظلال الفانية ، أهي القوى الغربية ام التنظيمات الارهابية ، بقوتها وجبروتها ام تؤمن بنور الصالحين المصلحين الوطنيين ، فهناك نهج مجتمعي وهناك نهج سياسي واقتصادي ويجب معالجة الامور بكل عقلانية دون رعونات شخصية تريد ان تحقق مآرب ذاتية ، فالفرقة بين ابناء المجتمع الواحد والجسد الوطني واعمال العنف والشغب والارهاب ومن تبادل للشتائم باسم الاصلاح ، كلها امور مخالفة لجوهر الحس الوطني والغيرة على امن واستقرار الوطن ، وهذه فتنة لانها تعطي المبررات لغير ابناء الوطن للتدخل في شؤون بلادنا ، ولماذا لا تكون الدعوة الى مؤتمر وطني يشارك فيه ممثلي ابناء المجتمع من كافة المحافظات له عناوين رئيسية موحدة اهمها المحافظة على امن واستقرار الوطن ووحدة النسيج المجتمعي ، وصون كرامة المواطن وتقييم الاداء والعطاء وتحقيق العدالة الاجتماعية وآلية تنمية المجتمعات المحلية لمحاربة الفقر والبطالة وغيرها الكثير من العناوين الرئيسية التي تحقق الرؤى الاصلاحية وتحجم التغول على جيب المواطنين كحل للازمات المالية .

والمجتمع الاردني مجتمع تراحمي تعاطفي مجتمع تقوم علاقاته على التراحم والتعاطف والتعاون بين افراده ، وعلى النقيض من المجتمع التعاقدي الذي تقوم العلاقات به على اساس التعاقد والمصالح والخدمات والمواقف مقابل المال.

فالانسانية وما تواجهها من ازمات ومشاكل ومعضلات متساوية بالنسبة للجميع ، وتدخل في علاقة تراحمية تتجاوز كل الاعتبارات فالضيم والظلم الذي يقع على احد اينما كان كأنه وقع على الجميع ، فالانسان قيمة ومكانة واحترام وكرامة والمسافات قصيرة بينهما والانسان لا يمكن اختزاله في محور واحد فهو كما يحتاج للطعام والعمل والعيش الكريم فهو يحتاج الى الثقافة والقيم الاخلاقية والسلوكيات السوية وغيرها ، فكلاهما مكمل للآخر ولهما ابعاد وحسابات للبعد الانساني ليتجاوز القصور في ذلك والجميع متفقون على العديد من التساؤلات اهمها الى اين المطاف .

سؤال يطرحه العقل البشري يحاول ان يفسر ليحفظ وجوده حتى يستمر في الانتاج وحتى لا يتوقف ويصاب بالذهول واليأس والاحباط والاحساس بالعدمية مثلما كثرت ظاهرة الانتحار او السرقة والجريمة وغيرها .

فلا بد من وجود خريطة وطنية ادراكية تفسر الوقائع يراها المواطن من زاويته ، والحكومة تراها من زاوية اخرى تفضلها على المواطن وتفرضها عليه حتى ولو بالقوة لكل من يعترض ويحتج ، وهكذا والبنك الدولي وغيره لا يستوعب ذلك والمواطن لن يستجيب للمؤثرات الخارجية وانما لطريقة ادراكه بما فرض عليه من قرارات ورفع للاسعار على حساب قوته ولقمة عيشه فهو يعمل على صيانة ذاته ضمن هذه المتغيرات ، لكن امن واستقرار الوطن في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة هي العنوان الرئيسي والشعار الذي لا يمس والكل يجمع عليه ولا احد يتجاهله فمهما كانت الصعوبات مالية فهناك الاخلاق التي تغلب عليها والكل سيسعى لايجاد الحلول والمخارج للازمات حتى لا يفقد الانسان وجوده في وطنه .//

 

 

hashemmajali_56@yahoo.com