العريس الذي سرق "الخروف"
العريس الذي سرق "الخروف"
وليد حسني
من اعاجيب عالم الزواج ما سمعته بأم أذني عن حادثة في غاية الغرابة لزوج شاب مع زوجته التي امتهن ضربها وشتمها وصولا إلى حمل الموسى وتهديدها به قبل أن تقرر العودة لأهلها والإعتراف لهم بما تقاسيه من مهانة وذل وضرب وقسوة امتدت لثمانية أشهر هي مدة مكوثها في جحيم الزوج.
ظلت الفتاة تحاول إخفاء ما تلقاه من زوجها عن اهلها ، حتى امها التي ظلت تشك في وضعها كانت تتلقى دوما إجابات بالنفي والإنكار من ابنتها حين تسألها عن الكدمات في وجهها وفي يديها، وحين ترى انخفاض وزن ابنتها ليصل الى اقل من خمسين كلغم.
ظلت الفتاة"العروس" تنكر كل ما تتعرض له من زوجها ومن حماتها من صنوف التعذيب والقسوة والظلم لعلها تحافظ على بيتها وتنقذ زواجها، إلا ان عنادها وحالة النكران التي عاشتها طيلة ثمانية أشهر أوصلتها الى طريق الإعتراف، ووضع النقاط على الحروف"لم أعد أحتمل، حتى إنني حاولت الإنتحار مرة" تقول الفتاة وفي جوفها كل مرارة الكون، وسواد مؤسسة الزواج غير المتكافىء.
حملت الفتاة نفسها تاركة خلفها بيتها وسواد أيامها لائذة بأبيها وأمها وقدمت لهم اعترافا كاملا، بدا وكأنه سيرة أليمة ومحزنة لرحلة عذاب وآلام استمرت ثمانية أشهر في بيت الزوج..
النتيجة بالتأكيد هي الطلاق، تخلت الفتاة عن كامل حقوقها، وطالبت فقط بحريتها وانعتاقها، وامتلاكها لنفسها، وفي مثل هذا الجحيم لا بد وان يكون الطلاق هو سيد الأحكام، ودون الذهاب الى الشرطة وحماية الأسرة للشكوى على جرمية الزوج وقسوته وجبروته.
الزوج الذي أراد الانتقام من زوجته تسلل الى حديقة منزلها وسرق "خروفا" تعود ملكيته لقريب الفتاة، والحجة في ذلك انه اراد توجيه رسالة الى اهلها يحذرهم فيها من مغبة الإستمرار في طلب الطلاق.
لم املك نفسي من الضحك بالرغم من كل تفاصيل الرواية المؤلمة لقصة زواج الثمانية أشهر ، ألهذه الدرجة وصل بهذا الزوج أن يسطو على منزل ذويها ليسرق خروفا لتكون رسالة تهديد ووعيد.
أسوق هذه القصة المؤلمة دون الإغراق في التفاصيل لغايات التأكيد على ان مؤسسة الزواج لدينا أصبحت في بعض تفاصيلها مؤسسة مجنونة، وظالمة ومربكة، وقاهرة من تصرفات الأزواج وتدخل الأمهات، وعدم إدراك الزوجين لماهية وقدسية هذه المؤسسة، وهو ما يكشف لدينا عن اسباب ارتفاع حالات الطلاق التي وصلت الى 60 حالة طلاق يوميا وفقا لسجلات قاضي القضاة لسنة 2016، من بينها 18 حالة طلاق يوميا لزواج لم يستكمل السنة.
وبالمجمل فان الأردن يتصدر الدول العربية في حالات الطلاق، بواقع 21969 حالة طلاق من بينها 6637 حالة طلاق لزواج لم يستمر سنة واحدة.
وبحسب الارقام والإحصائيات العائدة لجمعية تضامن النساء فان 21,2% من الذكور المطلقين، و 51,8 % من الإناث المطلقات تقل اعمارهم عن 25 عاما.
الأرقام الأخرى مفجعة تماما، مما يستدعي من الحكومة مراجعة قانون الأحوال الشخصية، خاصة بعد ان سمحت الحكومة قبل ايام ماضية بتزويج الفتيات في سن 15 سنة تاركة تقدير ذلك للقاضي.
إن زواج الأطفال مشكلة حقيقية تهدد المجتمع، فالذكر الزوج بالنتيجة لن يخرج من تحت عباءة أمه، وكذلك الزوجة الأنثى، وكلاهما لديهما تصورات مغلوطة عن مؤسسة الزواج وعن العلاقات التي تحكم الحياة الزوجية.
بالنتيجة فإن قصة العريس الذي سرق الخروف لا تزال تثير ضحكي، واستغرابي وألمي .. وهي قصة حقيقية تماما وليست من نسج خيالي..//