حاكم الشارقة يفتتح فعاليات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي

تحت شعار " الألفية الرقمية.. إلى أين؟

 

الشارقة - الانباط

افتتح الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة صباح امس الأربعاء  فعاليات " المنتدى الدولي للاتصال الحكومي " في دورته السابعة والتي ينظمها المركز الدولي للاتصال الحكومي التابع للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة على مدار يومين في مركز إكسبو الشارقة تحت شعار " الألفية الرقمية.. إلى أين؟.

وأكد الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ضرورة تحصين مجتمعاتنا من الأفكار الدخيلة والهدامة التي تؤثر سلباً على التنشئة الاجتماعية لأبنائنا وبناتنا، وتقودهم إلى العبث الذي تجلبه التكنولوجيا الحديثة كجوانب سلبية لها، مع أهمية العمل للمستقبل والاستفادة من تجارب الشعوب التي عانت من الهزائم، لكنها أصبحت اليوم في مصاف الدول العالمية المتطورة عبر التغلب على شعور الإحباط بالهزيمة، والاشتغال بالعلم والمعرفة والوعي المجتمعي..

وأشار  خلال الكلمة التي ألقاها  في حفل الافتتاح  إلى أن إرادة الشعوب هي العامل الحاسم في تطور المجتمعات وتقدمها بعيداً عن الركون للهزائم، مستدلاً سموه بتجارب عدد من الدول الكبرى التي عانت من ويلات الهزيمة مثل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية، وقد أصبحت اليوم من الدول الصناعية الكبرى ومثالاً لتطلعات الشعوب ونظرتهم الإيجابية للمستقبل..

واستهل كلمته بالترحيب بضيوف المنتدى، مبتدئاً حديثه عن الأجيال السابقة وتطلعاتها وما يجب عليه أن يكون المستقبل، قائلاً: نحن من الجيل القديم، وسأعبر بكم أكثر من 45 عاماً لكن إلى الوراء، لنرى ما كان، وما يجب أن نكون عليه، فنحن في الشرق هُزمنا هزيمة كبيرة في سنة 1976 وما زال شعور الهزيمة يسيطر علينا..

وتابع: أنا من جيل الهزيمة، بل كنتُ في وسطها، وكنت يومها أردد ما قاله الأديب الفرنسي إنطوان ارنولد في نصه "الورقة الجافة" المعّبر عن حالة اليأس، وأتخيل نفسي تلك الورقة الجافة في مهب الريح..

ولفت إلى أن الشعور الطاغي على الشعوب العربية في تلك الفترة كان سلبياً، مبيناً سموه أنه لم يكن وحده في ذلك الشعور العام، الذي مثّل نهاية النموذج القومي للإنسان العربي، تاركاً تفكير الإنسان العربي مشلولاً، وشعوره بأن صفحة قد طُويت، وفي نفس الوقت مثّلت استنزافاً لكل المنظومات والنظريات التي سادت في تلك الفترة وبعدها، وتركتنا في مجتمع خاضع للصدمات المختلفة اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية..

وتحدث عن تأثير تلك الفترة على تفكير الإنسان العربي، قائلاً: بدا الإنسان العربي أنه في عمق أزمة، يرى البعض أنها أزمة هوية، ويرى البعض الآخر أنها أزمة مشروعية، وبقينا كذلك إلى يومنا هذا، نتيّه في التيّه، وتأتينا الآن هذه التقنية الحديثة، فعلى أي أساس أرتكز على السماح لتلك المعطيات للولوج إلى مجتمع لا يعرف هويته ولا مشروعيته.

وأكد سموه أننا يجب أن نرتقي ونحوّل بقايا تلك الهزيمة إلى فعلِ جاد ونأخذ العبرة والحكمة من هزيمة اليابان، وألمانيا، وكوريا الجنوبية، لنعرف ما هي الخطوات التي اتبعوها للتطور والتقدم، وبذلك نكون قد وضعنا يدنا على المجتمع الذي سنسلمه سلاحاً خطيراً وهو التقنية الحديثة، وهو السلاح الذي دخل علينا قبل بضع سنوات، وأصبح أخطر شيء في يد العبث، والظلاميين الذين يأخذون أولادنا من كل مكان ويحركونهم مثل الدمى ليدمروا أنفسهم وغيرهم..

وبيّن سموه قائلاً: أنا أنظر إلى هذا السلاح الخطير كإنسان مُصلح لمجتمعه، وأنتم تنظرون إليه من باب التطور، مضيفاً سموه: لا بد قبل أن نبدأ في طريق الثورة التقنية أن نبدأ بمجتمعنا، وأن نحصنه ضد كل هذه المعطيات، وليس معنى ذلك أن نراقبه فقط أو نغلق عليه الأبواب والوسائل، وإنما نحصّنه على درجة من المعرفة والوعي وإيمان إنساني يمنعه من العبث واستعمال هذه التكنولوجيا في تدمير الشعوب.

 

ووجه سموه رسالة إلى الآباء والأمهات، قائلاً: مسؤوليتنا أن نراقب أولادنا وبناتنا الذين أدمنوا على هذه الأجهزة الحديثة والتقنية وانفصلوا عن مجتمعهم، وأخذتهم الأجهزة بعيداً عن واقعهم .

 

كما دعا الباحثين من رواد المعرفة والثقافة والتقنية الحديثة من ضيوف المنتدى إلى البحث في كيفية منع العبث من الوصول إلى أبنائنا وبناتنا حتى ينتقلوا إلى العقلانية من الفوضى، وإمكانية توجيه الأطفال إلى استعمال هذه الأجهزة للنفع والفائدة فقط.

وألقى الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مجلس الشارقة للإعلام، كلمة أكد فيها ضرورة إدراك الحكومات لتسارع التطورات التقنية التي تهدد تلاشي وسائل التواصل التقليدية وتتطلب إعداد التجهيزات للاستعداد للمراحل المستقبلية التي يصعب التنبؤ بتطوراتها ومدى قفزاتها، مشيراً إلى أن وسائل الثورة الرقمية تتطور بشكل هائل وسريع  ربما يفوق حتى سرعة الصوت ومنها ما يتلاشى في الوقت الذي تبقى به وسائل أخرى، مستعرضاً المراحل المقبلة وفقاً لما تشهده التقنية من مفاجآت وتطورات، مؤكداً ضرورة إعداد الخطط والآليات والبرامج التي تساهم في تسهيل سبل الحوار مع أجيال المستقبل ومخاطبتهم وفق لغتهم الرقمية للحفاظ على التواصل المستمر بين الحكومة وجمهورها.

وتناول رئيس مجلس الشارقة للإعلام حكاية مستقبلية جسّدها في الطفل (عمر) وهو من الأجيال التي نشأت وترعرعت في ظل العصر الرقمي، والذي باتت ألعابه لا تشبه ألعاب طفولة الحاضر والماضي فكلها رقمية وكذلك طريقة تواصله، متطرقاً إلى توقعات المراحل المستقبلية القادمة التي ربما يتلاشى فيها الهاتف النقال وتتغير وسائل التواصل الاجتماعي لتكون من تاريخ الأجداد ويحل محلها أدوات تواصل أخرى. 

وأشار سلطان بن أحمد القاسمي إلى أبرز أبحاث تقنية المستقبل التي تتناول التواصل بالتخاطر بإرسال محتوى من دماغ إلى آخر دون تدخل الآلة وربما بأدوات جديدة لم يتصورها العقل البشري حالياً، لافتاً إلى تقنية الواقع المعزز للحصول على المعلومات التي يحتاجها الشخص دون الحاجة إلى الاتصال بجهاز الحاسوب أو الهاتف الذكي، وإلى توقعات تمكّن العقول بعد التواصل بسحابة مرتبطة بآلاف أجهزة الكمبيوتر من تضخيم الذكاء الأصلي ليصبح تفكيراً اصطناعياً.

وأضاف قائلاً: قد تبدو هذه الأفكار الخارجة عن نطاق إدراكنا الحالي غريبة نوعاً ما وغير قابلة للتطبيق، ولكن يجب أن نتذكر أنه منذ 15 سنة فقط لم يكن لنا أن نتصور أن نحمل مكتبنا ومنزلنا وحسابنا المصرفي وكتبنا وصورنا كلها في جيّبنا وفي آلة واحدة اسمها الهاتف الذكي، مؤكداً أهمية التفكير في مستقبل الاتصال الإنساني، وطبيعة تواصل الحكومات مع شعوبها في المستقبل في سياق هذا التطور الجذري الهائل في طريقة تواصلنا مع بعضنا وتواصلنا مع الآلة.

واختتم الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي كلمته متحدثاً عن وسيلة التواصل المستقبلية القادرة على أن تتفوق على الهاتف الذكي الذي تمكن من جمع العالم بكل أبعاده وصلاته في شريحة صغيرة، مشيراً إلى حكاية الطفل (عمر) الذي طرحه كشخصية تمثل أجيال السنوات القادمة مقدماً تساؤله للحكومات: "ماذا أعددنا كحكومات لمرحلة (عمر) وما بعده؟".

وألقت الدكتورة أمينة غريب، ضيف شرف المنتدى، كلمة عبّرت فيها عن شكرها إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على استضافتها في هذا المنتدى المهم الذي يهدف إلى تمكين حكومات المنطقة من التواصل بفعالية مع شعوبها، ويشكل في الوقت ذاته مدعاة فخر لقادة دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأكدت أن مسؤوليات الحكومات فيما يتعلق بالتواصل مع شعوبها تتضمن ثلاث مراحل، إذ يجب أن تكون أولاً سباقة في تقديم معلومات تتميز بالشمولية والمصداقية، وأن توفر بنية تحتية أو أدوات اتصال قادرة على إصدار رسائل دقيقة في الوقت المناسب عند التعرض لأية أزمات أو كوارث، وثالثاً أن توفر الحماية لشعبها في وجه أي قوى معادية قد تحاول الوصول إلى البيانات وتستغل قنوات الاتصال لأغراض غير مشروعة.

 

وقالت غريب: إذا لم نشكل مصدراً موثوقاً للمعلومات بالنسبة لشعبنا، فإن فجوة المصداقية سيستغلها آخرون من داخل بلداننا وخارجها بشكل فوري ووفق أجندة معينة أحياناً، ولذا، فإننا لا نملك خياراً سوى الإسراع إلى توفير بنية تحتية وطنية قوية وشاملة للاتصالات لضمان تقديم رسائل اتصالية تلبي احتياجات الجمهور، وفي نفس الوقت تتضمن وسائل الحماية اللازمة لضمان عدم اختراق المعلومات أو البيانات.

واختتمت الدكتورة أمينة غريب كلمتها مطالبة بضرورة أن تكون الرسائل واللغة المستخدمة في الاتصال الحكومي، شفافة ومدروسة وقوية وموثوقة ومفهومة ومدارة من قبل أشخاص مختصين، وأن ترسل في وقتها الصحيح والمناسب، مضيفة أنها قد لا تكون فعالة إلا إذا بنيت على رسائل متكررة وموثوقة، داعية الحكومات الحريصة على حماية شعوبها وتعزيز رفاهيتهم، إلى التفكير في الكيفية التي ستستخدم بها قنوات الاتصال بالمستقبل.

وتجول صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بحضور الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، وسعادة طارق سعيد علاي مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وجواهر النقبي مدير المركز الدولي للاتصال الحكومي، بعد حفل الافتتاح في أروقة المنتدى، مطلعاً سموه على الفعاليات المصاحبة، حيث تابع جانباً من بعض الورش التدريبية والجلسات التفاعلية، وتفقد أجنحة العديد من الجهات المشاركة، واستمع سموه إلى شرح مفصل عن منصات وأجنحة الجهات المشاركة.