ابو غزالة: رأس المال البشري هو مورد الأردن الاقتصادي الأهم

 

عمان -بترا

قال الاقتصادي الأردني العين طلال ابو غزالة، إن رأس المال البشري يعتبر مورد الأردن الاقتصادي الأهم، داعيا إلى رفع معدلات الانتاج وتحسين المؤسسات الممكنة للاقتصاد المعرفي، وما ينتج عنه من قيم مضافة تعتمد على رأس المال الأردني الأهم.

ودعا الدكتور ابو غزالة في لقاء مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إلى إيجاد الوظائف من خلال دعم الانتاجية وليس من خلال التوظيف في أجهزة الدولة الذي يزيد من البطالة المقنعة وعجز الميزانية ومزاحمة القطاع الخاص مما يدفع باضطرار المالية العامة لفرض ضرائب لسد متطلبات هذه الوظائف كما أن التوظيفِ غير المنتج لا يساهم في تحسين معدلات الانتاج.

وقال "نحتاج إلى إجراءات عملية لتحفيز الاقتصاد وزيادة الانتاجية وليس تأجيل الحلول للمواطنين على حساب مستقبلهم، مما يؤدي إلى تخفيض الطلب على الوظيفة الحكومية، لان القطاع الخاص المنتج سيجذب العمالة إليه بدلا من الحكومة خاصة وان حجم الاجور والمنافع لديه أكبر".

وأضاف ابو غزالة "انه في حال وجود قطاع خاص قوي ومتناٍمٍ سيكون جاذب للعمالة الأردنية مما يمنح الفرصة للحكومة لتقليل التوظيف فيها وبالتالي معالجة العجز لديها"، مشيرا إلى أن الحكومة حاليا لا تستطيع وقف التوظيف فيها إذا كان القطاع الخاص في طور انكماشي.

وبين أن الأرقام الاقتصادية متوفرة في دائرة الاحصاءات العامة ورغم أن بعضها كأرقام الفقر والبطالة بحاجة إلى مراجعة من حيث كيفية الاحتساب فإن ما يهمنا هو مسيرة هذه الأرقام صعوداً وهبوطاً، داعيا إلى تفعيل معايير جديدة للوقوف على الاقتصاد؛ لمعرفة مدى نجاح السياسة المالية والنقدية في تفعيل النمو الاقتصادي وتشغيل العمالة خارج مرفقي التوظيف الرئيسيين القطاع العام والسوق الخليجية.

وقال الاقتصادي الذي يملك ويدير أكبر مجموعة عالمية من شركات الخدمات المهنية، إن الأردن يشهد تدفقا من مواطني الدول المجاورة كونه واحة أمن واستقرار ولا بد من النظر إلى العلاقة مع هذه الدول كعلاقة استراتيجية.

ودعا الدكتور ابو غزالة إلى استدامة المنفعة وإدامتها بدلاً من أن يكون نموا في الاستثمارات العقارية والطفرات الاقتصادية يمتد الى سنتين او ثلاث ثم ينحسر ونعود لمواجهة معدلات بطالة مرتفعة بعد انفاق التدفقات الاستثمارية على الأبنية والأراضي.

وبين أن التراجع في أداء الاقتصاد العالمي قد يكون مفيداً للأردن من حيث تخفيض أسعار المواد الرئيسية وكلف الانتاج، ولأن غالبية وارداتنا هي معدات وآلات فأنه يؤدي إلى تمكين الاقتصاد الأردني من زيادة الانفاق الرأسمالي لتحسين وتعظيم معدلات الإنتاج في الاقتصاد المحلي.

وأضاف انه ليس من الضرورة ان يكون هناك توافقا بين مؤشرات الاقتصاد العالمي والاقتصاد الأردني بقدر ما هي علاقة فرص وتحديات، مشيرا الى ان الاقتصاد الاردني يستورد اكثر مما يصدر وتزيد الواردات الى ثلاثة اضعاف الصادرات حيث نستورد أكثر من 90 في المائة من حاجتنا من الطاقة.

وقال ان معدل نمو الاقتصاد الحقيقي في الفترة بين 2007-2008 زاد عن 8 في المائة بينما عانى العالم من معدلات نمو سالبة، مما يعني الارتباط العكسي بين الاقتصاد الاردني والعالم.

واضاف حين يتراجع النمو في العالم تنخفض أسعار الواردات ويستفيد الأردن بالمحصلة الكلية، وبالنسبة لاقتصاد المنطقة فان التغيرات الاقليمية أفادت الاردن وفق الأرقام ومعدلات النمو.

وبين أن الأردن شهد معدل نمو وصل الى 52 في المائة في الاعوام 1950-1952 نتيجة الهجرة القسرية للخبرات ورؤوس الأموال بعد النكبة، كما أدت حرب الخليج الاولى والثانية الى طفرات نمو غير عادية لسنواتٍ عديدةٍ تلتها نتيجة تدفق الاموال والاستثمارات.

واشار الى ان نسبة النمو في الناتج المحلي الاجمالي تبلغ 2 في المائة ونسبة نمو السكان حوالي 3ر2 في المائة مما يعني أن متوسط دخل الفرد الحقيقي تراجع بنسبة 0.3 في المائة.

وأشار إلى الحاجة لرؤية واستراتيجية وخطة اقتصادية يتفق عليها الجميع ويلتزمون بها عبر الحكومات المتعاقبة.

ودعا الدكتور أبو غزالة لترجمة ميثاق النزاهة إلى إجراءات ضبط ومنع الفساد قبل حدوثه، وتفعيل قانون الائتمان المالي والمؤسسات المنبثقة عنه، مشيرا إلى أن تاريخ الشخص الائتماني جزء من رأس ماله وسمعته التجارية.

وأشار إلى ضرورة توسيع النشاط الاقتصادي لزيادة الدخل وعدم رفع الأسعار الذي يؤدي إلى انكماش الاقتصاد واندحار النشاط الانتاجي وعزوف الاستثمار المحلي والأجنبي المباشرين.

ودعا إلى الشفافية والصراحة مع الموطنين حول الأوضاع المالية ليشاركوا في تحمل أعبائها، مشيرا إلى أن العجز في الموازنة تجاوز المليار ومائة مليون دينار المحددة في الموازنة.

وقال إن "واجب الحكومة إعطاء تصريحات إيجابية حول الاقتصاد لتحفيز التفاعل وزيادة الانفاق الاستهلاكي والاستثماري وان تكون موضوعية في تصريحاتها"، مشيرا إلى أنه نتيجة التزامها ببرنامج الإصلاح مع صندوق النقد الدولي وهو التزام لسداد الدين فانه يخلق جوا من التشاؤم العام، ومن المعروف في حال كون عامة الناس متشائمين فانهم يواجهون أي تصريح للحكومة بالنقد والسلبية.

ودعا إلى إيجاد إعلام يتماشى مع تطورات العصر ويعمل بشكل استراتيجي بحيث يمهد للقرارات ويجيب على التساؤلات قبل وبعد اتخاذ القرار.

وقال إن دور وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الذي نقدره ونجله يشجعني على اقتراح إضافة دور جديد لها، إضافة الى التوجيهات الحكومية، وهو التوعية بالمتغيرات الاقتصادية من خلال شروحات مفصلة ومبسطة وشفافة، حتى وأن كانت مؤلمة ليشعر المواطن مع الحكومة، بدلا من أن ندعي السلامة المطلقة للأوضاع ونفتح بذلك الباب للتأويل والإشاعات الضارة.

وأشار الدكتور أبو غزالة إلى غياب دراسات الأثر الاقتصادي على المواطن والمؤسسات، ولا بد ان تتم هذه الدراسات قبل اتخاذ أي قرارات اقتصادية كما هو معمول به في كل الدول المتقدمة، مُبديا استعداد مجموعته لتقديم هذه الخدمة للحكومة إذا شاءت دعماً منها لخير الأردن ومستقبله.

وبين أن نسبة الدين العام للحكومة والمؤسسات التابعة لها الى الناتج المحلي الإجمالي تجاوزت نسبة الـ 60 في المائة التي تتوافق مع المعايير الدولية وهي تفوق الآن 95 في المائة، مما يتوجب إعادة نظر في أسلوب تصحيح هذه النسبة.

ودعا إلى تسهيل التحول إلى الطاقة البديلة، كما انه من الضروري حصر الشركات الحكومية وإجراء تدقيق فعلي من قبل ديوان المحاسبة على خسائرها وديونها، وإدخالها ضمن الحساب الختامي للدولة، مشيرا إلى أن المؤسسات المستقلة محصورة ويدخل دينها في الدين العام للحكومة ككل اما الشركات فلا يدخل.

ودعا الى اعادة النظر في المؤسسات المتعثرة التابعة للدولة لأن استمرارها يؤدي الى استمرار خسائرها ولا بد من قرار جريء وجراحة استئصالية مستعجلة.

واشار الدكتور ابو غزاله الى ان أصحاب المطالب السياسية هم أنفسهم أصحاب المطالب الاقتصادية وليس من المصلحة ان نفرز المجتمع على أساس السياسة والاقتصاد بل ان نقتنع بأن المطلب السياسي هو في أساسه مطلب اقتصادي لتحقيق أهداف اقتصادية مشيرا الى ان علم الاقتصاد في بداياته كان يسمى الاقتصاد السياسي ويدرس كذلك .

واضاف اننا نحتاج الى قناعة بأن المعترضين والمطالبين بالإصلاح هم أصحاب وجهة نظر قد تخطئ وقد تصيب ولا يجوز وصفهم بأنهم معارضين للاصلاح.

وأشار الى حاجتنا الفعلية لتحديث شبكات المياه حيث لا يعقل ان نكون فقراء مائياً ونفقد 50 في المائة من الماء في الشبكات، مبينا أن مستوى الفقر المائي العالمي يبلغ 500 متر مكعب سنويا للفرد مقارنة مع معدله في الأردن والبالغ 145 مترا مكعبا فقط، ولا بد من معالجة جريئة مع الدول المجاورة دون تنازلات على حساب المواطن.