هل الذكور أذكى من الإناث في الرياضيات؟ دراسة تكشف نتائج مثيرة (الأعلى على الاطلاق ) اسعار الذهب محليا خماش طه ياسين: هدفي ايصال صوت العقبة وخدمة ابنائها هل التفاح يزيد الوزن؟ 7 أشياء تحميك من خطر الاكتئاب.. واظب عليها اكتشاف فيروسات ضخمة عمرها 1.5 مليار عام.. والعلماء يطمئنون اتفاقية تعاون بين البنك العربي وشركة كريم الأردن لتسهيل عمليات توزيع أرباح الكباتن بنك الإسكان الراعي الفضي لمؤتمر سنابل الإقليمي السادس عشر للتمويل الأصغر الترخيص المتنقل في الأزرق والرصيفة غدا الأسد المتأهب: رئيس أركان قوة الواجب المشتركة يستمع لايجازات فروع هيئة الركن وزيرة الثقافة تفتتح مؤتمر الشبيبة المسيحية في الأردن مُنشق عن «الجماعة الإسلامية»: عبود الزمر كلفني باغتيال عادل إمام الفراية : لا مؤشرات على تهجير من الضفة للاردن.. وهو خط احمر لن نسمح به القمح والشعير.. موسم مبشر .... ابو عرابي: إنتاج القمح وصل الى 12 ألف طن ونصف روسيا: مصادرة أصول بنكين ألمانيين 21 ألف جريح ومريض بحاجة للسفر للعلاج خارج قطاع غزة مفوض الأونروا: نصف سكان رفح مضطرون للفرار مؤتمر دولي في اربيل العراق بعنوان الآفاق المستقبلية لتطوير الطاقة المتجددة الحلول البيئية والتحديات بمناسبة يوم البيئة العالمي 4 شهداء جراء قصف الاحتلال وسط غزة محافظة يستعرض خطط التحديث لمنظومة التربية وتنمية الموارد البشرية
كتّاب الأنباط

ما كتبه عبد الصمد لأمه

{clean_title}
الأنباط -

ما كتبه عبد الصمد لأمه

 

وليد حسني

 

أقلي عذاري فما لي فيك لوم أو عتاب، ولو قدر لي لقياك لما قدرت حتى على النظر في عينيك لثواني، ولكن هيهات وقد غادرتني قبل أن اتم عامي الأول قبل ستين سنة، عرفت خلالها معنى ان تكون بلا أم طيلة تلك السنين.

أكتب لك الآن وقد جاوزت الستين بقليل، الكل هنا يحتفل بيوم الأم، وانا مثلي مثل الاف غيري بدون أمهات، قضين وطرهن في الحياة، وقدمن ما عليهن وتركننا خلفهن لا نعرف إلى أي زمان سننتمي، لكنني أنا من بينهم عرفت بوصلتي منذ ستين سنة، ومنذ وعيت على واقع بلا أم، فقد قيل لي إنها ماتت بسبب الحمى ولم يكن لي من العمر غير ثلاثة أشهر كفلتني بعدك جدتي لأبي، ولم ازل في حضنها إلى أن فارقتني هي الأخرى ولم اتم التاسعة، كنت مولاتي لم ازل طفلا هناك ألعب في حاكورة البيت الذي لا يزال يحتفظ بكامل أنفاسك وخطواتك..

هل أقول إنني كنت محظوظا تماما يا أمي حين قيل لي إن لي ثلاث أمهات وليست أما واحدة، أنت وجدتي لأبي، ثم جدتي لأمي، اقصد امك التي كفلتني وانشأتني ولم تزل تقول لي" أنت من ريحة الحبيبة" وتذرف دمعة على خدها وهي ترجل لي شعري قبيل ذهابي للمدرسة، فقد كانت رحمها الله اسرع الناس دمعة إن مرت ذكراك، او خطر اسمك على البال.

أكتب لك هذه الرسالة أمي وقد جاوزت الستين بقليل، تقاعدت من عملي كمدرس، تزوجت، وانجبت طفلة قبل ان تغادرني امها وتطلب الطلاق وتحملها بعيدا عني، وفي غيابك غيرت مكان سكني كثيرا، منذ وعيت مولاتي وأنا اتنقل من مكان إلى آخر، لكنني يا أمي لم يكن ليهدأ بالي إلا حين اعود لبيتنا، هناك أراك تمرين من باب لباب، تكنسين الحوش، وترتبين الدار، وتضحكين لي، كنت ولم ازل أتخيلك وانت تعدين لنا الطعام، تنادين على عبد الصمد المنشغل باللعب، وبمطاردة كلبه، تهشين لي حين اعود من المدرسة، تداعبين خدي وتقبلينني وتسألينني عن القراءة والكتابة وانت لا تعرفينهما.

هل ثمة وقت امامي لكل هذا التذكار أمي، أنا لا اعرف تفاصيلك أبدا إلا من خلال صورة قديمة لك كانت ولم تزل معلقة على جدار بيتنا مع والدي الذي تزوج بأخرى فور وفاتك وتركني وحيدا وأسلمني لحضن جدتي لأبي، حين كبرت عذرته، ولم أزل أرأف به الى أن مات قبل عشرين سنة.

كانت تقول جدتي لي" ابوك يا عبد الصمد لم يصبر أكثر من أسبوعين ،ترك امك في المقبرة وذهب وتزوج خديجة بنت الدكانجي أبو محمد"، تضحك قليلا قبل أن تواصل نقمتها على أبي قائلة" الله يهده تركك يتيم الأم والأب".

هذه الليلة ليست عندي ككل الليالي، ثمة وحدة أعانيها، ثمة استحضار لغياب طال أكثر مما يجب يا أمي، وثمة أنفاس تداعبني حتى بعد مرور ستين سنة كنت ولم أزل أحس أنفاسك ترعاني وتحوطني حتى في هذه الليلة التي يذهب الكون فيها الى أمهاتهم وانت فقط من تحضرين إلي..//