تونس تحيي الذكرى الـ62 على استقلالها

                                                                                       

بعد سبع سنوات من من اندلاع ثورة العز والكرامة

 

 عمان  - الأنباط      

تُحيي تونس، بكل فخر واعتزاز، يوم 20 آذار/ مارس من كل عام ذكرى اعلان استقلالها الموافق في العام 1956.

 ويمثل هذا المكسب التاريخي تتويجا لملحمة الكفاح الوطني التي خاضها الشعب التونسي الابي على امتداد خمس وسبعين سنة، قدم خلالها أروع البطولات وأزكى التضحيات للظفر بحريته واسترجاع سيادته.

فتونس تحتفل اليوم بهذه الذكرى الخالدة، بعد مرور سبع سنوات من اندلاع ثورة العزة والكرامة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالاستقلال في معانيه العميقة ودلالاته الكونية.

 كما يمثل هذا اليوم فرصة للتذكير بالجهود التي بذلها الاباء المؤسسون للدولة التونسية ومناسبة تجدد فيه الاجيال الحالية التزامها بالمحافظة على مناعة وسيادة واستقلالية البلاد وتؤكد فيه استماتتها في الدفاع عن المكتسبات السياسية والمجتمعية والاقتصادية التي تحققت على مر العصور.

تعزيز قيم المواطنة

هذا ويتزامن الاحتفال بالذكرى 62 للاستقلال مع نجاح تونس في ما أنجزته على درب مسيرتها التقدمية وتجذيرها لقيم المواطنة والتي تعززت بتبني دستور جديد مثل نتاجا لمقاربة تشاركية ولصيغة توافقية ساهمت في تركيز دعائم دولة القانون والمؤسسات وأسس الجمهورية الثانية.

كما توفقت تونس ، بفضل نشاط مجتمعها المدني وحيوية شبابها، في ترسيخ منظومة الحقوق والحريات وتعزيز الممارسة الديموقراطية. وفي هذا الاطار تستعد بلادنا خلال شهر ماي القادم الى خوض غمار استحقاق انتخابي آخر (وذلك بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية) متمثلا في الانتخابات البلدية.

هذا وسيمثل الحدث المنتظر تجسيدا لآليات الديموقراطية المحلية وتعزيزا للمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ودعما للامركزية الجهوية.

7 ملايين سائح العام الماضي

اقتصاديا، تمكنت تونس، بالرغم من حساسية الظرف وطنيا واقليميا، من استقبال اكثر من سبعة ملايين سائح خلال السنة الماضية، وهي تتطلع بكل ثقة في النفس في استضافة ثمانية ملايين زائر خلال هذا الموسم، وذلك بفضل تنوع مخزونها التراثي والثقافي، فضلا عن طبيعتها الخلابة و ثراء منتوجها السياحي .

كما نجح القطاع الصناعي والتجاري التونسي بفضل انفتاحه على المواصفات العالمية لاسيما الأوروبية منها، من استعادة عافيته حيث شهدت الصادرات الصناعية والفلاحية التونسية تطورا ملحوظا عبر تسجيلها لارتفاع ناهز نسبة 43 % خلال الشهرين الاولين من سنة 2018.

هذا وتسعى تونس إلى مواصلة حركيتها الاقتصادية من خلال دعم الإطار المؤسساتي وتعزيز المنظومة التشريعية المشجعة للاستثمار. كما تحرص بلادنا على توفير مناخ أعمال محفز ومناسب وذلك قصد عقد شراكات مربحة، لاسيما عبرالاستفادة القصوى من الاطار البشري الكفء والبنية التحتية المتميزة وشبكة المواصلات المتطورة فضلا عن مزايا الموقع الاستراتيجي المنفتح على اوروبا شمالا وافريقيا جنوبا.

كما تواصل تونس لعب دورها التاريخي في المنطقة كعامل امن واستقرار وذلك من خلال مساندتها للمبادرات الدولية ودعمها للعمل الاقليمي المشترك في اطار الفضاء المغاربي والافريقي والاورومتوسطي . هذا الى جانب دعوتها بتغليب التمشي العقلاني واعتماد منطق الحوار،  فضلا عن نزوعها دوما نحو تبني الحل السلمي لفض الخلافات والنزاعات.

 كما تتابع تنسيقها المشترك مع المجتمع الدولي قصد محاربة الارهاب وتجفيف منابعه الفكرية في اطار معالجة شاملة ومتعددة الابعاد. وفي نفس الاطار، تسعـى

تونس الى دعم الجهود الرامية الى ايجاد حلول سياسية وتسويات سلمية للازمات التي تشهدها عدد من الدول العربية على غرار ليبيا وسوريا واليمن.

فلسطين قضية مركزية

كما تمثل القضية الفلسطينية بالنسبة لتونس قضية مركزية وهي تؤكد مرة اخرى التزامها بمواصلة العمل من اجل ايجاد تسوية عادلة وشاملة على اساس اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وذلك وفق مقررات الشرعية الدولية ذات الصلة والمبادرة العربية للسلام.

من جانب آخر،  تعمل تونس جاهدة من  أجل الدفع نحو تعزيز التعاون والتكامل العربي والاسلامي، وفي هذا الصدد يمثل التعاون التونسي الاردني نموذجا، حيث ما فتئت تشهد العلاقات الثنائية نموا مطردا، محركه الاساسي التقارب الفكري والثقافي للشعبين الشقيقين وتميز العلاقات السياسية التي تربط البلدين والذي تجسم بالخصوص بمبادرة تونس بالغاء التأشيرة على المواطنين الاردنيين، حرصا منها على تيسير التواصل ومزيد تشبيك المصالح بين البلدين.

هذا بالاضافة الى الديناميكية التي تشهدها حركة الزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين ولعل أهمها الزيارة الاخيرة لفخامة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الى عمان في أكتوبر 2015 ونجاحها في التأسيس لمرحلة جديدة أعطت زخما اضافيا للعلاقات الثنائية.

انتظار زيارة الملك لتونس بشغف

هذا وينتظر الجانب التونسي بشغف قرب تجسيد مشروع زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين الى تونس والتي ستسجل بالتأكيد نقلة نوعية وعلامة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين الذين سيحتفلان هذه السنة بالذكرى الستين لاقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.

 كما مثل انعقاد اشغال الدورة الاخيرة للجنة العليا المشتركة بتونس والتي ترأسها من الجانب الاردني دولة معالي رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي فرصة لتأكيد هذه الحركية والتي توجت بتوقيع 11 اتفاقية شملت بالخصوص الميادين الاقتصادية والثقافية والعلمية.

ان تونس وعبر تاريخها المتواصل على اكثر من ثلاثة الاف سنة والممتد من قرطاج الى القيروان، لم تتوقف يوما على المساهمة في الحضارة الانسانية بمفكريها ومصلحيها ومثقفيها من طينة حنبعل وابن خلدون وابن رشيق وابن الجزار وخير الدين التونسي والطاهر بن عاشور والطاهر الحداد وفرحات حشاد و ابو القاسم الشابي والحبيب بورقيبة.. وهي بقدر ما تنظر بفخر الى تاريخها فهي في الآن نفسه متطلعة الى غد أفضل ومستقبل مشرق بفضل عقول وسواعد ابنائها وبناتها وشراكة اشقائها واصدقائها وأحبائها من دول العالم.

عاشت تونس حرة، حصينة ومزدهرة، عاشت الاخوة التونسية الاردنية.