تقسيم سوريا.. والخطر المُحدق بالأردن
بلال العبويني
يمكن تصنيف ما مرت به سوريا خلال الأعوام السبعة الماضية في خانة، وما تمر به اليوم في خانة أخرى.
اليوم دخلت سوريا مرحلة التقسيم العملي، بما شهدته أمس من احتلال تركي لمدينة عفرين ورفع العلم التركي وسط مدينتها، وبما تسعى إليه القوات الأمريكية من تثبيت مناطق نفوذ في مدينة منبج المحاذية لحلب، وفي الرقة، شمال شرق، وفي الشرق على الحدود مع العراق حيث دير الزور وصولا إلى معبر التنف الملاصق للحدود السورية العراقية الأردنية، والذي بات يشكل محور الأزمة بين الدول النافذة في الأزمة السورية.
الأنباء تشير إلى أن القوات الأمريكية أنشأت في "التنف" قاعدتين عسكريتين وهي تدرب قوات من المسلحين على استخدام الأسلحة، والنوعية منها، وأن ثمة مخطط لمهاجمة القوات السورية وحلفائها القريبة من المعبر وصولا إلى هجمات تمتد إلى أقصى الجنوب السوري بهدف إبعادها عن المنطقة بحيث تصبح مناطق نفوذ خالصة للقوات الأمريكية ومن يتحالف معها.
وبالإضافة إلى ذلك، لمعبر "التنف" أهمية كبرى لكل من القوات التابعة للحكومة السورية والقوات الروسية والقوات الإيرانية، ولا يبدو أن أي من تلك القوات جاهز للتخلي عن المعبر الاستراتيجي والمناطق المحيطة به، وسبق أن قصفت القوات الأمريكية رتلا عسكريا سوريا وإيرانيا كان يحاول الاقتراب من المعبر، ورغم ذاك لم تتوقف المحاولات الإيرانية حيث اقتربت أكثر من المعبر وشكلت أشبه بقواعد عسكرية قريبة منه.
بالتالي، فإن المعبر من شأنه أن يشعل نيران المواجهات بين الدول النافذة في الملف السوري، أمريكا وروسيا وإيران، ومن شأن أي مواجهات قد تندلع في تلك المنطقة أن تُعيد نشاط العناصر المسلحة والإرهابية المتواجدة في المنطقة، وهو ما من شأنه أن يعيد خطر الإرهاب هناك إلى مربعه الأول.
أكثر المتضررين من اندلاع مواجهات في تلك المنطقة هو الأردن، الذي سعى إلى تثبيت اتفاق خفض التوتر ووقف النار في جنوب غرب درعا على وجه التحديد، وهو ما قد يعني عودة القلق والتوتر إلى مربعه الأول، عندما سيكون أمام موجات لجوء جديدة، بعد أن بدأ اللاجئون خلال الأشهر الماضية العودة إلى ديارهم على إثر الهدوء الذي شهدته بعد اتفاق خفض التوتر.
أكثر ما يتخوف منه الأردن، أن يستغل الإرهابيون موجات اللجوء للولوج إلى الداخل الأردني، حيث المنطقة مليئة بالمسلحين والإرهابيين، وهي على مقربة من مخيم الركبان الذي كانت وما زالت الشكوك بوجود عناصر تابعة لعصابة داعش الإرهابية، والتي سبق أن نفذت تفجيرا استهدف جنودا أردنيين قرب الساتر الترابي من مخيم الركبان.
بالتالي، الوضع اليوم بات حساسا بالنسبة لسوريا والأردن على حد سواء، ذلك أنها بالنسبة لسوريا تحولت الحرب من حرب بالوكالة تخوضها الجماعات المسلحة الممولة خارجيا إلى حرب بالأصالة تخوضها الدول النافذة في الملف السوري بذاتها دون وساطة من أحد، بحثا عن تثبيت مناطق نفوذ تابعة لها، وهو ما يعني التقسيم بشكل أو آخر.
أما بالنسبة للأردن، فهي مرشحة أن تخسر ما قد أنجزته سابقا في اتفاق خفض التوتر، ما يعني عودة التوتر والقلق إلى مربعه الأول وتبخر إمكانية فتح معبر نصيب على أمل عودة تدفق حركة الناس والبضائع إلى سوريا ولبنان.