السمع والطاعة دولة الرئيس

 

وليد حسني

 

ليس لدولة الرئيس هاني الملقي عندنا وعلينا غير السمع والطاعة تلبية لرجائه الميمون بانتهاج سياسة التقشف الشخصي والعائلي،  والتخفيف من الإستهلاك ، وليس له عندنا غير ما توجبه ظروف الطاعة والولاء، فلا نعرف في طاعته كلمة "لا" ولولا التشهد في صلواتنا، والنطق بالشهادتين لكانت "لاؤنا نعم" على حد ما زعمه الشاعر الفرزدق وهو يمدح زعيم آل البيت زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما.

 

ومطلب دولة الرئيس ودعوته الأردنيين للتقشف مطلب دستوري استثنائي، لا يناقشه فيه احد، ولن يجد من يعترض عليه غير كل ذي إربة بغيضة يريد ببلده وبشعبه الشر ، ويضمر المكر، وهم قلة بين ظهرانينا فليس من شيم الأردنيين تلك العنعنة الحمقاء، والشنشنة الجوفاء التي يراد منها تكسير قول المسؤول الذي يسير في عيني الله تكلأه رحمة الله وقوته وجبروته، فتحميه من كل عين لامَّة، ومن كل غادر وهامّة.

 

وسيرى دولة الرئيس من شعبه الوفي النقي التقي ما يسر فؤاده، فلن يرى أردنيا بعد اليوم يبدل لباسه مرتين في الأسبوع، ولن يسمع بعد اليوم أن أردنيا جمع في جوفه الأطيبين من لحم ودجاج، ولا يملك الأردني غير الإكتفاء في طعامه وشرابه بخير الإدام وأطيبه الخل والزيت، وإن قدر الله له وحصل على حبة تمر واحدة فذلك من تقادير الله في علاه، وليس له غير أن يمسكها ويسلمها للدولة، او يحتفظ بها تذكارا حتى لا ينسى ذكر الله ثم شكر دولة الرئيس.

 

ومن تتابع نعم الله تعالى على الأردنيين أن قيَّض لهم دولة الرئيس يرعى شؤونهم بالعدل والقسطاس، فيسوسهم بما هو أهل له، فلا يقدم أحدا على احد إلا بما تصلح به المواقع والمناصب والولاية العامة، فلا يُظلم عنده أحد، ولا يفقد المواطن في عصره البهي حقه ولو كان شروى نقير.

 

وقد دعا دولة الرئيس الأردنيين للصبر على الجوع، وعلى المكاره، وحثهم على فضيلة الصبر في السراء والضراء، وكأنه يقول لهم ما قاله الله تعالى في سورة الأنفال ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ  وَاصْبِرُوا  إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ  )، وهو يعرف أن كلمة"ريحكم" تعني الدولة كما فسرها ابن خالويه في كتابه المطر والسحاب.

 

إن توجيهات دولة الرئيس لا تحتاج للتفسير والتأويل فقد كانت أوضح من الشمس في كبد السماء، وقد وصلت الرسالة، ولن تجدنا إلا في الحالة التي تسرك، وتقويك علينا، وعلى أيامنا، فسنكتفي بوجبة طعام واحدة، وسنكتفي بالقليل من الماء، ولن يجمع الأردنيون بعد اليوم طعامين اثنين في بطونهم، استجابة لتلك التوجيهات التي لم نسمع بمثلها في الغابرين.

 

إن نصائح وتوجيهات دولة الرئيس لن تضر بالأسواق وبحركة التجارة بيعا وشراء وتداولا، ومن يقول أو يزعم ان مثل هذه الدعوة ستصيب حركة الإقتصاد الداخلي في مقتل ما هو إلا مدعٍ علما باطلا، أو أنه منافق، أو كاذب أشر، فوالله ما أراد دولة الرئيس من توجيهاته غير الخير العميم لهذا الوطن، ولنا نحن الشعب الذي يتفيأ ظلاله ولا يرضى عنه بديلا.

 

أما ما قاله دولة الرئيس من أن الوظيفة العامة ما هي إلا معونة وطنية فهو الأدرى بما قاله وليس لنا مناقشته أو سؤاله، وليس لنا حاجة بالدستور الذي نص على ان الدولة تكفل العمل للمواطنين، فهذا كلام دستوري لا يستقيم بالمطلق مع آراء وتوجيهات دولة الرئيس التي نقبلها ولا نناقشها، ولسنا بحاجة لمن يذكرنا بالنص الدستوري الذي تعرض للعبث، ولربما يستعد البعض لجره إلى صالون تجميل مجددا لتهذيب بعض مواده، وأقترح إن جرى هذا حذف الحق بالعمل من ورق الدستور وحبره الأسود.

 

إن توجيهات دولة الرئيس في مكانها تماما، وسنقبلها بعين الرضا والشكر، فليس امامنا غير القبول، لأننا كأردنيين قد دخلنا فعلا عصر التقشف والصبر والتخلي عن الكثير من احتياجاتنا اليومية الأساسية حتى نستطيع الصبر على الحياة، والصبر على عصر دولة الرئيس لمواطنيه..//