"المرصد العمالي" يدعو لتحسين شروط العمل في الأردن

بمناسبة يوم المرأة العالمي

 

 عمان - الانباط

أكد المرصد العمالي الأردني،التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية،على ضرورة تحسين قدرات الاقتصاد الأردني النظامي بهدف خلق فرص عمل كافية ولائقة لجميع الداخلين الجدد له، وتحسين شروط العمل في الأردن بشكل عام وخاصة للنساء، بالإضافة إلى عمل مراجعة لمختلف الاستراتيجيات والبرامج الهادفة إلى تعزيز دور المرأة في الحياة الاقتصادية وسوق العمل سواء تلك الصادرة عن المؤسسات الحكومية ذات العلاقة أو عن مؤسسات المجتمع المدني لضمان تنفيذ هذه الحقوق.

وطالب المرصد العمالي الاردني، في ورقة موقف أصدرها امس، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي يصادف الثامن من اذار من كل عام الاربعاء وتلقت الانباط نسخة منها، بإنفاذ الحقوق المنصوص عليها في التشريعات الأردنية والتي يعمل جزء منها على تمكين النساء من دخول سوق العمل وتسهيل قيام قوى اجتماعية موازية لقوى أصحاب العمل، مؤكدا ضرورة فتح الباب أمام تشكيل نقابات عمالية حقيقية وفعالة لكافة فئات العاملين بأجر، تتمتع بالاستقلالية والديمقراطية لتتمكن من أداء عملها بفاعلية في الضغط لتحسين شروط العمل.

ولفت المرصد العمالي في ورقته الى حدوث تقدم طفيف في معدلات المشاركة الاقتصادية المنقحة للمرأة (قوة العمل منسوبة إلى عدد السكان من الإناث 15 سنة فأكثر) في الأردن خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث سجل في نهاية عام 2017 ما نسبته 16.2 بالمائة في حين كان في عام 2008 عند مستوى 14.2 بالمائة، قابله تراجع النسبة عند الذكور أيضا، حيث بلغ 60.0 بالمائة في عام 2017، بينما كان 64.0 بالمائة في عام 2008. الى جانب ذلك بلغت نسبة النساء المشتركات في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في نهاية عام 2016  27.4   بالمائة من مجمل المشتركين في المؤسسة.

وبين المرصد العمالي ان معدلات البطالة عند النساء في الأردن مرتفعة جدا اذ بلغت في الربع الرابع من عام 2017 ما نسبته 27.5 بالمائة، بتراجع يقارب ثلاث نقاط تقريبا عما كان عليه في عام 2008 والذي بلغ 24.4 بالمائة، مؤكدا انها أعلى بشكل كبير من معدل البطالة عن الذكور، اذ بلغت عندهم 16.1 بالمائة خلال الربع الرابع من عام 2017، بينما كانت 10.1 بالمائة في عام 2008.

وبين المرصد ان ضعف دور المرأة في الحياة الاقتصادية الأردنية يعد أحد المشكلات الأساسية التي يواجهها الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يشكل ضغوطا اضافية على الاقتصاد الأردني ويحرم الاقتصاد الوطني من قدرات وطاقات اقتصادية كامنة وغير مستغلة، خاصة  أن نسبة انتظام الاناث في التعليم في الأردن أعلى من الذكور وفي مختلف المراحل التعليمية، وان غالبية المتفوقات في مختلف مراحل التعليم في الأردن أيضا من الاناث، وهو كذلك يزيد من معدلات الإعالة في المجتمع الأردني، اذ بلغت "المشاركة الاقتصادية الخام" لمجمل الأردنيين خلال الربع الرابع من عام 2017 (25.5 بالمائة)، اذ يعيل كل مواطن يعمل أربعة مواطنين آخرين تقريبا بمن فيه نفسه، وهذه النسبة تعد من النسب المرتفعة في العالم، الأمر الذي يزيد من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الأسري.

ويستنتج المرصد العمالي، مما سبق، ان الجهود التي بذلت وما زالت تبذل في سبيل زيادة ادماج المرأة في الحياة الاقتصادية الاردنية لا تزال محدودة، مبينا أن الجهود والبرامج التي بذلت خلال الفترة الماضية، لم تكن إلا جهودا ساهمت في تطوير خطاب تضامني مناصر للمرأة وقضاياها المختلفة، ولم تساهم في زيادة مشاركتها الاقتصادية بشكل ملموس وفعال، ولم تدفع باتجاه زيادة مساهمتها في قطاعات التنمية بمختلف ابعادها.

وقالت ورقة المرصد العمالي: "يمكن القول أيضا أن الجهود التي بذلت خلال العقود الماضية اخطأت عناوينها، حيث لم تستهدف تذليل المعوقات الحقيقية التي حالت وتحول دون زيادة مشاركتها الاقتصادية بشكل عام، وفي سوق العمل بشكل خاص".

وأرجع المرصد العمالي أسباب عدم حدوث تقدم ملموس في دور المرأة اقتصادياً في الأردن الى ظروف العمل الطاردة (غير الصديقة) التي يعاني منها سوق العمل الأردني ويعاني منها كل من الرجال والنساء، ليؤكد ان النساء يتعرضن لانتهاكات في حقوقهن الأساسية اكثر من الرجال. يضاف الى ذلك، ضعف شبكة النقل العام، التي تؤدي الى استهلاك أوقات طويلة من أوقات العاملين أثناء ذهابهم وعودتهم من أماكن عملهم، ساهم في الضغط أكثر على النساء لعدم الانخراط في سوق العمل. يضاف الى ذلك امتناع أعداد كبيرة من الشركات عن تأسيس حضانات لأطفال العاملات لديهم وفق المادة (72) من قانون العمل.

وتشير العديد من التقارير التي أصدرها المرصد العمالي الأردني الى أن غالبية النساء العاملات في القطاع الخاص الصغير والاقتصاد غير المنظم يتعرضن للعديد من الانتهاكات والتجاوزات المخالفة لنصوص قانون العمل الأردني، ومعايير العمل الدولية المتعارف عليها، فأعداد كبيرة منهن يعملن لساعات تتجاوز 8 ساعات يوميا، ومحرومات من الاشتراك في الضمان الاجتماعي، ويعملن أثناء العطل الرسمية، كذلك هنالك أعداد كبيرة منهن يحصلن على اجور تقل كثيرا عن الحد الأدنى للأجور ولا يتمتعن بالاستقرار الوظيفي وبعضهن يتعرضن لأشكال مختلفة من العنف، وبالتالي فإن ضعف شروط العمل اللائق هو العامل الأساسي في ضعف التحاقهن بسوق العمل.

ولفت المرصد في ورقته الى مواجهة  النساء من ذوات الإعاقة تحديات مضاعفة في مجال التشغيل، مقارنة مع الرجال، تتمثل بوجود صعوبات كبيرة لا تمكنهن من الحصول على فرص عمل ملائمة، وتضيق عليهن إمكانية الحصول على فرص عمل بشكل عام، وإحساسهن أن التعامل معهن ينطلق من منظور "إحساني"، وليس احتراما لإنسانيتهن وقدراتهن، إضافة إلى تعرض بعضهن الى أنواع مختلفة من "التحرش" يدفعهن ويدفع زميلاتهن لعدم المغامرة بالانخراط في سوق العمل، وخاصة في القطاع الخاص، إلى جانب عدم رغبة العديد من أسرهن للخروج من المنزل لغايات العمل.