بابا هندي .....
بابا هندي .....
د. عصام الغزاوي
كان رئيس الجمهورية الهندية الأسبق ابو بكر زين العابدين عبد الكلام الملقب " رئيس الشعب " لتواضعه ومحبة الشعب الهندي له في زيارة لإحدى الدول الخليجية، حيث جرى له إستقبال حافل كرئيس دولة كبرى، ولمكانته العلمية كونه كان من أشهر علماء الهند.
تمت دعوته لإلقاء محاضرة في النخب السياسية والثقافية والعلمية، بعد ان اعتلى منصة الخطابة نزل عنها فجأة وإتجه نحو مدخل القاعة حيث كان يقف أحد الخدم الهنود وصافحه وعانقه بحرارة وتهامسا معاً لبضع دقائق وهو يضع يده على كتفه وسط دهشة الحضور وإستغرابهم كيف لمثل هذا الفراش الهندي أن يكون على معرفة وثيقة مع رئيس الدولة الهندية حتى يسلم عليه بمثل هذه الحرارة.
بعد إنتهاء الحفل إستدعى المسؤولون الفراش ليستجوبوه عن علاقته برئيس الدولة الهندية فأجابهم بأنه لا يعرفه ولا حتى يعرف اسم رئيس دولته ولم يلتقه يوماً ولكن عندما شاهده يعتلي المنصة أشار إليه بالتحية الهندية فنزل الرئيس إليه وصافحه وسأله عن أحواله وأحوال الجالية الهندية وإذا كان لديه أي ملاحظات لتذليلها مع السلطات في الدولة المضيفة.
يمثل هذا التصرف قمة التواضع رغم علو المكانة، لقد احب الشعب الهندي هذا الرئيس رغم انه مسلم حتى صار نموذجاً في الحياة العامة وملهماً للشعب الذي يمثّل رُبع البشرية، ولن تجد في الهند اليوم عيناً لا تبكي على رحيله، وكأنه خسر أحد أعز أقربائه، إنها المحبة الصادقة التي تمنحها الشعوب لمن يستحقها من القادة المخلصين. //