حكومة بــ "تعريفة" و "قرش ونص"

 

وليد حسني

 

مشكلة هذه الحكومة انها صاحبة نكتة، ولها فلسفة تثير الضحك، ولها عقل أكبر من عقول الأردنيين، ولها مساحات من الطموحات والأحلام اوسع من ان ندركها كمواطنين، ونخالها من نسج الخيال، أو من اساطير الأولين، وأشهد انني اعجز عن فهمها وتفسيرها، ومعرفة لونها أو حتى حجمها، ولا أعرف مبتداها حتى ادرك منتهاها.

 

أمعنت الحكومة بالأمس في التنكيت والتبكيت، وفي ممارسة الظرف السياسي، حتى فقدت عقلي من شدة الضحك وانا أقرأ بيان لجنة تسعير المشتقات النفطية الصادر امس والتي قررت فيها تحفيض أسعار المشتقات النفطية بين تعريفة"5 فلسات" وبين قرش ونصف"15 فلسا".

 

وتبرر اللجنة في بيانها العظيم هذه التسعيرة الجديدة بقولها" يأتي القرار من الحكومة للتخفيف على الشرائح الاقل دخلا وتماشيا مع الأوضاع الاقتصادية المحلية ".

 

هكذا بدون مقدمات، وبدون الحاجة لأي جهد لإحترام عقولنا تقول الحكومة أن "التعريفة " و"القرش ونص" سيساهمان جنبا الى جنب في التخفيف على الشرائح الأقل دخلا، وتمشيا مع الأوضاع الإقتصادية المحلية".

 

أمضت الحكومة أشهرا متتالية وهي ترفع أسعار المشتقات النفطية بنسبة عالية في ومتوالية تصاعدية غير مقنعة حتى أوصلت الأسعار إلى ما وصلت إليه الآن، وقد أدركت بفطرتها العبقرية أمس انها بحاجة لوقفة إنسانية لإشاعة الفرح العارم للمواطنين وتحديدا للشرائح الأقل دخلا، فقررت التنازل قليلا وتخفيض الأسعار بتلك القيمة التي تثير الضحك، وكأن  سوق النفط العالمي بكامل هيلمانه وسطوته وقوته يعمل على مكاسب التعريفة  والقرش ونص.

 

حتى هذه اللحظة وكمواطن لم ولن أثق بكل المعايير التي تعتمدها لجنة التسعير البترولية الفخيمة، ولا أثق بكل ما تقوله وتبرره، وكلي ثقة بأن الحكومة ومن خلال لجنة التسعير خاصتها تمارس نوعا من انواع التجارة والمرابحة، وأتحدى الحكومة أن تتجرأ وتقول للشرائح الأردنية ما هي كلف الاستيراد والانتاج والإستهلاك للمشتقات النفطية، وما هي حجم المرابح الطائلة لتي تحققها الحكومة من براميل النفط.

 

كان بيان لجنة التسعير مضحكا للغاية بالأمس،  وكت أظنها في غنى عن المبررات التي أوردتها فيه لتبرير تخفيض التعريفة والقرش ونصف، فالثقة بين المواطن وبين تلك اللجنة غير متوفرة، واللجنة والحكومة تعرفان تماما أن المواطن لا يصدقهما، والمواطن يعرف أيضا أن اللجنة والحكومة تمارسان عليه سلسلة طويلة من المبررات التي لا يصدقها ولا يثق بها..

 

تخفيض التعريفة أمر مضحك، لكن مبررات لجنة التسعير كانت اكثر إضحاكا وسخرية..//