ضريبة على راتب الـ 750 دينارا
بلال العبويني
قطعا، ليس هناك اعتراض على أن تتقاضى الحكومة ضرائب، فكل دول العالم لديها أنظمة ضريبة تحصّل من خلالها حقها نظير ما تقدمه من خدمات لمواطنيها.
بيد أن الاعتراض يكمن، في أن المواطن لدينا لا يشعر أنه يتلقى خدمة تتناسب مع ما يدفعه من ضرائب، تتكاثر بين فترة وأخرى، فليس لدينا على سبيل المثال تأمين صحي مجاني شامل، وليس لدينا تعليم جامعي مجاني أيضا، وكذا الحال فيما يتعلق بشبكة المواصلات الواجب على الدولة توفيرها لمواطنيها بما يحفظ كرامتهم ووقتهم وبأرخص الأثمان.
الاعتراض يكمن، في أن المواطن أشبه بـ "الغايب فيله" فهو لا علم لديه بمبررات الحكومة لفرض ضرائب جديدة أو تعديل ضرائب قائمة، على عكس ما هو عليه المواطن في الدول المتقدمة الذي، إن لم يدرك المبررات؛ فإنه على ثقة تامة أن وراءه مجالس نيابية "تقعد" لحكوماتها "على ركبة ونص"، وتحاسبها على كل هفوة، حتى وإن كانت غير مقصودة.
الحكومة أنهت قبل أيام تعديلا على ضريبة الدخل، وهي تحضر للدفع به إلى مجلس النواب ليصار إلى إقراره، والأنباء تقول إن الأفراد الذين يزيد دخلهم الشهري على 750 دينارا سيكونون مكلفين بدفع ضريبة دخل، وذلك إرضاء لصندوق النقد الدولي، لتوفير الأموال اللازمة للخزينة في سعي ما يقال إنه إصلاح اقتصادي.
ثمة ترويج أن نسبة الـ 750 دينارا تقترب فيها الأردن من المعايير الدولية، وذلك ربما يكون صحيحا، لكن من يقول بذلك لم يقارن مستوى الخدمات التي تقدمها حكومات الدول المتقدمة لمواطنيها مع مستوى الخدمات لدينا، ومن يقول بذلك لم يقارن مستوى المعيشة في تلك الدول مع مستوى المعيشة لدينا، فإن كان المواطن الغربي مثلا ليس قلقا من تأمين العلاج والتعليم باعتبارهما مجانيين، فإن المواطن لدينا أكثر ما يقلقه هو كيفية تأمين العلاج المناسب وكيفية تأمين الأموال اللازمة لتعليم أبنائه في جامعات الحكومة والخاصة.
بالتالي، فإن شمول الأفراد الذين يتقاضون راتبا مقداره 750 دينارا لضريبة الدخل، سيكون كارثيا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وسيطال شريحة كبيرة من المواطنين، ما يعني أنه سيؤثر على مختلف مناحي حياتهم، هذا من جانب.
ومن آخر، سيكون كارثيا على الاقتصاد من حيث المبدأ ذلك أن المعاناة اليوم كبيرة نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، فكيف سيكون عليه الأمر بعد إقرار مشروع قانون الدخل الجديد.
قد تترك الحكومة هامشا للنواب لتسجيل انتصارات وهمية برفع شريحة الإعفاء من 750 دينارا إلى 900 أو ألف دينار، كما حصل في مرات سابقة وفي مواضيع مشابهة، لكن رغم ذاك فإن أي تخفيض لشريحة الإعفاء ستكون كارثية، ذلك أن الناس لم تعد تحتمل المزيد، بل إنها لم تعد تتقبل أي قرارات مشابهة، من هذه الحكومة على وجه التحديد.
المشكلة تكمن أيضا، أن الحكومة لا تنظر إلى الجانب الآخر من أي قرار تتخذه، فمثلا عندما أقرت دعم الخبز لم تأخذ بعين الاعتبار عندما استثنت شرائح واسعة في المجتمع من الدعم أنها ملتزمة بإيجار منازل أو أقساط مدارس أو أقساط شقق وسيارات وغير ذلك، وهو ما يشكل ظلما وجورا كبيرا على الناس، فمن يتقاضى 1000 دينار مثلا، يدفع أكثر من ثلثي الراتب التزامات وأقساطا وما تبقى بالكاد يكفي ثمنا للطعام.
تحدثنا عن ضريبة الدخل للأفراد فقط ، وفي الأنباء هناك ضرائب أخرى ستكون على مقصلة الحكومة في مسودة المشروع الذي ستدفع به للنواب قريبا.//