خطاب الصرايره في مكانه
خطاب الصرايره في مكانه
وليد حسني
لا أظن ان ذاكرتي تخونني هنا وانا اقول انها المرة الأولى التي أستمع فيها لوزير جديد بموقع نائب رئيس الوزراء يدلي بمثل هذا الخطاب الذي ألقاه نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء جمال الصرايرة أمام النواب أمس قبيل رفع الجلسة.
ولا أذكر خلال 22 سنة مضت قضيتها في تغطية اعمال البرلمان أن مثل هذه الحادثة مرت هناك تحت القبة كما مر خطاب الشكر والتقدير المليء بالوعود والتعهدات التي تلاها الوزير الصرايره على مسامع النواب، قبل أن يستمع الصرايره نفسه الى مديح ثلاثة نواب تسللوا عبر بند نقطة نظام اثناء انعقاد الجلسة التشريعية وخرجوا على النص ليكيلوا المديح لنائب رئيس الوزراء.
قال الصرايره الكثير عن الوعود وعن امنياته في تحقيق شراكة مثمرة وتعاون منهجي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ليظهر وكانه رئيس وزراء مكلف وهو يقرأ من ورقة مكتوبة اول خطاب له تحت القبة التي غادرها الصرايرة ولم يعد لها منذ 18 سنة مضت وتحديدا سنة 2000 عندما كان وزيرا للبريد والاتصالات في حكومة عبد الرؤوف الروابده.
أظهر الوزير الصرايره ايجابية مطلوبة امام النواب في غياب رئيس الوزراء د. هاني الملقي الذي حضر جانبا من جلسة المجلس، فيما بدا نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية د. جعفر حسان الذي حضر في مستهل الجلسة وغادرها فور حضور رئيس الوزراء، ثم عاد د. حسان للجلسلة فور مغادرة الرئيس الملقي.
بالأمس بدا الجناح الحكومي مثقلا بالرئاسات الثلاث، فنائبي الرئيس الصرايره وحسان لديهما خارطة طريق لإدارة الحكومة وشؤون الدولة التنفيذية فيما سيكتفي الرئيس الملقي بالظهور بين الفينة والأخرى على الأقل خلال الأسابيع القليلة المقبلة حتى يمن الله عليه بالشفاء وهو دعائي الخالص له.
ثلاثة رؤساء في حكومة واحدة لا أظنها ستشكل صراعا دراميا داخل الحكومة، ولا اظننا سنشهد خلافات في وجهات النظر وفي المواقف، فكل من النائبين أصبح لديه شربه الذي يشرب منه، وطريقه الذي يمشي فيه، ولا اظن ان الظروف المقبلة ستسمح لأي منهما بالتجاوز على صلاحيات وسلطات الآخر، الصرايره للإشراف على إدارة الوزارات وهو ضاحب خبرة إدارية عريضة، ود. حسان للملفات الإقتصادية الوعرة والصعبة.
خطاب الصرايره امام النواب بالامس بدا مفاجئا للجميع، وغريبا، وتم تفسيره في إطر اوسع من مجرد كونه خطابا لنائب رئيس وزراء سيجد نفسه مكلفا في مواجهة النواب وجها لوجه والدفاع عن سياسات الحكومة وتوضيح مواقفها خلال الأشهر القليلة المقبلة حين يغيب الرئيس الملقي في معركة علاجه التي اتمنى له الشفاء العاجل.
ما فهمته من خطاب نائب الرئيس الصرايره هو تهيئة الجو النيابي لتقبل غياب الرئيس الملقي، وحضور الصرايره وفريقه الوزاري الدائم أمام النواب، وهذا هو ما دفع به لمخاطبة النواب بهذه الطريقة الإيجابية المفاجئة وغير المسبوقة، فهو وفي المعنى التطبيقي رئيس وزراء بالإنابة إلى حين عودة الغائب بالسلامة..