بعد التعديل.. أسئلة من دون إجابات
بلال العبويني
لا أحد يعرف على وجه التحديد ما هي الأسباب التي تدعو إلى إجراء تعديل حكومي، وليس هناك رئيس وزراء شرح الأسباب من قبل للرأي العام، ولم يقل أحد من الرؤساء يوما أن لديه معايير للتقييم يتم بموجبها محاكمة الوزير أو حتى أي مسؤول في المواقع الوظيفية المتقدمة.
منذ أيام، قيل إن رئيس الوزراء أجرى مشاورات بشأن التعديل مع رئيسي مجلس الأعيان والنواب، وهذا إجراء ليس كافيا بطبيعة الأحوال ولا يسجل في سجل أداء رئيس الوزراء أنه استشار.
في النهاية يبقى رئيسا مجلس النواب والأعيان فردين، رغم أهمية موقعيهما، إلا أن رأيهما لا يعني رأي مجلس النواب أو الأعيان، لأن من المؤكد أن ثمة في المجلسين من يعارض رأيهما، وبالتالي قد تُفهم مشورتهما، ربما، على رأي مغاير، عندما يُتهما أو أحدهما أنه وزّر من كان مقربا منه.
في الدول المتقدمة ديمقراطيا، ليس بمقدور الحكومات أن تتصرف بأي قضية هكذا دون أن يكون لمجلس النواب رأي واضح فيما يجري، وهذا بطبيعة الأحوال ليس موجودا لدينا، وأزعم أن أيا من النواب ليس بمقدوره القول إنه يعلم بالأسباب، أو أنه اطلع على فحوى استشارة رئيس المجلس.
بل إن الضربة تكمن في أن التعديل الوزاري جاء بعد أيام من نجاة الحكومة من مذكرة حجب الثقة، ما يعني أن وزراء غادروا مواقعهم بعد أيام من الثقة النيابية بهم باعتبارهم جزءا من كل ومسؤولين كما غيرهم عن قرارات وإجراءات وسياسات الحكومة.
لكن هذا هو الواقع لدينا، فلم يحظ الناس في يوم برئيس حكومة يشرح لهم قراراته سواء تعلّقت بالتعديل الحكومي أو غير ذلك، وإن كان ثمة ما يوصف جزافا على أنه شرح ومكاشفة للناس، لا يعدو أن يكون كلاما غير مقنع مطلقا.
من حقنا أن نعرف، لماذا تم توزير جمال الصرايرة، ولم غادر الدكتور العبادي موقعه؟، ولماذا نُقل الوزيرعلي الغزاوي من وزارة العمل إلى وزارة المياه والري؟.
نعلم الأسباب التي جعلت الدكتور حازم الناصر وزيرا للمياه في هذه الحكومة ومن سبقتها من حكومات، وذلك لتخصصه وخبرته الواسعة في مجال المياه، لكن إلى اليوم لم نعرف المؤهلات التي يحملها الغزاوي في مجال المياه.
هل أخفق الغزاوي في وزارة العمل، وتم نقله ليجرب في وزارة المياه، هذا ما لا أحد يزعم أنه يعرف إجابته.
هذان مثالان من الممكن جدا اسقاطهما على بقية الفريق الوزاري سواء من غادر أو من دخل أو من بقي في منصبه.
في لقائه الأخير مع التلفزيون الأردني، قال رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي الجملة التالية "نحن نعمل عند المواطن"، وبالتالي ما دام الأمر كذلك فمن حق صاحب العمل أن يكون على دراية بكل ما يدور حوله.
لكن وللأسف، الحكومات تفتقد للشفافية مهما ادعت غير ذلك، لأن الشفافية كل لا يتجزأ، وشرح الأسباب واحد من بوادر احترام المواطن بتمكينه من المعلومة التي هي حق له وليس منّة من أحد.
الأسئلة حيال التعديل الوزاري، كثيرة جدا، وجميعها للأسف، كما السابقة، لا أحد يمتلك الإجابة عليها، وهنا مكمن الخلل في مجلس النواب تحديدا الذي من واجبه النيابة عن المواطنين خير تمثيل بإلحاحه على انتزاع حق الناس بامتلاك المعلومة، لكن للأسف الواقع مغاير للآمال والطموحات.//