علي الأعزب
الهموم المشتركة ،والظروف الصعبة تؤنس أحيانا فتكون قاسماً بين الجميع ووسيلة صبر واستعانة..
«عزبانُ» الحي كانوا شلة واحدة ، يجلسون باب بقالة الشباب يشترون زجاجات الكولا ويدخّنون «سكاير فرط» ويفوّرون القضامة معاً في قاع الزجاجة يسهرون سوية ويتأففون سوية، يسرّون مشاكلهم الخاصة لبعضهم بعضاً ، فجّلهم تجمعهم ذات القواسم المشتركة ..الجغرافيا، العزوبية، الفقر، والجيل المتقارب..مع مرور الأيام بدأ يتساقط العزّاب الواحد تلو الآخر ، وينضمون إلى تنظيم المتزوجين المتشددّ، فبات يتقلّص عدد أعضاء الشلة ،وتقل مرات التقائهم عند بقالة الشباب ، وتقصر ساعات سهرهم معاً..إلى أن جاء الخبر الصاعق على مسامع «علي الأعزب» فقد ارتبط آخر رفاقه وقرر الزواج وإنهاء مرحلة العزوبية المريرة ، ليبقي الرجل وحيداً.. صعد عليّ إلى سطح البيت وبدأ يقزدر غضباً «كلهم تجوزوا الا أني» ،»صفّيت لحالي» يشعل السيجارة تلو الأخرى ، ثم ذهب إلى بقالة الشباب لــ»يطيّر زعله» لم يجد أحداً هناك فترك زجاجة الكولا في مكانها وأطفأ بداخلها «سيكارة الفرط»، مشى في البيادر وحيداً والدمع في عينيه «كلهم تجوزوا الا علي»،»حلقوا لي» ، «يعني هيك صفيت لحالي»، «يا حوينتك يا علي»، كلهم صار عندهم نسوان الا أني» بقي يمشي ويفرك يديه قهراً وغضباً إلى أن تعب من المسير والتفكير فتمدد تحت شجرة صنوبر عالية وتوسّد كومة قش وعشب يابس ،تحت شجرة الصنوبر التي ظللته ، قرصه عقرب ومات «علي الأعزب» ..
**
.. باكتشاف حقول نفط وغاز جديدة ويكميات تجارية في المياه الإقليمية للبنان ، تكون لبنان - آخر رفيق في الفقر- قد ارتبط مع «النفط» في المنطقة وتركتنا مثل «علي الأعزب «..كنا طوال السنين الماضية نستأنس بفقرنا بــ»لبنان» ،نقول «هاي لبنان» مثلنا نفس الجغرافيا والسكان والفقر والمديونية ولا يوجد لديها نفط ،كانت الرفيق لنا في شلة الفقر..سوريا لديها من نفطها ما يكفيها وقد غادرت شلتنا منذ زمن ، العراق أم البترول،الخليج حدّث ولا حرج، فلسطين المحتلة «الغازّ»المحتلّ لها بالأصل والمصير ، وها هي لبنان تقترن بالنفط والغاز وستقبر فقرها وتعيش مرحلة جديدة في الاقتصاد قريباً...ولا يوجد في التاريخ «كتبة مثل كتبة علي الأعزب» الأردني..
صدقوني لو وضعتم مصاحف المسجد العمري كلها فوق بعضها وحلفتم عليها مرة واحدة أن لا نفط في أرضنا ما صدّقتكم..!!
الرأي