سياسة" الحجة أم محمد"
سياسة" الحجة أم محمد"
وليد حسني
لن تفهم الحجة ام محمد ظروف التعديل الحكومي الذي سيجريه الرئيس هاني الملقي اليوم على حكومته، ولن تستطيع إخبار جارتها أم علي إن كان احد من أقاربها سيعود اليوم من عمان في إجازته الأسبوعية ليقول لها إن الورود تفتحت على جانبي الطريق المؤدي الى الدوار الرابع.
لا يعني الحجة أم محمد ما يجري في عمان، ولا تهتم تماما بالحكومة بالقدر الذي تحسب فيه درجة رضاها عليها من خلال ما تدفعه لصاحب الدكان الحج فلاح الذي أخبرها مرات عديدة أن الغلاء هو الذي يدفعه لرفع الأسعار نافيا عن نفسه صفة"الحرامي" التي ألصقتها أم محمد به مرات عديدة كلما ترددت عليه واشترت من عنده شيئا"والله ما أنا حرامي ، كل شي غالي يا حجة..".
والحج فلاح يعرف أم محمد تماما،يعرف طيبتها ولغتها الساخرة، وبياض قلبها وطيبتها ومدى فقرها، وهو مثل كل خلق الله لا يلوم أم محمد على ما تقوله، بل لا يأخذ تنكيتها واتهاماتها له ماخذ الجد.
فأم محمد عجوز تجاوزت السبعين من عمرها تجدها في كل القرى والبوادي البعيدة عن عمان المركز، تراها في كل زاوية من زوايا الأردن لا يحيط المكان بها، ولا تحيط هي بالمكان، وتعرف جيدا أنها سليطة اللسان خاصة إذا تعلق الأمر بشؤون حياتها، وبتراقص الأوضاع الإقتصادية وتمايلها بين انكماش وانكماش، وهي مثل كل خلق الله تقيس مدى الرفاه الذي تعيشه بمقياس الخسائر التي تلحق براتبها الشهري المتواضع جدا الذي تتقاضاه من صندوق المعونة الوطنية.
قالت لها جارتها أم علي ان الحكومة ستتعدل، لم تدرك أم محمد هذه الجملة وسألت" هي كاينه عوجه يا ام علي" وتابعت" ايش يعني ما هو الرايح زي الجاي" ردت بعصبية واضحة وتابعت" يا خيه ويش النا بالحكومة هاي تبعت عمان واللي ييجي زي اللي يروح".
الحجة أم محمد لن تحتفل بالتعديل الحكومي ولن تسأل عن تفاصيله، ولن تتردد في كيل الإتهام للحج فلاح صاحب الدكان ولن تناقش معه بالتاكيد مدى قبول الأردنيين لهذا التعديل، وستكتفي فقط ــ كعادتها ــ بقياس مدى خسائرها وتآكل دخلها وارتفاع فاتورة مدفوعاتها لدكان الحج فلاح.
بالأمس لقيت الحجة أم محمد جارتها ام علي وسألتها وهي تقف على باب دارها" هل ينعدل الحال إذا تعدلت الحكومة؟؟"..
كان سؤال الحجة أم محمد أكبر من أن تحيط به ثقافة الجارة أم علي، وقبل أن ترد عليها كانت أم محمد تضيف" خلينا نسأل الحج فلاح صاحب الدكان...؟!".//