تشجيع الاستثمار ليس بالجنسية فقط
تشجيع الاستثمار ليس بالجنسية فقط
بلال العبويني
أن تأتي متأخرا، خير من أن لا تأتي أبدا، ينطبق هذا المثل الدارج، على قرار مجلس الوزراء منح المستثمرين الأجانب الجنسية الأردنية أو الإقامة ضمن الشروط التي تم الإعلان عنها، وذلك ينطبق أيضا على السماح للجنسيات المقيدة العلاج بالمستشفيات الخاصة ضمن شروط ميسرة ومتفق عليها مسبقا مع جمعية المستشفيات الخاصة.
حال الاستثمار لدينا لا يسر صديقا، وثمة من تحدث في وقت سابق عن هروب مستثمرين إلى مصر وتركيا، بعد أن تعرضت استثماراتهم إلى خسائر أو إلى تعقيدات فرضها الواقع البيروقراطي المقيت.
وبالتالي، بات لزاما العمل سريعا للحفاظ على ما لدينا من مستثمرين، والعمل على جذب غيرهم، وذلك يحتاج إلى تسهيلات كبيرة ومنافسة، فالبحث عن المستثمرين الأجانب هو هدف لدول المنطقة تحديدا، بالتالي بات التنافس اليوم على التسهيلات الممنوحة للمستثمرين، وتلك التسهيلات لا تتعلق فقط بمنح الجنسية أو الإقامة الدائمة.
الجنسية والإقامة، هي واحدة من التسهيلات التي تلجأ إليه الدول الباحثة عن المستثمرين، وبالتالي ما أعلنت عنه الحكومة أمس الأول ليس بدعة أردنية، بل هو إجراء متبع، ولكنه غير كاف، إذ لا بد أن يترافق معه الكثير من الإجراءات التي تجعل من المستثمر مطمئنا إلى أنه سيحقق الربح الوفير والاستقرار لاستثماره.
عوامل جذب الاستثمار كثيرة، وربما ليس لها حدود، ومن تلك الاستقرار التشريعي وتحديدا تلك القوانين التي ترتبط بالاستثمار بشكل أو بآخر، من مثل قانون الضريبة مثلا، إذ ليس معقولا أن يتم فتح القانون مرتين في مدة لا تزيد على أربع سنوات، ومن مثل كلفة الانتاج ومدخلاته، إذ لا يمكن الاطمئنان إلى الجدوى من الاستثمارات في ظل أسعار طاقة ومحروقات مرتفعة.
الكثير من الاستثمارات التي تأتي إلينا مرتبطة بالاستهلاك اليومي، إذ أن القرارات الحكومية المرتبطة بارتفاع الأسعار والضرائب وتحرير السلع تؤثر بشكل مباشر على قدرة المواطن الشرائية، الذي بات يعاني من ارتفاع الفاتورة اليومية عليه، من طاقة ومحروقات وغذاء ودواء وما إلى ذلك.
وبالتالي، فإن وضعا كهذا سيؤثر على الاستثمارات ذات الطابع الاستهلاكي، عندما لا يكون بمقدور المواطن الإقبال على المنتجات التي ينتجها المستثمر الأجنبي، وبالتالي تتعرض الاستثمارات للخسائر أو إلى نسبة متدنية من الأرباح لا تكون مجدية كثيرا بالنسبة للمستثمرين.
بالتالي، الجنسية والإقامة، وحتى الأمن والأمان الذي ننعم به في الأردن، ليست هي عوامل جذب وحيدة للاستثمار، إذ ثمة الكثير الذي يجب على الحكومة الاشتغال عليه لتشجع المستثمرين للاستثمار في بلادنا، ونعتقد أنه يجب أن يكون هناك أفكار خلاقة جديدة لننافس بها دول المنطقة على جلب المستثمرين.
قطاع المستشفيات الخاصة، عانى كثيرا خلال الفترة الماضية، وكان بالإمكان أن لا نصل إلى هذا الحد لو تم اتخاذ القرار في وقته المناسب، لكن أما والقرار قد صدر بالسماح للجنسيات المقيدة بالعلاج في المستشفيات الخاصة، فإن الأمر يحتاج أيضا من هذه المستشفيات أن تتبع برامج تنافسية جديدة تشجع العرب والأجانب على التوجه نحو مستشفياتنا، لأننا لسنا الوحيدين في المنطقة الذين نقدم خدمة طبية ممتازة، إذ لا يجب الاستهانة بقدرات الآخرين.
السياحة بمختلف أشكالها يجب أن تتحول إلى صناعة حقيقية واحترافية ولا يجب أن تتوقف عند أي حد وصولا إلى الاستثمار في السياحة الدينية التي نظن إن تم الاستثمار بها فإنها ستدر دخلا جيدا على الخزينة، وهذا حق لنا لا يجب التفريط فيه، وعلى الحكومة استثمار كل ما من شانه أن يخرجنا من مأزقنا الاقتصادي.//