كتله الإصلاح النيابية ومذكرة حجب الثقه عن الحكومه
كتله الإصلاح النيابية ومذكرة حجب الثقه عن الحكومه
مما لا شك فيه ان إجراءات حجب الثقه عن الحكومات في النظم الديمقراطيه الكامله ممارسه متبعه وهي حق دستوري للمجالس النيابية . لكن الفشل في حشد الاغلبيه اللازمه لحجب الثقه هي ثقه جديده بالحكومه وتعتبر هزيمه للمعارضه وانتصاراً للحكومه . ولذا يجب ان تكون هناك دراسه ووزن للأمور قبل طرح سحب الثقه من الحكومه واتخاذ أسباب نجاح التصويت . الا اذا كان الغرض منها هو تسجيل المواقف كما يجري عندنا .
ويأتي حديثي هذا على خلفيه عزم مجلس النواب الأردني مناقشه مذكره بحجب الثقه عن حكومه هاني الملقي بناء على مذكره تقدمت بها كتله الإصلاح النيابية ووقع عليها اثنان وعشرين نائباً والمقرر مناقشتها يوم الأحد القادم الموافق ١٨ / ٢ / ٢٠١٨ . فما هي غايه كتله الإصلاح النيابية من طرح هذا الموضوع حالياً وهل تملك امكانيه تحقيقه وحجب الثقه عن الحكومه ؟ أم ان هذا التصويت سيكون ثقه جديده من المجلس بهذه الحكومه من شأنها ان تمد في عمرها الى فتره قد تطول .
في البدايه لا بد من الاشاره الى القرار الخاطئ الذي اتخذته هذه الكتله بمقاطعه جلسه التصويت على الموازنه مما أدى الى إقرارها وبأغلبية بسيطه هي ٥٢٪ ومعارضه ٤٨٪ . في حين انه لو دخل أعضاء الكتله الى داخل القبة هم وبعض النواب الذين تضامنوا معهم بعدم الدخول وصوتوا ضد الميزانية لأدى ذلك لاسقاط قانونها ولكنا قد تجنبنا كل تبعات ذلك بما فيه مذكره حجب الثقه . فهل كان تغيبهم هو وسيله لتمرير الموازنه من غير ان يتحملوا وزرها ؟
والآن فأن كل ما جمعته هذه الكتله على مذكرتها لحجب الثقه لا يتجاوز اثنان وعشرين نائباً فعلى ماذا تعتمد هذه الكتله من خلال جلسه التصويت ؟ وهل هي محاوله لأعطاء حكومه الملقي ثقه جديده أم هي مجرد تسجيل موقف فقط امام قواعدها الانتخابيه ؟ .
تفسيري انا وتحليلي ان موقف هذه الكتله لا يخرج عن الاحتمالين التاليين : -
أولاً — محاوله منها لأستغلال الموقف الجماهيري من حكومه الملقي ومعارضته الشديده لها وموقفهم من أعضاء مجلس النواب وتحميلهم مسؤوليه إقرار الموازنه ومطالبتهم برحيل المجلس مما قد يجعل النواب يترددون في دعم الحكومه وعدم التصويت ضدها وبالتالي تصويتهم الى جانب حجب الثقه ، وبذلك تكون تلك الكتله قد حققت انتصاراً كبيراً على الحكومه مما قد يسعد شريحيه عريضه من الجماهير دون ان يعني ذلك ضروره ان ينعكس هذا الامر على الوضع العام في البلد لا من ناحيه ضمان القضاء على الفساد ومحاسبه الفاسدين ولا على تخفيض الأسعار او الضرائب والرسوم . حيث ان تحقيق الامرين يتطلب اكثر من تغيير الحكومه في ظل للظروف المحليه والدوليه التي يعيشها الاْردن ولكنه سوف ينعكس بالتأكيد على فرص هذه الكتله بالانتخابات القادمه
٢ — سعيها لزيادته الوقيعة ما بين الشعب من ناحيه والحكومه والنواب من ناحيه أخرى وذلك وكما هو متوقع من فشل حجب الثقه وعدم تصويت غالبيه النواب الى صالحها مما سوف يؤدي الى زياده الاحتقان الشعبي اتجاه الحكومه والمجلس والذي يمكن ان يصل الى مراحل متقدمه وربما الى اعمال عنف وشغب قد تجر البلاد الى الفوضى فيما هي تكون قد ظهرت بأنها الوحيده التي تعمل لصالح الشعب للأستفاده من ذلك لغايات انتخابيه قادمه مهما كان الثمن . وخاصه وهي تعلم ان الظروف الحاليه غير مهيئة لأن يتم التغيير عن طريق حجب الثقه من الحكومه من خلال مجلس النواب وان أعضاء مجلس النواب لايرغبون او غير قادرين على القيام بهذه الخطوه . وانه من الافضل في هذه الظروف ترك الامر لرأس النظام ليقوم به في الوقت المناسب وبالطريقه الملائمة .
ومن هذا نجد ان مغامره طرح الثقه في الحكومه حالياً لن يكون له اثر الا في صالح الوضع الجماهيري والانتخابي لهذه الكتله في أيه انتخابات قادمه وبثمن قد يكون غالٍ جداً .
فنحن نعلم ان حجب الثقه عن الحكومه يتطلب تصويت نصف النواب زائد واحد الى جانيه فيما يعتبر الامتناع عن التصويت والغياب هو منح ثقه لهذه الحكومه والتي هي احوج ما تكون اليه حالياً ، بل انه طوق نجاه لها مثلما حصل مع حكومه عبدالله النسور عندما فشل تصويت على حجب الثقه من حكومته مما اعتبر ثقه جديده بها في حينها .
لذا نجد ان حكومه الملقي راغبه في مواجهه هذا التحدي وقد أعدت له عدتها مما يجعل من المستبعد هزيمتها في التصويت . ولذا فأنني ارى ان المصلحه العامه تتطلب العدول عن هذا التصويت او تأجيله الى إشعار آخر . وان يترك لجلاله الملك المعظم اتخاذ القرار المناسب بالتغيير وأن يكون القرار قراره هو . وألا فأنني سوف اعتبر ان هذه الكتله تسعى لإعطاء الحكومه ثقه جديده قد تجعل رحيلها حالياً أمراً مستبعداً ، مثلما مكنتها من الفوز في التصويت على الموازنه .
وقبل ان اختم مقالي هذه لا بد من الاشاره الى رفض عضو كتله الإصلاح النيابية سعود ابو محفوظ لدعوه السفير الاميركي له للألتقاء به ليبحث معه موقف كتله الإصلاح النيابية من ازمه رفع الأسعار في الأردن معللا رفضه هذه الدعوه بسبب موقف الاداره الامريكيه الأهوج والمتطرف من بيت المقدس ومحاوله الالتفاف على الاداره والرعايه الاردنيه على مقدسات الامه . وهذا موقف يقدر لسعادة النائب سعود وكتلته ولكن لو كان الرفض ايضاً يشمل رفض بحث هذا الموضوع الأردني الداخلي مع السفاره الامريكيه ورفض تدخلها بالشؤون الاردنيه .